تغييرات في الاستراتيجية العسكرية الإسرائيلية

كتب مأمون المساد في صحيفة الدستور.
منذ بدء العملية العسكرية الإسرائيلية على قطاع غزة في السابع من تشرين اول الماضي وضعت القيادة العسكرية مجموعة من الأهداف الإستراتيجية، ووضعت لها خطط مرحلية لتحقيق هذه الأهداف التي يمكن ابرازها ب تصفية المقاومة الفلسطينية وقيادتها، ومن ثم الحديث عن سيناريو عن غزة بدون وجود للمقاومة الفلسطينية (حماس والجهاد الإسلامي)، وتهجير سكان القطاع إلى خارجه على مرحلتين بداية باتجاه جنوب القطاع، ومن ثم إلى خارج القطاع باتجاه سيناء المصرية ومنها إلى دول اخرى.
الاستراتيجية يوم بعد يوم وجدت إسرائيل نفسها تتخلى عنها تحت وطأة المعركة الدبلوماسية التي تواجهها من محور الأردن- مصر، وأمام معركة الصمود الفلسطيني على الأرض والتمسك بالبقاء على أرض غزة، وقد تعلموا من التاريخ أن تغريبتهم اليوم ميلاد لمأساة مكررة شهدها آبائهم واجدادهم في عامي 48، 67، والتي جرت عليهم الشتات الأعظم في كل بقاع الأرض، فاقدين لحقهم بدولة مستقلة على تراب وطنهم بحقوق كاملة، عجزت القوانين الدولية والمعاهدات والاتفاقيات إلى اعادتهم له بكامل السيادة.
إسرائيل في حربها اليوم تريد إخراجها من أرضهم، تريد سلب موارد الوطن المسلوب، والاستيلاء على مقدساتهم وتاريخهم، بآلة الحرب التي عجزت بعد 45 يوما من تحقيق هذه الأهداف، وبدأت تغير في استراتيجية الحرب، فأسرائيل التي ظلت تتمسك في الحروب السابقة على سياسة الردع وممارسة العمل العسكري ضدها، نجدها اليوم تنتهج سياسة الابادة الجماعية، وسياسة الأرض المحروقة، والانتقال من استهداف أهداف منتخبة للأفراد والجماعات إلى سياسية العقاب الجماعي، وحشدت إسرائيل في حربها الجارية اليوم كل صنوف القوات والعتاد التقليدي وغير العادي ( المحرم دوليا ) واستخدمت الحصار والابادة.
صحيح أن إسرائيل ارادت في حربها المستمرة على قطاع غزة الحفاظ على أمنها، إلا أنها تجد أن الاستمرار باتباع استراتيجية «احتواء غزة» ذاتها لم يعد في قائمة الخيارات صهيونياً للحفاظ على الأمن بذات الأساليب.