الجزائر تبدي «تحفظاً شديداً» على «احتكار» مناصب الاتحاد الأفريقي
عدت طريقة انتخاب الأعضاء «مصدر توترات وإملاءات»
عبرت الجزائر، اليوم الجمعة، من داخل مقر الاتحاد الأفريقي بأديس أبابا عن تحفظها الشديد على آليات انتقاء وانتخاب أعضاء مفوضية الاتحاد الأفريقي، خاصة منصبي الرئيس ونائبه، عادة أن الطريقة المتبعة «مصدر لتجاذبات وتوترات وإملاءات».
وشرح وزير الخارجية الجزائري، أحمد عطاف، هذه التحفظات في خطاب قرأه بمناسبة أشغال دورة استثنائية للمجلس التنفيذي للاتحاد الأفريقي، خصصت لتحديد آليات انتخاب أعضاء المفوضية الأفريقية، في إطار التحضير لانتخابات تنظم مطلع 2025، تتعلق بانتخاب رئيس جديد للمفوضية، وستة مفوضين سيتكفلون بأهم ملفات الأجندة القارية.
وقال عطاف، وفق ما نشرته وزارة الخارجية بحسابها بالإعلام الاجتماعي، إن موقف بلاده من الملف محل بحث «مبني على ثلاث قناعات أساسية: الأولى هي أن عملية انتقاء وانتخاب كبار المسؤولين في منظمتنا القارية لم يسبق أن واجهت إشكالاً حاداً، أملت حدته ضرورة معالجته على النحو المطروح أمامنا. والقناعة الثانية أن عملية الانتقاء والانتخاب هذه لطالما احتكمت إلى مبدأ حرية الاختيار، وتعدد الترشيحات والتنافس الشريف بين مختلف أبناء وبنات قارتنا، دون أدنى تفريق أو تمييز، أو تفضيل بينهم بالنظر لبلدانهم أو أقاليم انتمائهم».
أما «القناعة الثالثة» فتتمثل حسب عطاف في أن «عملية الانتقاء والانتخاب المتبعة طالما كرّست التوجه الاندماجي لمنظمتنا القارية، وهو ما أملى على الآباء المؤسسين وضع ثقتهم بطريقة عفوية، وبصفة متعاقبة في شخصيات رغم انتمائها إلى المنطقة نفسها، وفي بعض الحالات إلى البلد نفسه».
وأوضح عطاف أن هذه المآخذ دفعت بلاده إلى اقتراح «مسارٍ انتقائي واسع النطاق بين الأقاليم الخمسة، يقوم أولاً وأخيراً على معيار الكفاءة والأهلية لقيادة الجهاز التنفيذي لمنظمتنا، ويتيح حقاً فرصة الاختيار بين رؤى ومشاريع وبرامج، تتجسد في تعدد وتنوع الترشحات للأخذ بزمام أمور اتحادنا». وبحسب رئيس دبلوماسية الجزائر، فإن ما تقترحه بلاده «يشجع التنافس للحصول على الأفضل، ويكون فيه وصول كبار المسؤولين على رأس مفوضية منظمتنا نتاج القبول الأوسع من قبل بلداننا، وليس نتاج إملاء منطقة بعينها».
والمعروف أن الأقاليم الخمسة للقارة الأفريقية، الممثلة في الاتحاد الأفريقي، هي شمالها وغربها وشرقها ووسطها وجنوبها. كما يشار إلى أن اجتماع اليوم (الجمعة)، يعقد تحت رئاسة موريتانيا، وبمشاركة وزراء خارجية الدول الأعضاء في المنظمة القارية.
وأضاف عطاف في خطابه أن الجزائر أخذت علما بالتوجه نحو تفعيل مبدأ «التناوب الإقليمي» بالنسبة لمنصبي رئيس المفوضية ونائبه، ولذلك فهي «مترددة» في دعمه «دعماً كاملاً ومطلقاً»، حسبه، لثلاثة أسباب سماها «مخاوف». الأول هو «أن حصر قرار وحق الترشح في منطقة بعينها قد يتحول إلى إملاءٍ من قبل المنطقة ذاتها على منظمتنا برمتها، وقد يتحول في أحيان أخرى إلى مصدر للتجاذبات والتوترات داخل الإقليم المعني بتقديم الترشيحات والترشيحات المضادة».
ويتمثل تخوف الجزائر الثاني، حسب وزير خارجيتها، في أن «اعتماد صيغة مشددة لتفعيل مبدأ التناوب الإقليمي سيؤدي بنا إلى حجب ونفي مبدأ آخر لا يقل أهمية عنه، هو مبدأ تعدد الخيارات وفتح مجال التنافس بين مختلف الرؤى، والمشاريع والبرامج الطموحة والطامحة لخدمة منظمتنا القارية، دون تطويقها أو حصرها في النطاق الضيق لمنطقة من مناطق قارتنا». أما التخوف الثالث، فمبرره أنه بـ«الحرص على إعطاء الأولوية لمبدأ التناوب الإقليمي، قد يفضي إلى الانتقاص من صلاحيات مؤتمر رؤساء الدول والحكومات في انتقاء وانتخاب أفضل المرشحين لقيادة منظمتنا. وهذا ما قد ينتج عنه قيادة لمنظومتنا ناقصة الشرعية، من حيث ظهورها كخيار لمنطقة، وليس لقارتنا بأكملها».
ويؤكد مراقبون أن الموقف الجزائري من آلية تولي المناصب الحساسة في الاتحاد الأفريقي يعكس خشيتها من وصول مسؤولين جدد إليها، يمثلون دولا مطبعة مع إسرائيل. ففي 2021 توترت علاقة الجزائر برئيس المفوضية التشادي موسى فاكي عندما قرر قبول إسرائيل مراقباً في الهيئة الأفريقية. وقالت الجزائر يومها إن القرار «اتُّخذ دون مشاورات موسّعة مسبقة مع جميع الدول الأعضاء». ومعلوم أن تشاد هي واحدة من 10 دول أفريقية (من أصل 54) تقيم علاقات رسمية مع تل أبيب.