شؤون لبنانية

اللبنانيون يبحثون عن الدواء.. والصناعة الداخلية موثوقة الى أبعد الحدود

كتب جو لحود في “لبنان ٢٤”:

تهز المجتمع اللبناني معضلة رفع الدعم عن الدواء، لكن وعلى الرغم من صعوبة ما يحصل في هذا المجال، قد تكون هذه الخطوة بابا لتعزيز صناعة الأدوية اللبنانية.

“خلص رح موت”، بهذه العبارة تبدأ السيدة مرلين (68 سنة) كلامها مع “لبنان24”، عبارة تختصر فيها واقع حالها وحال كثيرين مثلها، فبدموعها المتقطعة وآهاتها الكثيرة تخالها تحمل وجع جبال وهي في حقيقة الحال، لا تحمل سوى هم البحث عن بديهيات الحقوق التي بات الحديث عنها في الدول المتقدمة طي النسيان.

تقول مرلين: “أعيش من تعويض زوجي الذي عمل كثيرا لجنيه قبل أن يفارق الحياة، وحتى أيام قليلة كانت الأمور مستورة وكل شيء يسير بشكل طبيعي الى حدّ ما. فالمبلغ الشهري الذي يصلني ( مليون و200 ألف ليرة لبنانية) يكفيني لشراء ادويتي الشهرية وقوتي اليومي، لكن وبعد رفع سعر الدواء أصبحت غير قادرة على شراء أدويتي”.

وتضيف: “أحتاج شهريا الى علبتي دواء لأعالج مشاكل الضغط  والعلبة التي كان سعرها 14 الف و500 ليرة أصبحت بـ 170 الف ليرة، كما يلزمني 3 علب دواء لتخفيض نسبة السكري في الدم ، سابقا كان سعر العلبة الواحدة 13 ألف و500، اما اليوم فأمسى 68 الف ليرة. كذلك، أحتاج شهرياً الى علبتي دواء للكولستيرول، أضحى سعر الواحدة منها 145 الف ليرة بعدما كان 19 الف ليرة، وأقوم بشراء علبتي دواء مسيل للدم بـ30 الف ليرة بعدما كانت بـ6 الاف ليرة سعر العلبة الواحدة”.

 اذا، وفي عملية حسابية سريعة يتضح ان السيدة مرلين كانت تحتاج شهريا الى مبلغ 119 الف ليرة لبنانية لـتأمين مختلف أدويها، أما اليوم فهي بحاجة الى 736 ألف ليرة، اي أكثر من نصف معاشها الشهري.

الحلول متوفرة

 أزمة كبيرة لخصتها “مرلين” بحديثها السريع والبسيط، فرفع الدعم عن الدواء جعل أسعارها ترتفع بشكل جنوني تخطى الـ70% وهذا ما وضع المواطن امام عجز جديد ومعضلة جديدة مرتبطة بعلاجه وصحته.لكن الحقيقة مخالفة لرأي شريحة واسعة من اللبنانيين، فعلى الرغم من أهمية الأدوية المستوردة وبعيدا عن صراع الاحتكارات والمافيات و”الكارتلات” الشهيرة في عالم استراد الأدوية، لا بد من النظر الى الواقع الداخلي والى صناعة الأدوية في لبنان، التي ازدهرت منذ حوالي عامين أي بعد الشح الكبير بالعملات الأجنبية الذي عانى منه المصرف المركزي.

وعلى هذا الصعيد يؤكد لـ“لبنان24” أحد اصحاب معامل الأدوية في لبنان أن ” صناعة الدواء محليا تسير وفقا للأصول وبوتيرة علمية وممتازة . فاليوم نمتلك 12 معملا، 9 منها لتصنيع الأدوية و3 تؤمن حاجة البلد الكاملة من الأمصال، وبالتالي يمكن الحديث عن تغطية أهم 20 فئة علاجية موجودة في لبنان، اي ما يقارب الـ 47% من حجم السوق العلاجي العام (أدوية الأمراض المزمنة ضمنا)”. ويضيف: “هذا الواقع يحتم على المعنيين لاسيما وزارتي الصناعة والصحة اطلاق البحث بشكل جدي لدعم وتعزيز هذا القطاع حتى يتمكن من تلبية حاجات السوق بنسبة مئة في المئة”.

الأطباء ينصحون باستخدام “الجنريك”

“الجنريك” او ما يعرف بالدواء البديل هو عبارة عن أدوية مصنعة في معامل لبنانية بأسماء متعددة ومختلفة لكنها تتضمن المكونات عينها التي صنع منها الدواء الأساسي، أي انها تقدم نتيجة مضمونة، وفق ما أكد الاختصاص في جراحة القلب والصدر الدكتور كرم كرم.

كرم الذي تحدث لـ “لبنان24” رأى انه ” في ظل أزمة الدواء الحالية لا بد من الاتجاه نحو الصناعة المحلية التي نثق بها بشكل كبير جدا، لاسيما اننا نمتلك أكثر من مصنع أدوية يحترم قواعد وشروط الجودة العالمية في الانتاج، مع التشديد على ضرورة تعزيز الدور الرقابي لوزارة الصحة، ما يدفع الى مزيد من الاحترافية والمهنية في عالم صناعة الأدوية في لبنان“. ويرى كرم ان “الحديث عن عدم ثقة بالأدوية البديلة هو غير علمي وغير مقبول، فالصناعة المحلية تؤمن البدائل بأسعار مقبولة جدا لمختلف الامراض المزمنة وغير المزمنة، لذلك علينا الابتعاد عن الصور النمطية التي رسمت لأكثر من سبب حول أدوية (الجنريك)، كما علينا ان نعلم ان ما ننتجه داخليا من هذه الادوية لا يشبه أبدا ما تنتجه بعض الدول المجاورة والذي قد تطرح حول جزء منه مجموعة علامات استفهام”.

خلط أوراق في الصيدليات

 في اطار ازمة الدواء الحالية يقول رامي وهو صاحب احدى الصيدليات في بيروت ” بدأنا منذ ما يقارب الـ6 أشهر باعتماد مجموعة لا بأس بها من الأدوية المصنعة محليا، وهذا الاعتماد مبني على مبدأ الطلب، اذ ان الوصفات الطبية التي باتت تصلنا مؤخرا معظمها يتضمن أدوية من الصناعة اللبنانية.

وبالتالي ما نريد قوله، هو أننا كأصحاب صيدليات لا نفضل الدواء الأجنبي على المحلي، انما نلتزم بالوصفات الطبية التي تصلنا من أصحاب الاختصاص”. ويؤكد أن “الاقبال على الأدوية البديلة سيزداد سريعا بفعل الأزمة الحالية وهذا ما سيعزز من حضورها وجودتها وقدرتها على المنافسة”. ويختم رامي قائلاً: “كنا نتمنى ان تكون هناك مجموعة من الخطط تدفع الى الامام بصناعة الأدوية اللبنانية بدلا من ان تدفع بها الأزمة لأن تحتل المساحة الاكبر في صيدلياتنا”.

(لبنان24)

المصدر
Lebanon24

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى