مقابلات خاصة

جاسم عجاقة ل “رأي سياسي” ان كنت ضد الدولرة… والرجوع عنها ليس سهلًا وبحاجة الى عقود من الزمن لتتمكن من إعطاء الثقة للعملة الوطنية

استوضح “رأي سياسي” موضوع تثبيت سعر صرف الليرة اللبنانية مقابل الدولار الأميركي حاليًا، وهل هو تثبيت وهمي، كما حصل ولمدة 27 سنة في تثبيت الليرة على سعر 1500، الخبير الإقتصادي الدكتور جاسم عجاقة، فاعتبر أن سعر ال 1500 صحيح أنه كان سعر مثبّتًا، لكنه كان يخدم الإقتصاد اللبناني من خلال النشاط الإقتصادي الذي كان يستخدم الليرة اللبنانية. أما الفارق الأساسي عن السابق هو أن الليرة لم تعد تخدم الإقتصاد اللبناني، فالدولرة هي السائدة اليوم على اقتصادنا، وبالتالي السعر الموضوع اليوم وهو 89500 ليرة لبنانية مقابل الدولار الواحد، فهو أولًا لا يعكس النشاط الإقتصادي، لأنه خارج عنه بسبب دولرة كل شيء. وثانيًا السؤال المطروح اليوم، لماذا 89500 وليس 50 ألفًا ومئة ألف؟ فهذا التثبيت اليوم على هذا السعر له اعتبارات أخرى.
وعما اذا كان هذا الثبات مضمون، قال البروفسور عجاقة: مجرد وضع الليرة بالنشاط الإقتصادي، أي عودة الناس تقبض وتدفع بالليرة، تلقائيًا وبكل بساطة ستعود لتشهد ارتفاعًا بسعر صرف الدولار مقابل الليرة. الإستقرار الحاصل اليوم هو بسبب سحب الليرة من السوق. فالليرة اليوم أصبحت كسلعة، نتيجة العرض والطلب، وجحم الكتلة النقدية بالليرة اللبنانية منخفض وبالتالي سبقى السعر على ما هو عليه.
وعن الدولرة ومستقبلها في لبنان، قال البروفسور عجاقة: أنا كنت ضد الدولرة وأصدرت عدة دراسات حولها وحول خطورتها على الإقتصاد اللبناني، وقلت أن في العالم هناك 65 دولة تستخدم الدولار غير الولايات المتحدة الأميركية، وبين ال 65 دولة هناك ست دول تعتمدها كعملة أساسية. الدولار الأميركي يدخل في صلب النشاط الإقتصادي لهذه الدول كل بحسب مستواه. موضوع الدولرة خطر جدًا. خطر لأنه بسبب إقتصاد ال”كاش” ولا نعرف مصادر المال من أين هي بالتحديد، فالناس مسرورة وهم يعتقدون أن البحبوحة عادت. هذا الموضوع خطير جدًا لأنك لا تستطيع التراجع عن الدولرة والرجوع عنها ليس سهلًا. فأنت بحاجة الى عقود من الزمن لتتمكن من إعطاء الثقة للعملة الوطنية، والثقة بحاجة الى إصلاحات اقتصادية على الأرض وبحاجة الى اتفاقات مع صندوق النقد لجلب استثمارات خادرجية وهذا يتطلب وقتًا طويلًا ، والدولرة هي خيار خاطىء وما زلت عند رأيي في هذا الموضوع. وعندما سنتخلى عن الدولرة سيزداد الدين علينا ونسبة الفقر.
وبالنسبة للودائع في المصارف قال أحد المسؤولين في مصرف كبير أنه مستعد لدفع كل الودائع التي لا تتخطى المئة ألف دولار أميركي. الموضوع كيف تريد دفع لمن لا تتخطى وديعتهم المئة ألف وترفض دفع للذين تفوق وديعتهم المئة ألف. الدولة سندات “اليوروبوندز” استدانة من الناس وتخلفت عن سداد المستحق عليها. هذا أمر يفتقد الى الثقة. لذلك فإن مسألة الودائع معقدة وباتت أكثر تعقيدًا بين الشعبوية وبين الدولة التي تريد شطب الديون المستحقة عليها، وهذا أمر واضح جدًا وهو موضوع في خطة الحكومة، وبين المصارف التي تريد تحميل الدولة وحدها المسؤولية وبين أراء لا تمت الى الواقع بصلة. والذي كان يُنقل عن صندوق النقد الدولي من قبل الحكومة اللبنانية، لم يكن واضحًا كثيرًا. فهناك في الحكومة من يقةل أن صندوق النقد موافق على الخطة. فنحن علينا أن نصدق المصدر الرسمي، أي الحكومة. ولكن فإن صندوق النقد رافض لأن يبقى موضوع الدين عند الحكومة التي يتوجب عليها 96 مليار دولار، وهذا الرقم كان قبل الأزمة. فهذا دين على الدولة. وبعد انخفاض قيمة العملة الوطنية، انخفض الدين المتوجب على الدولة. والفجوة الموجودة في مصرف لبنان هي نتيجة نقل عجز موازنات الحكومة الى مصرف لبنان. وتقرير “الفاريز اند مرسال” يشير الى هذا الأمر. لذلك فإن صندوق النقد الدولي يرفض ان يبقى دين الدولة 500 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي. أي إذا بقي الدين 96 مليار دولار أو مئة مليار تقريبًا والناتج المحلي الإجمالي 20 مليار، أي 500 بالمئة بالتالي فلا يوافق صندوق النقد الدولي أن يعطي دولة دينًا 3 مليار دولار وهو يعرف أن عليها دينًا 500 بالمئة. وإن أية عملية شطب للدين، ستنعكس تلقائيًا على الودائع. بحسب تقرير بنك “أوف أميركا” في شهر تشرين الثاني 2019، يؤكد أن 85 بالمئة من الدين يأتي من القطاع المصرفي، أي من أموال المودعين. لذلك عن أية خطة يتحدثون؟ القضية هي قضية دين عام. ويجب حلّ موضوع الدين العام قبل حل موضوع الودائع. اعتقد أن الودائع هي رهينة الدين العام وكل قرار يُتخذ على هذا الصعيد يكون بعد حل موضوع الدين العام ولا يكون منفصلًا عنه، حتى لو كانت هناك تعاميم ترد “من الجمل دينتو” للمودعين.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى