رأي

“لم يعد لدينا جيش، ولا شرطة، ولا دولة”.

إلى صحيفة الفاينانشال تايمز ومقال بعنوان “الأرمن “يفقدون وطنهم الأم” بسبب النفوذ الروسي في الخارج” كتبته بولينا إيفانوفا في مدينة غوريس الأرمينية.

تستهل الكاتبة مقالها بالإشارة إلة أنه في الأسبوع الماضي، كان فاردان تاديفوسيان لا يزال وزيرا للصحة في جمهورية ناغورنو كاراباخ الصغيرة، وإن كانت غير معترف بها دوليا، في جبال جنوب القوقاز، حيث كان يدير عشرات الموظفين الحكوميين ويدير واحدة من أكثر المرافق الطبية ازدحاما في المنطقة.

ولكن في غضون 24 ساعة، توقفت حكومة ناجورنو كاراباخ عن الوجود. وسرعان ما بدأ موظفو تاديفوسيان بمغادرة مكاتبهم؛ وأخلى المرضى أسرتهم في المستشفى، واختفى الأطباء والممرضات. لم يتبق سوى عدد قليل جدا من ضباط الشرطة لدرجة أن الشوارع بدت غير آمنة.

وحدها الطرق المؤدية إلى عاصمة المنطقة، ستيباناكيرت، كانت مزدحمة بعشرات الآلاف من الأرمن الفارين من المدينة بعد أن استعادت أذربيجان، الأسبوع الماضي، الجيب الانفصالي بالقوة في حرب قصيرة لكنها دموية. قتل فيها نحو 200 شخص بحسب مسؤولين محليين. ونُقل الجرحى إلى يريفان، العاصمة الأرمينية.

قال تاديفوسيان متحدثا للصحيفة، عبر الهاتف من المركز الطبي الذي أسسه قبل 25 عاما: لم يعد لدينا جيش، وليس لدينا شرطة، ولا دولة. وفي غضون يومين، لن يكون هناك سوى الأشباح. ستكون المدينة فارغة تماما”.

تمثل شوارع ستيباناكيرت الفارغة مأساة لأرمينيا، الدولة التي تعتبر المنطقة الجبلية معقل أجدادها، وهي نقطة نزاع بينها وبين جارتها الغنية بالنفط أذربيجان، والتي لها أيضا علاقات تاريخية بالمنطقة.

ما حدث الأسبوع الماضي يمثل نهاية مفاجئة ووحشية لواحد من أكثر النزاعات مرارة على الأراضي التي نشأت بعد انهيار الاتحاد السوفييتي. أصبحت المنطقة، التي تم الاعتراف بها دوليا على أنها تابعة لأذربيجان، تُعرف باسم الصراع “المجمد” النموذجي.

وبينما تعاني أرمينيا من أحداث الأسبوع الماضي، يبدو أن سيطرة روسيا على البلاد قد تضررت بشكل لا يمكن إصلاحه. كان يُنظر إلى موسكو منذ فترة طويلة على أنها الحليف الرئيسي لأرمينيا والضامن الأمني؛ وتوقع الأرمن أن تحمي الوضع الراهن وتمنع استيعاب كاراباخ في أذربيجان.

قالت صاحبة متجر سابقة في القرية، والتي أحضرت والدتها النحيلة والنحيفة البالغة من العمر 85 عامًا إلى المستشفى بعد رحلة الخروج من كاراباخ “آمالنا كانت معلقة على الروس، فهم إخواننا. لماذا سمحوا للأذربيجانيين بمعاملتنا بهذه الطريقة؟ “.

وانتقد رئيس الوزراء الأرميني، نيكول باشينيان، الأسبوع الماضي، روسيا علنا وشكك في عمل 2000 جندي روسي تم نشرهم منذ عام 2020 للحفاظ على السلام في كاراباخ.

من جهته قال الكرملين “نحن مقتنعون بأن القيادة الأرمنية ترتكب خطأً فادحا”، منددا بـ”ابتعاد باشينيان عن روسيا” و”حملته المحمومة المناهضة لروسيا” في وسائل الإعلام المحلية.

ومع اندلاع الاحتجاجات في يريفان بسبب خسارة كاراباخ، تحدث بعض الأرمن عن خوفهم من أن روسيا قد تغذي المظاهرات من أجل الضغط على باشينيان، أو حتى الإطاحة به، وهو ادعاء نفاه الكرملين بسرعة.

لكن ريتشارد جيراجوسيان، مدير مركز الدراسات الإقليمية، وهو مركز أبحاث في يريفان، يرى أن روسيا، المنشغلة بحربها المستنزفة في أوكرانيا، من غير المرجح أن تتدخل، كما هو معروف أنها تفعل عندما تنحرف الدول عن مسارها.

المصدر: بي بي سي بالعربي.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى