توجُّه عوني نحو بكركي بحثاً عن تغطية للصدام مع الثنائي
كتبت صحيفة “اللواء” : في خطوة، ذات دلالات متعددة، يشارك لبنان، ممثلا برئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي في اجتماعات القمة العربية – الصينية اليوم في الرياض، والذي كان وصل امس الى المملكة على رأس وفد رسمي ضم ثلاثة وزراء واربعة سفراء، ليتسنى للبنان ان يستفيد من ثمار اتفاقية الشراكة العربية- الصينية في مجالات الاستثمار والطاقة والتبادل التجاري والصناعي..
وذكرت وكالة الانباء السعودية (واس) أن رئيس وزراء جمهورية لبنان نجيب ميقاتي والوفد المرافق له، وصلوا إلى الرياض أمس, للمشاركة في قمة الرياض العربية الصينية للتعاون والتنمية. وكان في استقباله بمطار الملك خالد الدولي الأمير محمد بن عبدالرحمن بن عبدالعزيز نائب أمير منطقة الرياض، وسفير خادم الحرمين الشريفين لدى لبنان وليد بن عبدالله بخاري، وسفير جمهورية لبنان لدى المملكة الدكتور فوزي كباره.
ويضم الوفد وزير الخارجية والمغتربين عبدالله بوحبيب، وزير المال يوسف الخليل، وزير الصناعة جورج بوشيكيان، مستشار الرئيس ميقاتي الوزير السابق نقولا نحاس،سفير لبنان في المملكة فوزي كبارة، سفير لبنان في مصر ولدى جامعة الدول العربية علي الحلبي، وسفيرة لبنان في جمهورية الصين الشعبية ميليا جبور.
ومع هذا التطور في العلاقة مع المملكة ودول الخليج والاعتدال العربي، يرى مصدر دبلوماسي لبناني ان البلد علي سكة تصحيح العلاقات مع العواصم العربية من زاوية الانتماء والمصالح المشتركة والحرص على استقرار لبنان وخروجه من الازمات التي يعاني منها. وبانتظار تطورات في المشهد الاقليمي- العربي- الدولي تجاه لبنان، علمت «اللواء» من مصدر مطلع في العاصمة الفرنسية ان حتى مساء امس، لم يكن الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، حسم امر مجيئه الى لبنان، لتفقد كتيبة بلاده العاملة ضمن اليونيفيل.
أما على الصعيد المحلي، فقد ظلل الخلاف الذي خرج الى العلن بين التيار الوطني الحر وحزب الله، على الجلسة التاسعة التي عقدها مجلس النواب قبل ظهر امس، لانتخاب رئيس للجمهورية حيث تعالت خلالها الورقة البيضاء (الثنائي الشيعي وحلفاؤه) والمرشح النائب ميشال معوض (القوات اللبنانية والكتائب والتجدد واللقاء الديمقراطي) بحيث سجل الرقم 39 للجانبين.
على ان الجلسة، على الرغم من الرتابة والتكرار، لم تخلِ من نقطتين جديدتين، الاولى: تتعلق بـ «حركات برتقالية» في صندوقة الاقتراع، بعدت عن الورقة البيضاء، وتوزعت بين «ميشال» و«معوض» كل ورقة على حدّة (4 ورقات)، لكنها لم تحتسب، وكذلك بضع ورقات لبدري ضاهر (مدير عام الجمارك الموقوف في ضوء تحقيقات انفجار مرفأ بيروت، فيما غاب نائب رئيس المجلس الياس بوصعب، الذي دأب في جلسات سابقة على انتخاب الوزراء زياد بارود.
وبحسب مصادر نيابية، انه لا معنى لأوراق التيار البرتقالي في جلسة امس، سوى ارسال رسالة «للثنائي الشيعي» ان ما هدَّد به باسيل عن عدم التنسيق في ما خص انتخاب الرئيس ماضٍ به، وما جرى في الجلسة-9 هو الدليل على جدية رئيس التيار..
ان النقطة الثانية، فتتصل باطلاق الرئيس نبيه بري دعوة لرؤساء الكتل النيابية، لاعطائه جواباً في ما خصَّ رأي النواب والكتل جميعاً بموضوع الحوار في مجلس النواب، واذا كان الرأي ايجابياً فستتحول جلسة الخميس المقبل، وفي تحمل رقم 10 الى جلسة للحوار، وإلَّا فتبقى جلسة انتخاب، ولكن اخيرة لهذا العام.
إذاً، حسب مصادر نيابية، اختار تكتل لبنان القوي التهدئة مع حزب الله والثنائي، بعد البيان، غير المسبوق من العلاقات الاعلامية في حزب الله رداً على ما جاء في المؤتمر الصحفي للنائب باسيل الثلاثاء الماضي باتهام الحزب بالنكث بوعده لجهة عدم المشاركة في مجلس الوزراء ما لم يشارك وزراء التيار الوطني الحر، فجاءت اوراق نوابه مدروسة، لدرجة لا تستفز «الثنائي»، في الوقت نفسه تبعث على الاعتقاد بأن المسار آخذ بالتبدُّل.
ولئن شاءت الصدفة، ان يلتقي النائب باسيل مع نفر من اعضاء كتلته على الواقف، مع النائب من حزب «تفاهم مار مخايل» او كتلة الوفاء للمقاومة النائب حسن فضل الله وعلي عمار لتبادل السلام والكلام، فإن معلومات اخرى تحدثت عن لقاء عقد، دبَّره النائب في كتلة لبنان القوي آلا عون، وعقد في احدى غرف المجلس، لاحتواء الخلاف، ومنعه من تجاوز الخط الاحمر.
وقالت مصادر سياسية ان رد كتلة نواب التيار الوطني الحر، على حزب الله، بالتخلي جزئيا عن التصويت بالورقة البيضاء، وتوزيع بعض الاصوات باتجاهات اخرى بجلسة انتخاب رئيس الجمهورية بالامس، كان واضحا من خلال تدني عدد الأوراق البيضاء، ويأتي تنفيذا لتهديدات رئيس التكتل جبران باسيل، للرد على الصفعة التي تلقاها بانعقاد مجلس الوزراء، بدعم من الحزب، رغما عنه، ولم تنفع كل محاولات الصاق تهمة زيادة عدد الأوراق البيضاء بخصوم التيار، وتحديدا، بنواب كتلة التنمية والتحرير، بهدف اذكاء الخلاف مع الحزب.
ووصفت المصادر تصرف كتلة التيار الوطني الحر هذه، بالمناورة لجس رد فعل الحزب عليها، ولكنها لم تتخط الخطوط الحمر لعلاقة الحزب مع التيار الوطني حتى الان، الا انها تعبر بوضوح عن، احتمال انتهاج كتلة التيار لخيارات مغايرة لما يريد الحزب فرضه عليه، ولا سيما تأييد انتخاب رئيس تيار المردة سليمان فرنجية للرئاسة، واعتبرت ان المؤشرات الاولية للتصعيد السياسي بين الحليفين، تشتت الاصوات التي كانت تشكل كتلة متراصة في معظم الاستحقاقات، وتراجع واضح في حظوظ فرنجية للرئاسة، بالرغم من استمرار حزب الله بدعمه ضمنيا، من دون تبني ترشيحه علنيا، جراء عدم ضمانة تأمين الاصوات اللازمة لفوزه بالرئاسة، وهذا الامر يحقق جانبا من الاهداف التي يسعى باسيل الى تحقيقها، جراء تصعيد الخلاف الحاصل مع حزب الله، ولكنه من الصعب أن يتكهن بما يكون عليه الرد عليه، ولاسيما انه لا يحبذ انتخاب بعض الذين تتردد اسماؤهم بالسباق الى الرئاسة الاولى وتحديدا قائد الجيش العماد جوزف عون.
من جانب آخر توقعت مصادر متابعة لزيارة رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران الى بكركي اليوم، بأنها محاولة متجددة لباسيل للطلب من البطريرك الماروني بشارة الراعي جمع القيادات المارونية في الصرح البطريركي وتحت جناحه، لتبديد التباينات القائمة، وإجراء مصالحة بينهم، والتحاور للتفاهم على مرشح للرئاسة، بموافقة الجميع، الى جانب وضعه في مجريات انعقاد جلسة مجلس الوزراء وخلفياتها.
واستبعدت المصادر ان يوافق البطريرك على طلب باسيل، نظرا لحدة الخلافات التي تحكم العلاقات بين هؤلاء القيادات واستحالة اتفاقهم على مرشح واحد لخوض الانتخابات الرئاسية.
وفي ما خص مبادرة الرئيس بري فقد جاءت للرد على المطالبات النيابية الجديدة بالحوار، وإن ربطها البعض بالإبقاء على جلسات الانتخاب مفتوحة بالتزامن مع حلقات حوارية داخل القاعة العامة او خارجها، وبذلك يكون رئيس المجلس وضع الجميع امام مسؤولياته، بعد تحميله كرئيس للمجلس مسؤولية «التعطيل من اقرب المقربين اليه».
ولاحظت مصادر نيابية ان التوتر الذي رافق انعقاد جلسة مجلس الوزراء، ومشاركة «حزب الله» في الجلسة، وما صدر عن النائب جبران باسيل بالامس، ليترجم في عملية الاقتراع، حيث انخفضت بورصة الاوراق البيضاء الى 39 (بعد تسجيل عدد من نواب التيار في اربع اوراق انقسمت بين ميشال على حدة، مقابل معوض، واخرى معوض بدري ضاهر)، لتتساوى البيضاء مع ما ناله النائب ميشال معوض 39 صوتاً، ما فسرته المصادر النيابية انه رسالة مدروسة ورد غير مباشر على الحزب، وهو ما ترجم بلقاء بين باسيل وبعض نواب «الوفاء للمقاومة»، بعد انفراط عقد الجلسة، علما ان نواب الحزب كانوا غادروا القاعة العامة بالتزامن مع فرز الاصوات، وقبيل فقدان النصاب القانوني.
بتوقيت لافت، اذ مع ساعات الصباح الاولى، وقبل وقت قصير من جلسة الانتخاب، ردّ حزب الله على باسيل، ليس بطريقة مألوفة، بل عبر بيان «للعلاقات الاعلامية» اعتبر فيه ان ما ورد في كلام باسيل يحتاج الى نقاش.
لكن الحزب أراد انتقاء مسألتين للرد مباشرة عليه، «لضرورة ايضاحها للرأي العام».
وجاء في البيان: حزب الله لم يقدّم وعداً لأحد بأنَّ حكومة تصريف الأعمال لن تجتمع إلا بعد اتفاق جميع مكوناتها على الاجتماع، حتى يعتبر الوزير باسيل أن اجتماع الحكومة الذي حصل هو نكث بالوعد. ما قلناه بوضوح سابقاً وبعد التشاور والتوافق مع الرئيسين بري وميقاتي هو التالي: أ- حكومة تصريف الأعمال لن تجتمع إلا في حالات الضرورة والحاجة الملحّة. ب- وفي حال اجتماعها فإن قراراتها ستؤخذ بإجماع مكوناتها ولم نقل أن الحكومة لن تجتمع إلا بعد اتفاق مكوناتها. ج- ومن جهة أخرى، فإنَّ حزب الله لم يقدّم وعداً للتيار بأنه لن يحضر جلسات طارئة للحكومة إذا غاب عنها وزراء التيار. لذلك فإنَّ الصَّادقين لم ينكُثوا بوعد وقد يكون التبسَ الأمر على الوزير باسيل فأخطأ عندما اتّهم الصَّادقين بما لم يرتكبوه… اضافت «إن مسارعة بعض أوساط التيار الى استخدام لغة التخوين والغدر والنكث خصوصاً بين الأصدقاء، هو تصرّف غير حكيم وغير لائق. ويبقى حرصنا على الصَّداقة والأصدقاء هو الحاكم على تعاطينا مع أي رد فعل، خصوصاً أنَّ لبنان اليوم أحوج ما يكون الى التواصل والحوار والنقاش الداخلي للخروج من الازمات الصعبة التي يعانيها».
وجاء في ردّ التيار ليلاً: آخر ما كنّا نريده هو ان ندخل في نقاش اعلامي مع حزب الله، لكن الحقيقة تفرض علينا ان نوضحها ونقول ان ما ورد في بيان العلاقات الاعلامية في حزب الله هو ملتبس جداً ويحمل تناقضاً بين الحرص على اجماع مكوّنات الحكومة في اتخاذ القرارات فيما لا ينسحب ذلك على حضور الجلسات، فإذا لم يكن هناك اجماع في الحضور فكيف يكون في اتخاذ القرارات؟!
أضاف: امّا ذكر ما تمّ اخبار الوزير باسيل به في حال حضور الجلسة فهو غير واقعي اطلاقاً، خاصةً وان الوزير هيكتور حجار قد حضر الجلسة فقط بغية ابلاغ الحاضرين على عدم الموافقة على اصل عقدها وبنودها، وقد تمّ تجاهل هذا ايضاً مما ينفي احترام ما زعم في بيان حزب الله الاتفاق عليه.