الراعي: لا سيادة في لبنان اليوم بل دويلات وللمسؤولين..من أعطاكم هذه القوة لتدمير البلد؟
جدّد البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي مطالبته بتحييد لبنان عن النّزاعات الإقليمية، “كي يتمكّن هذا البلد من استعادة دوره في المنطقة من خلال الحياد النشط والفعال”.
وقال الراعي في حديث لـ”ici Beyrouth”: “أن تكون محايدًا لا يعني أن تتنحّى جانباً ولا تتعاطى مع أي أمر”، مضيفاً: “لدينا مهمّةٌ يجب ممارستها ودورٌ في المنطقة علينا أن نلعبه، وهذا الدور نحققه من خلال الاستقرار والحوار والانفتاح”.
ورأى أنّ “فقدان لبنان لهويته يعني عزلته عن العالم كلّه”.
كما شدّد الراعي على أنّ “لبنان ليس دولة حرب، وعليه تحرير نفسه من كل الصراعات الإقليمية”، منتقداً انتهاك السيادة وسطوة الدّويلات على مفهوم الدولة.
واشار الى انّ “لبنان يجب أن يكون دولةً ذات سيادة، هو اليوم ليس كذلك، إذ يوجد فيه دويلات. وبالتالي لا سيادة في هذا البلد لا على الصعيد الوطني ولا الأمنيّ ولا السياسي”، متابعًا: “يجب أن يكون هناك جيشاً واحداً فقط في لبنان”.
واردف: “في حال تعرّض لبنان لاعتداءاتٍ من إسرائيل أو غيرها، على الجيش اللبناني الدفاع عن هذه الأرض. حتى لو لم تحبّذ بعض الشخصيات هذا الخطاب”.
“الحياد هو هويتنا”
الى ذلك، لفت البطريرك الماروني الى انّ “طرح خطاب الحياد حظي بردود فعل إيجابية لم يكن يتوقعها”، موضحًا انّ “الحياد ليس مطلب بكركي فقط. فالحياد هو هويتنا، ولبنان هو بلد اللقاء والحوار وهو يختلف عن الدول الأخرى بحياده”.
وشدد على أنّ “لبنان وشعبه ليسوا دعاة حرب”، معتبرا أنّ “اللبناني يفكّر اليوم بإقامة علاقات ثقافية واقتصادية وتجارية مع الدول الأخرى، ولكنّه لا يفكر أبداً بالحرب”.
ضرورة إجراء الانتخابات
لا ينفي الراعي مسؤولية الطبقة السياسية في الأزمة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والمالية غير المسبوقة التي تعصف بلبنان، فيسأل: “من أعطاهم هذه القوة لتدمير البلد؟”، متّهماً هؤلاء المسؤولين بارتكاب “جرائم سياسية واقتصادية واجتماعية”، بحقّ لبنان واللبنانيين.
وفي السياق، لا يخفي “قلقه من احتمال نسف الانتخابات النيابية المقرّر إجراؤها في الأشهر المقبلة”، مشدداً على أنّه “من الضروري جداً إجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية في العام المقبل، وإلا سنكون أمام دمارٍ كاملٍ للبلاد”.
“القلق من هجرة الشباب”
في سياق آخر، عبّر الراعي عن قلقه من موجة الهجرة الهائلة التي تضرب لبنان، مؤكدًا في السياق نفسه أنّه ليس متشائماً.
ويخشى أن “يفقد لبنان أفضل ما لديه”، متسائلاً: “من سينهض بهذا الوطن في حال غادر كل المواطنين القادرين على ذلك بحثاً عن مستقبل أفضل؟ لا يمكن أن ننسى أنّ هؤلاء الشباب بحاجةٍ إلى العمل وإلى بناء مستقبلهم”.
حضورٌ مسيحيٌّ أساسيّ
وفيما يتعلق بمكانة ودور المسيحيين في لبنان، قال الراعي إنّ “الجميع يتّفق على أنّ لبنان يختلف عن سائر دول المنطقة بمسيحييه”.
واضاف: “مع أبناء وطننا المسلمين، الذين يختلفون عن مسلمي الدول الأخرى، يمكننا تعزيز الثقافة المسيحية التي تقول بالديمقراطية والحرية وتقبل الآخر على اختلافه”، لافتًا الى أنّ هذه الثقافة المسيحية التي تتيح إنشاء أمّةٍ لها خصائصها وخصوصياتها.
وفي الختام، أكّد الراعي، على رغبة البابا فرنسيس الحثيثة في إجراء زيارة رسمية للبنان، مشيراً إلى “ضرورة وجود استقرار سياسي يضمن نجاح هذه الزيارة”.