الرئيس الى 2023 وتشاورية السرايا بين مراعاة الهواجس وعدم التعطيل
كتبت صحيفة “الجمهورية” : الجلسة الانتخابة العاشرة لانتخاب رئيس جديد للجمهورية كانت مسك ختام الجلسات هذه السنة ولم يكن ختامها انتخاب رئيس، ودخل بعدها الجميع في عطلة عيدي الميلاد ورأس السنة على ان توجّه الدعوة الى جلسة جديدة مطلع السنة الجديدة على امل ان يحصل في العطلة ما يغيّر ما في نفوس القوم بما يمكن أن يجعل تلك الجلسة مسك ختام الاستحقاق الرئاسي فيكون للبلاد رئيس تبدأ معه سنة انفراج وخلاص.
ويعوّل المعنيون بالاستحقاق الرئاسي، وكذلك الاوساط السياسية، على مبادرة فرنسية تشجّع على الاسراع في الاتفاق على رئيس جمهورية جديد، وذلك في حال زار الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون لبنان لمناسبة عيدي الميلاد ورأس السنة لتفقد كتيبة بلاده العاملة ضمن قوات اليونيفل في الجنوب، لأنه اذا حصلت هذه الزيارة ستكون له لقاءات على هامش مع بعض المسؤولين والقيادات السياسية، وربما يكون له لقاء في «قصر الصنوبر» على غرار اللقاءين اللذين عقدهما في خلال زيارتَيه السابقتين للبنان بعد انفجار مرفأ بيروت صيف العام 2020. الا انه لم يصدر حتى الآن اي اشارة فرنسية رسمية حول احتمال زيارة ماكرون للبنان قبل نهاية السنة الجارية.
وكانت الجلسة الانتخابية العاشرة قد انتهت امس الى فشل في انتخاب رئيس جديد كسابقاتها، وبدأ التعويل على ان تشهد عطلة الاعياد مشاورات وحوارات في غير اتجاه لتدوير زوايا المواقف حول الاستحقاق الرئاسي، منها حوارات ثنائية يمكن رئيس مجلس النواب نبيه بري أن يبادر اليها بعد عدم تلبية دعوتَيه الكتل النيابية الى الحوار في شأن هذا الاستحقاق، ومنها ايضا ما يمكن ان تبادر اليه البطريركية المارونية لمناسبة زيارة القيادات السياسية لا سيما منها المسيحية للصرح البطريركي للمُعايدة، في الوقت الذي لم يتّضح بعد ما اذا كان البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي سيبادر الى الدعوة الى حوار مسيحي ـ مسيحي استناداً الى اقتراح رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل، او بناء على مبادرة بطريركية لإجراء حوار مع كل من القيادات المسيحية على حدة، حتى إذا تجمّعت لديه معطيات مشجعة يمكن عندها أن يدعوها الى حوار برعايته تحدّد خلاله خياراتها ازاء الاستحقاق الرئاسي.
والى ذلك، وصف مصدر سياسي رفيع لـ»الجمهورية» ما يحصل من تحرك خارجي تقوده فرنسا بمشاركة قطرية لحل الازمة الرئاسية بأنه «جَعجعة دولية لا تُنتج خبزاً بلدياً». وقال: «انّ التقاطعات لا تزال مقفلة ما يجعل الاتفاق غير متاح». وكشف ان رئيس المجلس النيابي نبيه بري الذي بَدا للمرة الاولى على هذا المستوى من الاستياء في جلسة الامس «لن يُعاود طرح مبادرة حوارية في ظل هذا الانسداد. وعلى هذا المشهد انتهَت عاشِرة جلسات الانتخاب، اما الجلسة المقبلة فستتم الدعوة اليها مطلع السنة الجديدة ولن تكون قبل الثامن من كانون المقبل».
في غضون ذلك، اذا كان الملف الرئاسي قد عُلّق على شجرة الاعياد ورُحّل الى السنة الجديدة، فإن المشهد الحكومي على موعد مع محطة كباش جديدة عند الرابعة بعد الظهر حيث تنعقد الجلسة التشاورية التي دعا اليها رئيس الحكومة نجيب ميقاتي للبحث في تداعيات ما حصل في جلسة مجلس الوزراء الاثنين الماضي وآلية توقيع المراسيم. وقال مصدر حكومي لـ»الجمهورية» ان الجلسة سيحضرها معظم الوزراء مبدئياً بمَن فيهم الثمانية المقاطعين وذلك للجلوس معهم والاستماع اليهم، وهذا ما كان قد طلبه البطريرك الراعي والتزم به ميقاتي حتى لا يقال انه أدارَ ظهره للمقاطعين. وسيتركّز البحث، بحسب المصدر الحكومي، على تخريجة لوضع مراسيم جلسة مجلس الوزراء الاخيرة والاتفاق على آلية توقيعها وتوقيع المراسيم اللاحقة التي تحتاج الى توقيع رئيس الجمهورية. واشار المصدر الى «ان المطلوب هو فَض المشكلة مع « تكبير عقل» لاستيعابها»…
وقالت مصادر «الثنائي الشيعي» لـ»الجمهورية» انّ موقفه واضح لجهة المطالبة بآلية تراعي الهواجس وتضمن في الوقت نفسه عدم التعطيل، مع التأكيد ان الاصول الدستورية الصحيحة لا تنص على توقيع ٢٤ وزيرا. واوضحت ان مراعاة الهواجس لن تكون على حساب المخالفة الدستورية بتكريس توقيع الـ٢٤ وزيرا إنما سيقبلون من باب المصلحة الوطنية او raison d’etat بتوقيع نصف الوزراء زائدا واحدا، مع العلم ان رئيس الحكومة هو الذي يعبّر عن موقف الحكومة، وبالتالي يكفي توقيعه على المراسيم، لكن لا مانع أن يُضاف الى جانب اسمه تواقيع الوزراء الحاضرين بالنصف زائدا واحدا مع انها لزوم ما لا يلزم».
وكان ميقاتي قد اعتبر خلال الاحتفال بإطلاق «الاطار الوطني اللبناني لمنهاج التعليم العام ما قبل الجامعي» امس انّ انتخاب رئيس للجمهورية «هو استحقاق أساسي جداً لاكتمال عقد المؤسسات الدستورية، لكن للاسف ما زال الشغور في رأس الدولة قائماً والخلافات تعصف بين مختلف القوى والتيارات حيال مقاربة هذا الملف. أمام هذا الواقع نجد انفسنا في الحكومة مُلزمين دستوريا ووطنيا وأخلاقيا المضيّ في عملنا لإدارة شؤون الدولة ومعالجة الملفات المُلحّة وبتّها». ولفت إلى أن «هذه المهمة سنقوم بها باقتناع وإقدام وفق ما ينص عليه الدستور والواجب الوطني، وندعو الجميع الى إبعاد هذا الموضوع عن النزاعات السياسية والاعتبارات الطائفية»، وقال: «تعالوا نتلاقى على ما يجمع بين الناس ونعالج الملفات المطروحة بروح المسؤولية بعيداً من العناد والمكابرة ومحاولة أخذ البلد رهينة الاعتبارات السياسية».