خاصرأي

قمة العشرين تجمع الضاديين، وبيان متوازن مراعاة لروسيا والصين.

تيريز القسيس صعب

خاص_ رأي سياسي

تستعد العاصمة الهندية نيودلهي لاستضافة قمة مجموعة العشرين تحت شعار “أرض واحدة، عائلة واحدة، مستقبل واحد”، في التاسع والعاشر من الحالي، وسط تدابير أمنية مشددة، لدرجة ان الحكومة الهندية أعطت مواطنيها عطلة لثلاثة ايام في القطاعات الحكومية والتربوية والاقتصادية، بهدف تسهيل انتقال الوفود الرسمية المدعوة لهذه القمة.
وقررت الحكومة نشر نحو ١٣٠ ألف رجل امن وشرطة بهدف تامين حماية المدعويين وتسهيل تنقلاتهم، وتجنيد الموظفين والطاقم الحكومي مما سيعزز ويقوي دورها السياسي والامني وسيعطي صورة اوضح لطاقاتها على كافة المستويات عالميا.

وتسعى الهند من خلال هذه القمة الى التركيز على النمو الاقتصادي العالمي والغذاء والطاقة، وتحقيق تقدم جريئ في مجالات الصحة والزراعة والتعليم، بالإضافة إلى حشد التمويل للتخفيف من آثار تغير المناخ والأمن الغذائي العالمي، وتعزيز مكافحة الجرائم المالية، وإصلاح المؤسسات المتعددة الأطراف لتصبح أكثر شمولاً.

هذا الحدث الديبلوماسي التاريخي سيشارك فيه كبار قادة الدول والمنظمات الدولية والاقتصادية اضافة الى مدعووين عرب وأجانب من مختلف أنحاء العالم.
ومن أبرزهم الرئيس الأميركي جو بايدن، الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، العاهل السعودي الملك سلمان، رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك، الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، رئيس دولة الإمارات الشيخ زايد، وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ممثلا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الأمين العام للامم المتحدة انطونيو غوتيريس…. وشخصيات سياسية واقتصادية أخرى.
اما الصين، القوة الاقتصادية الاقوى عالميا، فمن المرجح الا تحضر القمة، وذلك يعود ربما لانزعاجها من التقارب الهندي الأميركي على المستويات الاقتصادية العسكرية والتكنولوجية، اضافة الى العلاقات المتينة والقوية التي تربطها بروسيا، وذلك بحسب ما فسره مصدر ديبلوماسي غربي.
مجموعة العشرين التي تعتبر المنتدى الأول للتعاون الاقتصادي الدولي، ستؤدي دورا هاما في تشكيل وتعزيز الهيكلية العالمية في جميع القضايا الرئيسية الاقتصادية والدولية.
الا ان هذا العام، فان ما ستحققه هذه القمة لم تستطع اي دولة عظمى انجازه، وسيسجل اجتماع هذه المجموعة نقطة متقدمة على المسار الدولي، فيجتمع تحت سقفها الاضداد الدوليين على طاولة واحدة في مشهدية غابت عن أعين المراقبين والديبلوماسيين منذ فترة. فمجموعة دول السبع G7، ومجموعة “البريكس” اللتين تحاولان فرض وجودهما الاقوى والافعل على الساحتين السياسية والاقتصادية، سيتحاوران ويتناقشان، ويتنافسان حول قضايا دولية سياسية واقتصادية حساسة ومصيرية.
غير ان المتابعين لاجواء تحضيرات هذه المجموعة يعتبرون ان امام دول “البريكس” طريق طويل كي يتمكنوا من ترؤوس العالم، ويتصدروا اقتصادها وعملتها.
ويتبين من خلال كل التقارير الاقتصادية والمحللين الدوليين ان الولايات المتحدة وعلى الرغم من الأزمات الحادة التي أدت إلى تراجع اقتصادها بعض الشيئ، الا انها ما تزال تتصدر العالم في وجه التباطئ في النمو الصيني الذي ضرب إلى حد ما اقتصادها خلال العام المنصرم والحالي.

بيان متوازن

اما في ما يتعلق بفحوى البيان الختامى للقمة، فإن بند الحرب الروسية على اوكرانيا ونتائجها على دول العالم سيكون من ابرز لا بل البند الاساسي السياسي الذي سيتصدر مناقشة الرؤساء خلال القمة، الا انه قد لا يتضمن اي فقرة او لغة تستفز روسيا او الصين، وذلك بهدف الحفاظ على تماسك هذه المجموعة الدولية ووحدتها وتضامنها العالمي.
فالهند تسعى مع حلفائها واصدقائها الدوليين إلى تكثيف الاتصالات والمشاورات للخروج ببيان متوازن يجمع افكار وتطلعات المجتمعين، وفق قواسم مشتركة يعالج كافة القضايا بعيدا عن اي استفزازات او انتقادات او انقسامات تظهر إلى العلن، وتؤدي إلى فشل هذه القمة.
وقد يلتقي المجتمعون على ضرورة معالجة الازمات السياسية والاقتصادية عبر طريق التحاور والحلول الديبلوماسية بعيدا عن لغة الصراعات العسكرية.
من هنا فإن نقاشات الرؤساء لن تكون سهلة بطبيعة الحال نظرا للانقسامات الدولية الموجودة حول الحرب على اوكرانيا، لكن الهند تحاول عبر ضغط الاتصالات الى الخروج باقل خسائر سياسية واقتصادية ممكنة حول هذا الموضوع.

إشارة اخيرة إلى أن مجموعة العشرين التي تاسست في العام ١٩٩٩ بعد الأزمة المالية الاقتصادية، تضم كل من دولة الأرجنتين وأستراليا والبرازيل وكندا والصين وفرنسا وألمانيا والهند وإندونيسيا وإيطاليا واليابان وجمهورية كوريا والمكسيك وروسيا والمملكة العربية السعودية وجنوب إفريقيا وتركيا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي. ويمثل أعضاؤها حوالي ٨٥٪ من الناتج المحلي الإجمالي العالمي ، وأكثر من ٧٥٪ من التجارة العالمية ، وحوالي ثلثي سكان العالم.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى