خاصأبرزرأي

لماذا لا يسأل الشعب اللبناني عن مواصفاته لرئيسه؟

باسم المرعبي: ناشر موقع رأي سياسي…

ما دامت جميع القوى السياسية في لبنان ومعها دول عديدة تهتم بالشأن اللبناني تريد اجراء الانتخابات الرئاسية، فما الذي يمنع إذاً من إنجاز هذ الإستحقاق لكي ينتظم عمل المؤسسات وتبدأ عملية النهوض الاقتصادي والمالي بعد أن تلقى لبنان في غضون السنوات القليلة الماضية ضربات عدة على الرأس أفقدته توازنه الداخلي وحضوره الخارجي، من أزمة “كورونا” وما خّلفته من آثار سلبية على مجمل الوضع العام، الى تدهور سعر صرف الليرة امام الدولار والذي كان بمثابة الانهيار الكبير، الى أن حدث انفجار المرفأ الذي خلف أضراراً في مختلف القطاعات الاقتصادية والصحية، والتربوية، والمصرفية وهي ضربة اعادت لبنان عشرات السنين الى الوراء، سيما وأن هذا الإنفجار حصل في الوقت التي تعاني فيه الدولة الإهتراء.

هل يعقل في بلد يعاني ما يعانيه من تحلل واهتراء على كل المستويات، يختلف فيه أهل السياسة على مسألة كان يفترض أن تحصل بعيداً عن أي ضجيج في بلد ديموقراطي برلماني هي انتخاب رئيس للجمهورية. لا شك انه أمر مستهجن أن تقفل فيه كل الابواب في الداخل أمام الإتفاق على رئيس، ويترك للخارج أن يتدخل ويرسم سياسة البلد نيابة عن أهله، بما يظهر السياسيين وكأنهم لم يبلغو سن الرشد السياسي بعد، وأنه لا بد وأن يكون للخارج الكلمة الفصل في عملية انتخاب الرئيس.

ويبدو من خلال عدم المبالاة التي يتعامل بها السياسيون مع الاستحقاق الرئاسي، وكأن الأمر لا يعنيهم، يمكن أن يستمر الشغور لأكثر من عام اضافي ما دام النواب يتقاعسون عن القيام بواجباتهم الدستورية، وطالما لم تأتِ إشارات من بعض الدول الإقليمية والدولية تملي عليهم الانتخاب.

وتُوحي المعطيات الموجودة بأن المختلفين على سدة الرئاسة من أية جهة كانوا لا يشعرون بفداحة الواقع المعيشي الذي يرزح تحته اللبنانيون. ويغيب في الوقت ذاته الكلام عن الإصلاح ومكافحة الفساد، والواقع المعيشي والاقتصادي المتأزم لصالح استمرار الخلاف.

من هنا لا بد من السؤال البديهي في هكذا حالة، لماذا تسأل قلة من السياسيين، عن المواصفات التي يريدونها للرئيس العتيد، ولماذا يفسح المجال أمام دول اقليمية ودولية تحديد مواصفات هذا الرئيس، ولا يسأل الشعب اللبناني لمرة واحدة عن المواصفات التي يرغب أن يتصف بها رئيسه؟ علماً أن هذا الشعب هو الأكثر تأثراً بشغور الكرسي الرئاسي الذي ينعكس سلباً على كل نواحي الحياة، سيما وأن الشعب يئن تحت وطأة أزمات متشعبة قلبت حياته رأساً على عقب، وهي حالة من غير المتوقع أن يخرج منها لسنوات عدة.

ومن خلال المتابعة لمسار التحركات الجارية في الداخل والخارج لانتخاب رئيس، يتبين استحالة الوصول الى هذا الهدف في ظل سياسة الابواب المغلقة التي تتبعها بعض الجهات السياسية، وفي ظل عدم نضوج تسوية اقليمية ودولية، ولذلك لا بد من العودة الى ما كانت عليه الاوضاع في استحقاقات مماثلة من قبل، أي العمل على قاعدة الرئيس الراحل صائب سلام الذي ابتدع معادلة “التفهم والتفاهم”، وهي دعوة واضحة الى الحوار ، والتشديد على أن”لا غالب ولا مغلوب” بين المكونات السياسية اللبنانية، فهذه العودة الى الماضي في كيفية مقاربة الامور الخلافية، ضرورية لتذكير المسؤولين بأن نتائج عدم انتخاب رئيس وخيمة، وأنه لا بد وأن يتواضعوا ويعملوا لمصلحة البلاد والعباد، لا فقط لمصالحهم الخاصة ومكتسباتهم السياسية.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى