تجمع دولة لبنان الكبير تؤكد على أهمية قيام الدولة من بكركي..
أطلقت “طاولة حوار المجتمع المدني” CSID “تجمع دولة لبنان الكبير”، في احتفال في الصرح البطريركي في بكركي، حضره البطريرك الماروني مار بشاره بطرس الراعي، الرئيس امين الجميل، وزيرا التربية والاقتصاد في حكومة تصريف الأعمال عباس الحلبي وأمين سلام، النائبان اللواء اشرف ريفي وأديب عبد المسيح، مصطفى هاني فحص، الدكتور انطوان مسرة وحياة ارسلان، وممثلون عن رؤساء الطوائف والأحزاب وفاعليات ديبلوماسية وسياسية واجتماعية ونقابية.
بداية، النشيد الوطني، ثم قدم الاحتفال الاعلامي ماجد ابو هدير ، وافتتح البطريرك الراعي الاحتفال بكلمة قال فيها:”يسرنا ان نستضيف هذه الطاولة الحوارية وان نعلن من هذا المكان “تجمع دولة لبنان الكبير”، وأقول للجميع اهلا وسهلا بكم، واليوم هو يوم وطني بامتياز ، يوم فعل إيمان بلبنان، سنسمع مضمون هذا الإيمان من خلال الشخصيات الذين سيتكلمون ، وانا ساكون مستمعا مثلكم لانني اود ان اتعلم من المتكلمين، اتعلم منهم نظرتهم ورايهم ومشاعرهم، ولكن اود ان اقول كلمة شكر للاميرة حياة ارسلان والى السيدات والسادة الذين معها ينظمون هذه الطاولة الحوارية من اجل اطلاق تجمع دولة لبنان الكبير ، ويطيب لي ان احييكم جميعا على اختلاف مقاماتكم السياسية والوطنية والثقافية والاجتماعية، وتحية خاصة الى المتكلمين واشكرهم مسبقا على ما سيقولون عن لبنان الكبير”.
وكانت مداخلة للرئيس الجميل قال فيها:”أحيي الصرح وسيده غبطة البطريرك مار بشاره بطرس الراعي الذي لا يترك مناسبة وطنية الا وينمّيها، ولا يدع ظرفًا جامعًا إلا ويحتضنه، ولا يبخل على طاولة حوار من أجل لبنان إلا ويشملها برعايتِهِ. كيف لا والقصةُ تحاكي دولةَ لبنانَ الكبير الذي من هنا نشأ وعاشت حجارة هذا الصرح مساره والنضال له وإعلانه لحظة بلحظة. أحيي طاولة حوار المجتمع المدني المؤمنة بدولة لبنانَ الكبير التي لم يعتمدْ البطريرك الياس الحويك عام 1920 الكيلومترات كوحدةِ قياسٍ بل إعتمد قياسَ الوحدة، وحدةُ وطنٍ بتنوعه، بتعدديته، بتلاوينه، بديمقراطيته، وبحريته.
لحظةَ العملِ للمشروع، كان الكيانُ الواحد الخاص بلبنانَ الكبير فكرةً ثابتة في التاريخ، لكن متعثرةْ في الجغرافيا. شكلّ المشروعُ مع الزمن وبفعلِ السياسةْ، تجربةَ وحدةٍ وطنية راسخةْ في الأساس، مهدّدَة في الظاهر، وشكلّ المشروعُ في المفهوم السياسي مركزيةً لا بد من تجديدها وتحديثها. لا تلومّنَ الياس الحويك ورفاقَه من كل الطوائف، لا تلومّنَ الآباء المؤسسين لدولة لبنان الكبير، رهانُهم وأهدافُهم كانت صائبة، ممارستُنا كانت شائنة. لم نوفَّقْ في صيانةِ دولةِ لبنانَ الكبير، وتعثّر التجرِبة لم يكن عيباً في التصنيع Défaut de fabrication ، بل بسبب خطأ بشري بالتطبيق نتحمل جميعاً مسؤوليتَه. فهو صمد على كل حال، على علاّته، ويبقى علينا تحصينه”.
أضاف:”أُريدَ من لبنانَ الكبير وللبنانَ الكبير أن يعطي نموذجاً في التنوّع والتعددية البنّاءة، حتى أنه كان لفترة نموذجاً، فاستاءت دولُ المحيط القائمة على الأحادية والشمولية والتوتاليتارية واتفقت على تخريبِ هذا النموذج كلٌ على طريقتِهِ، من إسرائيل الى سوريا، ومن الناصريّة الى القذّافية، ومن العرفاتيّة الى الفارسيّة. أُريدَ من لبنانَ الكبير وللبنانَ الكبير أن يرفعَ لواءَ الديمقراطية في محيطٍ إتبّع نظامَ الحزبِ الواحد، وضمنَ الحزبِ الواحد تأليهَ الشخصِ الواحد، فهالَهُم أن يكونَ لبنانُ مصدرَ ترويجٍ لحرية المواطن، لديمقراطيةِ السلطة، وملجأً للمضطهدين في بلادهم. أُريدَ من لبنانَ الكبير وللبنانَ الكبير أن يرفعَ لواءَ الحرية وحقوقِ الانسان فاستاءت دولُ الأمن القائم على القمع من خطرِ لبنان الحر السيد المستقل. رغم كل التحديات، من الداخل ومن الخارج، إذ منذ البداية، ومنذ كان البحث في الكيان اللبناني، عبّر البعض في الداخل عن تحفّظهم على هكذا كيان واسع، فانتصرت في النهاية كلمة غبطة البطريرك الياس الحويّك الذي استوعب منذ التأسيس الدور الذي يمكن أن يلعبه هذا اللبنان على الصعيد الفلسفي والعقائدي، والسياسي والاقتصادي. على هذا الأساس وصفه البابا يوحنا بولس الثاني “بوطن الرسالة”. وأهمية هذا اللبنان الكبير انه أُنجزَ طوعاً لا قسراً، وسلماً لا حرباً. أهميتُه أنه وحّد مساحة لبنان التاريخية ضمن مشهدية فريدة في التعدّد والتنوّع. أهميتُه أنه حمى وجهَ لبنان العربي، فلا لبنانُ الكبير جعل من لبنانَ مسيحياً أو مسلماً بل وطنَ رسالة، والتنكرُ لدولة لبنانَ الكبير كما يحصل اليوم بمصادرة قرار الدولة من الداخل بعدما تناوب الخارجُ على مصادرتها في مراحلِ الازماتِ السابقة، يجعلُ انتماءَ لبنان بمثابة مكتوم القيد الى حينِ تعودُ الدولةُ دولةً، وستعود”.
تابع:” أول الامتحانات كان عام 1949، مع قيام دولة إسرائيل وطموحات بعض مؤسسيها التوسّعية، فتوحّد اللبنانيون وواجهوا هذه التحديات. في نهاية الخمسينيات كاد لبنان أن يسقط واهتزّ منطق الولاء للوطن، إلا أن مقاومة اللبنانيين وثباتهم، عطفاً على بعض الظروف الإقليمية الطارئة ساهمت في تصحيح مسيرته الإستقلالية، وتعزيز نظامه المميّز في المنطقة. وإذا استعرضنا التطورات والأحداث التي واجهتها الساحة اللبنانية، ندرك أكثر معنى وجود لبنان! في الستينيات واجه لبنان مشروع الوطن البديل على أرضه، فواجه العرفاتية وأتباعها في الداخل والخارج، وتحوّلت الحالةُ الفلسطينية الى أكثر بكثير من وجود وأقل بقليل من دولة إحتلال لدرجة كادت الحركة الفلسطينية أن تقضي على الكيان لولا المقاومة اللبنانية الشجاعة لهذا المشروع فحفظت لبنان حين توفّرت الظروف الإقليمية المؤاتية. في السبعينيات كذلك، واجه لبنان الأطماع السورية، ففرض النظام السوري هيمنة عسكرية كاملة على الوطن ومقدّراته، بمباركة دولية مغرضة. فكان الاحتلالُ الفعلي للبنان. احتلالٌ لم يحررْهُ سوى مقاومتنا ووحدتِنا الداخلية المنبثقة من فلسفةِ لبنانَ الكبير وقد جسدّها بكل معانيها “تجمعُ قرنة شهوان” و”لقاءُ البريستول” و”حركة 14 آذار” التي رفعت شعار “لبنان اولاً” فكانت قافلةُ الشهداء التي دفعنا ثمنها وجعاً كبيراً. في الثمانينيات، تعرًض لبنان لمؤامرة من نوع جديد استندت الى العسكريتاريا الشرسة وسلطة المال المتوحشة ، يقودها النظام الإيراني بحجة تحرير الأرض العربية، فتزعزع النظام اللبناني. ولم تزل لحينه تثير الفوضى مما فرض على الشعب اللبناني وقفة وطنية من أجل الحفاظ على لبنان الحر، السيّد والديموقراطي”.
وقال:”استعرضت هذه المراحل لنستخلص معًا العِبَر والنتائج المرجوة. أولاً: لا مفرّ من إحياء دولة 1920 أي الدولة الواحدة، وإحياء ميثاق دولة 1943 أي الدولة-الدستور، لأن البديل، بالخلاصة، هو العودة الى اللا دولة والتفرقة، أي دولة الطوائف، دولة المذاهب، دولة السفارات، دولة توزيع الولاءات واستدراج دول الاقليم، مع ما تفترضه من نزاعات عسكرية في الداخل وولاءات سياسية للخارج. ثانياً: كما واجه اللبنانيون وصمدوا وأبقوا الرهان الوطني هو الأساس، لا بدّ من تحصين النظام بحركة تحديثية نهضوية تقوم على اعتماد اللامركزية الموسعة التي توفر لكل جماعة حقوقها من دون المسّ بحقوق الجماعات الأخرى. كما من شأن اللامركزية اذا أُحسنَ تطبيقُها ان تنمّي مركزية لبنان في المشرق العربي.
ثالثاً: لا بدّ من معالجة فورية لمشكلتي الخوف والغبن لدى جميع اللبنانيين، لننتقل عندها من نظام الامتيازات المفروضة واللامساواة الى نظام الدولة الراعية والضامنة، وتحصين لبنان عن التدخلات الخارجية، وإطلاق حوكمته الرشيدة، لوضع حد للفوضى والفساد. رابعاً: لا مفرّ ايضاً من استعادة حالة لبنان السيادية، الاستقلالية، الوحدوية بتثبيتُ حياد لبنان، فلبنان هو أصلاً غيرُ منحاز منذ دولة لبنان الكبير التي شكل اعلانُها حياداً عن الغرب وعن الشرق”.
ختم:” آن الأوان ان ينقذَ لبنانُ نفسه بأن تتلبنن كل المكونات، فتكتمل الحالة اللبنانية وتتكامل دون إمتيازات، فقط بضمانة الدولة القوية والقادرة، إلا اذا أردنا لبنانَ لبناناتٍ موزعة الى مناطقَ نفوذٍ وفق مصالح الغير على حساب المصلحة الوطنية. آن الاوان بعد مئة عام لتثبيت الكيان على قِيَم الجمهورية في الديمقراطية والحرية والعدالة وحقوق الانسان، أُسسٌ من دونها لا قيام للدولة، ومعها يعود لبنان الى مفهوم “الوطن الرسالة” ويقوى اللبنانيون على خوض غمار المئوية الثانية، وطناً سيداً ومواطنين متساوين متحدين متكافلين متضامنين”.
وكانت كلمة للنائب ريفي قال فيها:” كبير هو لبنان، ليس بجغرافيته ولا بموارده، بل بالمعنى الذي يمثله كقيمة فريدة ونادرة. كبير هو لبنان، ومسؤوليتنا كبيرة في الحفاظ عليه، وطناً نفخر بالانتماء اليه، وبزرع أبنائنا في مدنه وبلداته وجباله. لبناننا الحالي هو دولة لبنان الكبير، هو لبنان الـ 10452 كلم2″.
ختم:”لبنان الكبير وُجد ليبقى، وسيبقى بإذن الله بكامل مساحته الـ 10452 كلم2، وبكامل مكوناته الوطنية. معًا سنبقى موحدين مسلمين ومسيحيين، كي نبني مستقبلًا واعدًا لأبنائنا وأجيالنا. التحية لكل من نظّم هذا اللقاء. ونخص بالتحية “طاولة حوار المجتمع المدني” التي أصرّت على إطلاق تجمع دولة لبنان الكبير، من هذا الصرح الكبير. عشتم وعاش لبنان الكبير بأبنائه السياديين المخلصين”.
والقى النئب أديب عبد المسيح ، كلمة، قال فيها :
“يدّعي الكثيرون أن لبنان الكبير هو غلطة تاريخية أو ربما جغرافية، وثد يكونون على حق. ربما لم ننصف التاريخ ولم تنصفنا الجغرافيا. لم نتخلى نحن عن الجغرافيا ( ما عدا الخط ٢٩) مع أن التاريخ تخلّى عنّا.
ولكن في التخلي، التجلي وهنا بيت القصيد. لينان الكبير بعد مئة. عام أصبح الحقيقة ، أصبح انتماءنا و هويتنا وحقيقتنا ، أضف انه اليوم وسالتنا والحقيقة اكبر وأعمق وأهم من أطماع السياسة والاستعمار وأخطاء التاريخ والجغرافيا.
نحن أبناء هذا الزمان ولبنان الكبير واقعنا، شاء من شاء و أبى من أبى، لا نريده أصغراً ولا مجزءاً. جُلّ ما نطمح اليه ان يكون وطناً. وطن للبنانيين ،فقط للبنانيين وجميع اللبنانيين بالتساوي.
التساوي بالحقوق والواجبات والمسؤوليات”.
أضاف : “لبنان بلدُ لم نرتق به بعد لمصاف الاوطان، بل جعلناه ساحة صراع طائفية وارض محاصصة. ما يجمعنا اليوم في هذه السياسة بالذات هو فشل لبنان الكبير الوطن.
لكن ما يجمعهنا أيضاً هو ادراك مشترك من جميع الطوائف والمناطق بأن الفشل هو اضمن طريقة للنجاح، فالإنسان يتعلم من الفشل أكثر مما يتعلم من النجاح. البغض يعتبر ان التعددية هي مشكلتنا الاساسية وان اختلافاتنا تنبع من تباين ديني او عرقي او حتى تاريخي في جغرافيتنا المشرقية.
لكن بعد مرور مئة عام على اعلان لبنان الكبير، علمتنا التجارب القاسية ان لا هلاص لنا سوى الانطلاق من ثقافة الاحترامالمتبادل و تقبل الاخر وعدم قدرة احدهم على الغاء الاخر وهذا ما شددت عليه وثيقة الاخوة الإنسانية بين البابا فرنسيس وشيخ الازهر عندما التقيا في الامارات العربية المتحدة للتوقيع عليها في شباط ٢٠١٩.
أما في التاريخ البعيد،. لا يجب ان ننسى كيف ان الرؤساء امثال البطريرك غريغوريوس حداد و انطون عريضة باعوا أغلى الممتلكات لاطعام الناس خلال فترة المجاعة دون ان يفرقوا في مسيحي او مسلم”.
وتابع :”اما عندنا في الكورة والتي تمثلت بالنائب نقولا غصن في وثيقة اعلان دولة لبنان الكبير فقد تصدينا دائما لمحاولات روسيا القيصرية لخلق منطقة اورثوذكسية مستقلة ككيان ارثوذكسي جغرافي لان اهالي الكورة رفضوا اي سعي لتأسيس قانون طائفي خاص بهم٦بل طالبوا بالعيش الواحد مع جميع مكونات الوطن اللبناني. كمان ذكر جاك نحاس ممثل العائلات الارثوذكسية في طرابلس آنذاك من خلال حفل اعلان دولة لبنان الكبير فقال : انا اولا لبنان ثم اورثوذكسي ولبنان هو لجميع اللبنانيين”.
فنحن نؤمن بالعيش الواحد وليس المشترك. لان المشاركة قد يطغى عليها عوامل الطائفية والمنفعة الخاصة.
علمنا التاريخ ايضا من خلال التجارب ان ممارسات التبعية للشرق او للغرب قد سقطت امام تكوين المواطنة في البلد الجامع وان الولاء للوطن هو العنوان الاول نحو قيام لبنان الكبير الوطن والكيان النهائي لجميع ابنائه.
أما في السياسة، الاقتصاد والاجتماع فهل يعقل ام لبنان الذي لم يقبل باسقاط دستور الجمهورية الفرنسية الثالثة عليه، ان يقبل اليوم بتعطيل دستوره ؟؟ هل يعقل ان نستمر بمنطق التعطيل عند اي استحقاق مع شل مرافق الدولة ١٠٤ أعوام على قيام دولة لبنان الكبير و ٣٤ عاما على اتفاق الطائف؟
في الختام لي جملة اخيرة واحدة يا صاحب الغبطة ولذا جئنا اليكم : لقد حان وقت انزال لبنان عن الصليب”.
وكانت كلمة لحياة ارسلان قالت فيها:” أيها الحفل الكريم إن بكركي اليوم في حضور راعيها البطريرك الراعي تعيد كتابة تاريخ مجيد جعل من لبنان دولة وأغلق كل احتمالات المقاطعة والقائمقامية والمتصرفية. بكركي اليوم تغلق أبواب التقسيم والفدرلة وكل الطروحات التي تصغر لبنان الكبير وتحجمه وتجعل من تنوعة مدخلا للتقوقع والإنزواء وتجعل من رسالته حقبة منسية يمحوها الزمان. نعم يا صاحب الغبطة لبنان كبير بدوره ورسالته ومساحته الجغرافية تكفينا، نحن نتّكل أكثرعلى طموحنا وعقولنا وآمالنا التي لا حدود لها والعالم بأسره شاهد على ما نقول. مررنا ونمر بصعوبات جمة وبأزمات لا بل بكوارث ليس أقلها تفجير المرفأ ولا الشغور الرئاسي أو تداعي المؤسسات لكننا نتحملها بقرار وتصميم ونتجاوزها بعناد وبفعل الاستمرارية”.
ختمت:” وتجمع دولة لبنان الكبير مسؤوليته الاستمرار فلا يكون لقاء اليوم عابرا. وهنا ندعو كل من يؤمن بلبنان الكبير أن ينضم إلى صفوفنا التي ستنظم على مستوى القطاعات كافة وسيكون فيها لكل راغب دور ومسؤولية. في النهاية نحن ننشد المواطنة مذهبا ونجعل من الولاء للوطن جسر عبور إلى وطن الإنسان”.