
حسين زلغوط
خاص_ موقع “رأي سياسي”:
في الوقت الذي يتعرض فيه الوضع في الجنوب للخروقات اليومية لاتفاق الهدنة والقرار 1701 من قبل العدو الاسرائيلي من دون ان يكون لهذه الخروقات أي رادع دولي خصوصا من راعيتي الاتفاق واشنطن وباريس، برز الى واجهة الاحداث المعارك التي يرتفع منسوبها يوما بعد يوم على الحدود الشرقية من سوريا وسط تبادل الاتهامات حول الجهة التي تبادر في هذه المعارك، وكذلك حول الأسباب الكامنة وراء إندلاعها.
وحيال ما يجري هناك برزت مخاوف جدية من أن نكون أمام سيناريو جديد من القتال على الجانبين اللبناني والسوري، لا يصب في صالح أحد إلا العدو الاسرائيلي، خصوصا وأن ما هو قائم بين البلدين لا يبرر على الإطلاق ما يجري، خصوصا لناحية الروابط العائلية، والتداخل الجغرافي وأمور كثيرة.
ولأجل ذلك قامت الجهات المعنية في لبنان بحملة اتصالات واسعة، واجتماعات مكثفة للجم التوتر، ومنع الإنزلاق الى مواجهات الرابح فيها سيكون خاسراً وسط التحولات التي تعصف بالمنطقة، وفي ظل تحذيرات تلقاها المسؤولون اللبنانيون من تبعات التورط في اي اعمال امنية، بخاصة مع الجانب السوري، ووجوب ضبط الحدود بشكل كامل منعاً للانزلاق الى ما قد تسعى اليه اطراف متضررة من بقاء الاوضاع هادئة بين البلدين.
وفي هذا السياق يؤكد اكثر من مصدر سياسي، ان القيادة العسكرية واعية تماما ومدركة لحجم ما يواجه لبنان وعازمة على تنفيذ خارطة طريق العهد وفق ما تظهّر في مضمون امر اليوم لقائد الجيش رودولف هيكل امس بقوله “إن مسؤولية الجيش في المرحلة الراهنة شديدة الأهمية، من خلال عمله على تطبيق القرار 1701 بالتعاون مع قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان – اليونيفيل، فضلا عن تحصين ساحتنا الداخلية من خطر الإرهاب.”
ويخشى مصدر وزاري سابق من أن يكون هناك خطة جهنمية لتوريط لبنان وسوريا بمعارك لا طائلة منها، وهدفها أن يصار الى ضغط دولي بواسطة مجلس الأمن بحجة حفظ الأمن والإستقرار يؤدي الى إصدار قرار أممي تنتشر على إثره قوات متعددة الجنسيات على شاكلة “اليونيفل” في الجنوب، بالتزامن مع الدعوات الى رسم الحدود بين الجانبين.
وبين هذا وذاك فإن ما يبعث على الخوف أن ينجم عن هذا الصدام تدفق المزيد من النازحين بما يعقد ملف النزوح السوري في لبنان أكثر مما هو معقّد، وتجنبا لكل هذه السيناريوهات على الحكومتين اللبنانية والسورية أن يبادرا فوراً الى الجلوس والحوار المباشر حول كل الأمور العالقة لحقن الدماء ومنع انزلاق البلدين الى مواجهات لا طائلة منها، سيما وأن هذا المشهد يضعنا أمام خيارين: إما أن يكون ما يحدث حادثاً حدودياً يجري التعامل معه بطريقة غير ديبلوماسية، أو أن يكون مخططاً مدبّراً يهدف إلى إشعال المنطقة وبدء نزاع مسلح قد تتداخل فيه مشاريع إقليمية ودولية كبرى، وفي كلتا الحالتين، فإن الوضع المتوتر حاليا على الحدود الشرقية يتطلب تعزيز التواصل السياسي بين الدولتين وتكثيف الحوار لتفادي التدهور الذي من الصعب على أي كان معرفة الى ما ينتهي.