أبرزرأي

عوامل كثيرة تمنع إنهيار اتفاق وقف النار جنوبًا

حسين زلغوط – خاص موقع “رأي سياسي”:

شهد اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله، منذ اليوم الأول لدخوله حيّز التنفيذ فجر الأربعاء 27 تشرين الثاني الماضي، خروقات إسرائيلية واسعة وضعت الإتفاق أمام اختبار حقيقي لمدى قدرته على الصمود.
ففي الساعات الأولى من تنفيذ الاتفاق، خرق جيش العدو الإسرائيلي بنوده، فقد استهدف المدنيين وشن غارات جوية على مناطق لبنانية، بما في ذلك تلك الواقعة شمال نهر الليطاني، وفي الوقت نفسه منع سكان أكثر من 60 بلدة جنوبية من العودة إلى منازلهم وفرض حظر تجوال ليلي يستمر من الخامسة مساء حتى ساعات الصباح.
في المقابل، وبعد أن بلغت الخروقات الإسرائيلية ذروتها بتجاوز 60 خرقا، خرج “حزب الله” عن صمته ووجّه أول رد تحذيري باستهداف موقع رويسات العلم التابع للجيش الإسرائيلي في تلال كفرشوبا اللبنانية المحتلة، باعثا برسالة بما معناه العين بالعين والبادئ أظلم، وأكد أن المراجعات للجهات المعنية بوقف هذه الخروقات لم تفلح.
وقد جاء هذا التطور في فترة فاصلة بين قرار تشكيل لجنة المراقبة الدولية وتعيين أعضائها، لكن سرعان
ما أسفرت الاتصالات الأميركية التي تمت على عجل ، تأكيد الطرفين التزامهما ببنود الاتفاق.
كذلك تدخلت فرنسا على خط التهدئة، ولأجل ذلك من المتوقع أن يصل وزير الدفاع الفرنسي سيباستيان ليكورنو إلى لبنان خلال الساعات المقبلة لبحث تنفيذ قرارات وقف إطلاق النار والإشراف على عمل لجنة المراقبة الخماسية التي ستجتمع اليوم مع كل من رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، على أن تعقد اول اجتماعاتها العملية والميدانية يوم غدٍ الجمعة في مقرّ قيادة قوات الامم المتحدة “اليونيفيل” في الناقورة التي سينتقل اليها الجميع، بعدما اتخذ الجنرال جيفيرز مقراً ثابتاً له في السفارة الاميركية في عوكر، حيث تمركز في إحدى مبانيها معاونوه من الضباط الاثني عشر الذين يساعدونه في مهمّته التي كلّفته اياها القيادة الوسطى للجيش الأميركي.
وكما هو معلوم فإن تشكيل اللجنة هو من البنود الإضافية التي جاءت في إطار الـ”1701 Plus” ولم تتضح بعد آلية عملها ، فيما رأى كثر من بينهم نواب في المعارضة بأنها تشكل نوعاً من أنواع الوصاية على لبنان، وتطبيقاً غير معلن للفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، وعلى مستوى ضباط دوليين.
وكشفت المعلومات أن فريق عمل رئيس اللجنة الأوّلي مؤلف من 12 شخصاً سيتولّون في المرحلة الأولى التأسيس لمهمّة المراقبة، وهذه اللجنة ستشرف على انسحاب القوات الاسرائيلية من المناطق التي احتلتها الى ما وراء الخط الازرق وفق روزنامة محددة ضمن مهلة الستين يوما، كما ستواكب ايضا انتشار الجيش حتى الحدود وتنفيذه للبند المتعلق بمنع الوجود المسلح لحزب الله جنوبي الليطاني .
وبحسب مصادر مطلعة، فان الجيش اللبناني وضع خطة جاهزة لانتشاره، وانه سيتابع انتشاره وفقا لها انسجاما مع نص الاتفاق.
واشارت الى ان مباشرة عمل اللجنة الخماسية ستساهم في ترجمة هذا الانتشار بشكل متواصل وفـاعل .
أما مدة عمل لجنة المراقبة ونجاحها تعتمد على آلية التنفيذ، التي تضم القوات المسلحة اللبنانية وقوات الـ”يونيفيل”.
ولا بد من الإشارة إلى أن اللجنة الحالية شبيهة باللجنة الثلاثية القائمة منذ اتفاق الهدنة، التي تضم لبنان وإسرائيل والأمم المتحدة، وهي بطبيعتها الحالية باتت خماسية مع انضمام أميركا وفرنسا إليها، وهذا يدل على أن هناك جديداً أضيف إلى القرار الدولي 1701 بحيث بات يتمتع برعاية جديدة هي رعاية الولايات المتحدة، وذلك بالتوافق بين إسرائيل ولبنان.
ومن المعلوم ايضا أن أميركا حاولت توسيع اللجنة لتضم كلاً من بريطانيا وألمانيا، لكن “حزب الله” رفض ذلك لأن الدولتين وضعتاه على لائحة المنظمات الإرهابية ولم تميزا كما فرنسا بين جناحيه العسكري والسياسي، وهو ما سمح بعدم اعتراض الحزب على مشاركة فرنسا التي تربطها بالحزب علاقات مستمرة، فضلاً عن أن لفرنسا دوراً دائماً في لبنان، فيما الدور الألماني محدود وكذلك البريطاني.
والسؤال البديهي المطروح الآن هو هل يمكن أن تطيح الخروقات الإسرائيلية المتكررة بهذا الإتفاق ؟الجواب هو أن انهيار الاتفاق مستبعد لأسباب متعددة، فمن مصلحة إسرائيل الحفاظ عليه لضمان أمن مستوطناتها الشمالية واستعادة المستوطنين الذين غادروا المناطق الحدودية، كما أن الولايات المتحدة تعمل على تجنب تصعيد جديد في المنطقة، في حين يسعى الدور الفرنسي للتهدئة والمضي نحو تسوية سياسية، أما لبنان فإنه يحرص على تجنب عدوان جديد على شاكلة عدوان أيلول الذي تكبد خلاله لبنان خسائر كبيرة في البشر والحجر.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى