الهجوم على رفح يهدد معاهدة كامب ديفيد
كتب علي ابو حبلة, في “الدستور” :
تصريحات مسؤولين مصريين تشير أن الأزمة الحالية بدأت عندما أخطرت إسرائيل مصر، قبل ساعات فقط من شنها العملية العسكرية وسيطرتها على معبر رفح، الأسبوع الماضي، والتي جاءت خلافا للتعهدات الإسرائيلية السابقة بأن معبر رفح لن يتأثر ، ووفق رأي العديد من المتابعين و المحللين بشأن تداعيات الهجوم على رفح قالت صحيفتا وول ستريت جورنال الأميركية ونيزافيسيمايا الروسية إن العلاقات بين مصر وإسرائيل تتعرض لأخطر تهديد لها منذ إبرام اتفاقيات كامب ديفيد بين البلدين قبل 45 عاما.
ووفق ما ذكرته وول ستريت جورنال إن هجوم رفح يلحق ضررا بالسلام بين مصر وإسرائيل، وإن القاهرة تدرس خفض علاقاتها الدبلوماسية مع إسرائيل، وتعتزم الانضمام إلى قضية محكمة العدل الدولية التي تتهم إسرائيل بالإبادة الجماعية.
وبشكل سريع ومفاجئ تعرض عملية اجتياح رفح الفلسطينية علاقات السلام بين إسرائيل ومصر وتقوض ، نحو 45 عاماً من السلام بين القاهرة وتل أبيب، وسط « تصعيد مصري تدريجي « يقترب من محطة خفض العلاقات، وفق ما تتحدث عنه العديد من المصادر.
التصعيد المصري مر حتى الآن بمرحلتين ، تعليق التنسيق في معبر رفح، وانضمام القاهرة لدعوى جنوب أفريقيا أمام محكمة العدل الدولية، حول ممارسات إسرائيل في غزة، في المقابل تطالب تل أبيب القاهرة بفتح المعبر والقبول بالأمر الواقع.
خطوات تصعيديه تدريجية ومتدحرجة تتخذها القاهرة ، منذ 7 (أيار) الحالي عقب سيطرة إسرائيل على معبر رفح من الجانب الفلسطيني، منها رفض التنسيق مع إسرائيل، وإبلاغ جميع الأطراف المعنية بتحمل تل أبيب مسؤولية التدهور الحالي، وفق تصريحات العديد المسئولين المصريين.
وفي مقابل التصعيد المصري التدريجي، غرد وزير خارجية إسرائيل، يسرائيل كاتس، الثلاثاء، قائلاً: « يتعين على مصر إعادة فتح معبر رفح، لتفادي حدوث أزمة إنسانية في غزة» ، في حين رفض نظيره المصري سامح شكري ذلك، مؤكداً رفض سياسة « ليّ الحقائق والتنصل من المسؤولية»، مشدداً على « تحمل تل أبيب مسؤولية ما يحدث».
واستنكر وزير الخارجية المصري بشدة «محاولات الجانب الإسرائيلي اليائسة تحميل مصر المسؤولية عن الأزمة الإنسانية غير المسبوقة التي يواجهها قطاع غزة، والتي هي نتاج مباشر للاعتداءات الإسرائيلية العشوائية ضد الفلسطينيين لأكثر من سبعة أشهر».
ان اجتياح رفح بوجهة نظر مصريه تصعيد خطير للأحداث على الحدود المصرية ومع هذا التطور الخطير، ووسط تساؤلات تطرح نفسها عن مستقبل العلاقات المصرية الإسرائيلية ومستقبل اتفاقية السلام الموقعة بين البلدين، فان الاجتياح الإسرائيلي لشرق رفح والسيطرة على المعبر البري من الجانب الفلسطيني، يمثلان انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي، والقانون الدولي الإنساني، ويقوضان فرص تثبيت التهدئة وإحياء المسار السياسي، كما يعد ذلك انتهاكا صارخا لاتفاقية السلام الموقعة بين مصر وإسرائيل، وملاحقها الأمنية.
وأن نصوص اتفاقية كامب ديفيد بما في ذلك ملاحقها الأمنية، تنص بوضوح في موادها على التزام الطرفين بصون سيادة وسلامة أراضي كل منهما، وحظر اللجوء إلى التهديد أو العنف المسلح، فضلًا عن ضمان احترام الكرامة الإنسانية والحقوق الأساسية للسكان في الأراضي الخاضعة للاحتلال.
ما تقوم به حكومة الاحتلال الصهيوني وتقترفه قوات الاحتلال من جرائم ممنهجة بحق المدنيين العزل في رفح، يتنافى تمامًا مع جوهر ونصوص اتفاقية السلام مع مصر ، التي كان يُفترض أن تضع حدًا للنزاع، ليس فقط بين مصر وإسرائيل، وإنما بين إسرائيل وجيرانها العرب، كما أكدت على ذلك ديباجة الاتفاقية.
المادة الأولى من اتفاقية كامب ديفيد أكدت على احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية، والتي انتهكتها إسرائيل بشكل صارخ من خلال استهداف الأبرياء في رفح والاجتياح البري، كما أن معاهدة السلام تضمنت التزامًا بانسحاب القوات الإسرائيلية والمستوطنين إلى حدود ما قبل يونيو 1967.
اجتياح رفح وما يحمله من تداعيات ومخاطر يتهدد الأمن القومي المصري وبالرجوع لنص المادة الثانية من الاتفاقية شددت على حظر اللجوء إلى التهديد أو استخدام القوة ضد السلامة الإقليمية أو الاستقلال السياسي للطرفين، في حين أن الاجتياح ألإسرائيليي لرفح ينتهك هذا النص بشكل سافر، حيث يمثل تعديًا على سيادة الأراضي الفلسطينية، وتهديدًا محتملًا للأمن القومي المصري، لما يمكن أن يشكله تهجير سكان غزة إلى سيناء ما يمثل تهديداً مباشراً للأمن القومي المصري، وهذا يستدعي مراجعة القاهرة لعلاقتها بتل أبيب، والنظر في خيار الانسحاب من اتفاقية السلام وفقاً لما تقضي به المواثيق الدولية.