أبرزشؤون لبنانية

افتتاحية اليوم: شبح التأجيل

تعيش الساحة السياسية اللبنانية هذه الأيام على وقع تجاذبات حول الكثير من القضايا أبرزها تعديل قانون الانتخابات النيابية المقبلة، وهو ما يعيد إلى الواجهة هواجس التأجيل وفتح الباب أمام أزمة سياسية قد تكون الأخطر منذ سنوات. فبدل أن تتحوّل الانتخابات إلى محطة تجديد للحياة السياسية، يبدو أنها تتجه لتصبح ساحة مواجهة بين القوى السياسية المتنازعة على شكل النظام الانتخابي وحدود التمثيل.
فالخلافات الدائرة تتمحور حول بند أساسي بتعلق بصوت المغتربين، فبينما يدعو بعض الأطراف إلى تعديلات تعتبرها ضرورية لتصحيح الخلل في التمثيل وتحقيق المساواة بين الناخبين، يرى آخرون أن أي تعديل في هذا التوقيت هو محاولة مضمرة لتأجيل الانتخابات والتحكم بنتائجها مسبقاً.
التحذيرات التي صدرت في الأيام الأخيرة على لسان رئيس مجلس النواب نبيه بري من احتمال انزلاق البلاد إلى “معركة سياسية” تعبّر عن قلق حقيقي من أن يتحول الخلاف القانوني إلى صراع على السلطة. فالمواطن، الذي يرزح تحت أعباء الكثير من الأزمات، يرى في الانتخابات أملاً لتجديد الطبقة السياسية ومحاسبة المسؤولين، فيما يخشى أن يُحرم مجدداً من هذا الحق بسبب الصراعات التقليدية بين القوى الكبرى.
إن أي مساس بمواعيد الانتخابات أو مضمون القانون الحالي من دون توافق وطني واسع سيضع العملية الديمقراطية برمتها في مهب الريح، ويعمّق أزمة الثقة بين الشعب ومؤسساته. المطلوب اليوم موقف وطني جامع يغلّب المصلحة العامة على الحسابات الحزبية، ويعيد التأكيد على أن الانتخابات ليست غاية بحد ذاتها بل وسيلة لإعادة بناء الدولة على أسس الشفافية والمساءلة.
يبقى الأمل أن تتغلب الحكمة على المزايدات، وأن يدرك الجميع أن إنقاذ البلاد يبدأ من احترام الاستحقاقات الدستورية لا من الالتفاف عليها. فالإنتخابات المقبلة ليست مجرد موعد سياسي، بل اختبار حقيقي لقدرة لبنان على الحفاظ على ما تبقى من ديمقراطيته وسط عواصف الانقسام الداخلي، والمتغيرات في المنطقة.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى