عون الى السباق الرئاسي من جديد
كتبت هيام قصيفي في” الاخبار”: رفع الرئيس ميشال عون سقف المعركة الى الحدّ الأعلى بفتحه موضوع الرئاسة مع بداية السنة الأخيرة من عهده، وأظهر تلويحه أكثر من مرة، من خلال كلام مباشر أو توضيحات أو مقابلات، أن الرغبة في البقاء في قصر بعبدا قائمة، لكن البحث الجدي يدور حول قوننة هذا البقاء. إلا أن عون في كلامه حول ربط بقائه بقرار مجلس النواب، يفتح الباب أمام اجتهادات التلميح بأن لا انتخابات نيابية بالمطلق حتى قبل حسم الرئاسة. والمعادلة بذلك بسيطة، كون أول المؤشرات، وليس ارتفاع تسجيل المغتربين وحده، ترمي ظلالاً من الشك حول استعادة الأكثرية الحالية في المجلس النيابي المقاعد نفسها أو حصول التيار الوطني على الحصة ذاتها، ما يطرح السؤال: أيّ مجلس نيابي سيمدّد لرئيس الجمهورية؟ مجلس عام 2022 الذي تحاول المعارضة تجميع نفسها لكسب الأكثرية فيه، وقد بدأت الأموال تُضَخّ بكثافة تحت عناوين مختلفة لخوض الانتخابات ضد العهد كهدف أول، ولا سيما بعد الاستنهاض الذي أحدثه الكلام الأخير لرئيس التيار جبران باسيل، أم مجلس عام 2018 الممدّد لنفسه برئاسة الرئيس نبيه بري والذي لم تلاق رسائل رئيس الجمهورية إليه أيّ صدى فيه؟
لم يفتح عون معركة خلافته كما جرت عادته، بل وضع نفسه مجدداً في السباق الرئاسي، ليضع المرشحين التقليديين في منافسة معه، أو لطرح التسوية الرئاسية على الطاولة. وأول هؤلاء قائد الجيش العماد جوزف عون. في أول تلمّس لوضع قيادة الجيش والحرس الجمهوري إذا رفض عون مغادرة القصر الجمهوري من دون مسوّغ قانوني، يكون الجواب التقليدي أن الجيش، والحرس الجمهوري تابع له، سيتصرف كما جرى مع انتهاء عهدَي الرئيسين إميل لحود وميشال سليمان، أي أن إمرة الحرس الجمهوري، رغم التعيينات التي جرت فيه والمحسوبة على رئيس التيار الوطني الحر، ستعود عملانياً وفعلياً الى قائد الجيش مع انتهاء الولاية الدستورية لرئيس الجمهورية. لكن القضية باتت تأخذ أبعاداً أخرى مع طرح مسوّغات قانونية لبقاء عون، ما يعني أن قائد الجيش المرشح لرئاسة الجمهورية لن يكون على موعد مع فراغ رئاسي يتيح له أن يكون مرشحاً طبيعياً لرئاسة الجمهورية على غرار ما حصل مع الرئيس ميشال سليمان، بعد انقضاء مهلة تقديم استقالته. وحده الفراغ قد يأتي به رئيساً، فيصبح المشروع الوحيد للقائد المرشح لرئاسة الجمهورية أن يحصل فراغ رئاسي. لكن رئيس الجمهورية يقطع الطريق أمامه، ليصير قائد الجيش منافساً له، وليس منافساً لباسيل فقط. وهنا يصبح وضعه في السنة الأخيرة على المحكّ، مع أي خطوة يقوم بها خارجياً، أو أداء خاطئ يرتكبه ومجموعة المحيطين به عسكريين ومدنيين. الأكيد أن طلب استبداله في السنة الأخيرة لن يكون مطروحاً كما حصل سابقاً مع طلب عون وباسيل تغيير قائد الجيش العماد جان قهوجي في حكومة الرئيس تمام سلام في عهد سليمان، لأسباب أميركية بالدرجة الأولى، لكن في المقابل لن يكون سهلاً على قائد الجيش خوض معركة رئاسية مكشوفة في ظل ما يضعه العهد وباسيل من مشاريع طموحة، ولو وضعت مستقبل الرئاسة الأولى في دائرة الخطر.