شؤون لبنانية

افتتاحيات الصحف ليوم الإثنين 6 كانون الأول 2021

افتتاحية صحيفة النهار الاختراق الفرنسي السعودي: حماية الفرصة الأخيرة

قد يشكل الأسبوع الحالي اختباراً دقيقاً لمجموعة محطات تبدأ برصد الاصداء التي تركها “الاختراق السعودي” المحدود الذي تحقق بـ”شق النفس” على يد الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون في محادثاته المهمة التي اجراها مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في جدة السبت الماضي، وتمر بالإختبار التشريعي المالي الشديد الحساسية في شأن مشروع “الكابيتال كونترول” اليوم، ولا تقف عند الجلسة النيابية غداً، وما اذا كانت ستشهد ما يتخوف منه كثيرون، معالم انطلاق صفقة مقايضة لتحرير جلسات مجلس الوزراء في مقابل تسديد ضربة إلى المحقق العدلي في ملف انفجار مرفأ بيروت. واذا كانت لكل من هذه المحطات أهميتها في رسم معالم الاتجاهات التي ستسلكها الازمة الداخلية، فإن الإعلان الفرنسي السعودي المشترك عن بداية معالجة لأزمة السلطة ال#لبنانية مع الرياض ودول خليجية أخرى، رتب التزامات إضافية على الحكومة التي تعهد باسمها رئيسها نجيب ميقاتي في الاتصال الهاتفي الثلاثي مع الرئيس ماكرون وولي العهد السعودي بالعمل على إعادة العلاقات اللبنانية #السعودية إلى سابق عهدها بما يثقل كاهله الآن في إقناع القوى الشريكة في الحكومة والتي دأبت على تفجير هذه العلاقات، بأن هذه الفرصة في استدراك الخسائر الفادحة التي تسببت بها للبنان لن تتكرر اذا عادت حليمة التفجير إلى عادتها القديمة. وبذلك فإن حماية هذا التطور ستقع في المقام الأول على العهد والحكومة تحت طائلة فقدان آخر فرصة وفرّها الرئيس ماكرون للبنان، أياً تكن أسباب المرونة التي انتزعها من ولي العهد السعودي، علماً ان مؤشرات عدة برزت بعد ساعات من نهاية زيارة ماكرون لجدة، أوحت ان الرياض ستراقب بدقة متناهية معالم استجابة الاخرين لتعهدات الرئيس ميقاتي قبل إعادة السفير السعودي إلى بيروت.

ومعلوم ان الرئيس ماكرون كان أعلن من جدّة ما وصفه بـ “مبادرة فرنسية سعودية لمعالجة الأزمة بين الرياض وبيروت”. وقال إنه تحاور مطولاً مع ولي العهد السعودي حول لبنان وعمل معه حول الملف اللبناني، ثم اتصلا معاً برئيس الحكومة نجيب ميقاتي، وقالا له أن السعودية و#فرنسا ستلتزمان معاً العمل لدعم الشعب اللبناني. “وكان الأمير واضحاً في قوله إنه سيبذل كل الجهود لإعادة فتح المجالات الاقتصادية والتجارية مع لبنان، وأنه سيعمل أيضاً لمساعدة الشعب اللبناني، في ما يخص الاحتياجات الطارئة إن بالنسبة للطاقة أو الحاجات الإنسانية. ولفت ماكرون إلى ضرورة أن تتمكن الحكومة من الاجتماع والعمل بسرعة والقيام بالإصلاحات المطلوبة.

واتخذ مضمون البيان المشترك الفرنسي السعودي دلالات بارزة لجهة تشديده في الجزء المتعلق بلبنان على مجموعة مبادئ صارمة من أبرزها “ضرورة حصر السلاح بمؤسسات الدولة الشرعية، وألا يكون لبنان منطلقاً لأي أعمال ارهابية تزعزع أمن المنطقة واستقرارها، ومصدراً لتجارة المخدرات”. وشددا على “أهمية تعزيز دور الجيش اللبناني في الحفاظ على أمن واستقرار لبنان، بالإضافة إلى الاتفاق على استمرار التشاور بين البلدين في كل تلك القضايا، وإنشاء آلية سعودية -فرنسية للمساعدة الانسانية في إطار يكفل الشفافية التامة، وعزمهما على ايجاد الآليات المناسبة بالتعاون مع الدول الصديقة والحليفة للتخفيف من معاناة الشعب اللبناني”. ولفتا إلى “أهمية الحفاظ على استقرار لبنان واحترام سيادته ووحدته بما يتوافق مع قرارات مجلس الأمن 1559 و1701 و 1680 والقرارات الدولية ذات الصلة”.

وفي تعليق ادلى به الرئيس ميقاتي إلى “النهار” شدّد على “فتح الباب أمام صفحة جديدة من العلاقات بين لبنان والمملكة نريدها علاقات لا تعتريها شوائب، كما كانت دائما وتاريخياً”. وقال “أكدت لسمو ولي عهد المملكة عزم لبنان على العمل لتعود العلاقات إلى سابق عهدها، وان الحكومة ملتزمة تنفيذ الاصلاحات الاساسية التي من شأنها ان تفتح الباب مجدداً لدعم لبنان في هذه الظروف الصعبة التي يمر بها على الصعد كافة”. ودعا “جميع الاطراف في لبنان إلى ان تقدّر دقة الاوضاع والظروف وعدم الاقدام على أي أمر او التدخل في أي شأن يسيء إلى الاشقاء العرب ويلحق الضرر باللبنانيين. وقد آن الاوان للالتزام مجددا سياسة النأي بالنفس وعدم اقحام أنفسنا ووطننا بما لا شأن لنا به”.

وفي المواقف السياسية الداخلية من هذا التطور كتب رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط عبر حسابه على موقع “تويتر”: “في هذا الممر الصحراوي المهدد بخطر السقوط في هاوية المجهول، فإن مبادرة ماكرون لإنقاذ لبنان هي شجاعة ملحوظة، لكن يجب ألا تُنسى قوى الظلام ودورها التقليدي في إفساد وقتل كل شيء”.

روائح “مقايضة”

وسط هذه الأجواء تتصاعد منذ أيام “روائح” صفقة مقايضة يقال انها قيد الاتصالات السرية وتشمل كلاً من بعبدا والسرايا وعين التينة وميرنا الشالوحي والضاحية، لإنضاج اتفاق تحرير مجلس الوزراء، غير ان التفاهم لا تزال دونه عقبات. ففيما يرى الثنائي الشيعي ان تفعيل مجلس محاكمة الرؤساء والوزراء وتجييرَ محاكمة هؤلاء اليه، وكف يد المحقق العدلي في ملف انفجار مرفأ بيروت عن ملاحقة السياسيين وحصر مهمته بالإداريين والمدنيين الاخرين بقرار نيابي يولد من ساحة النجمة هو الانجع والاسرع، يربط رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل موافقته على تأمين الميثاقية وتصويت بعض نوابه لهذا الاجراء، بضمانات حيال تصويت المغتربين لدائرة إضافية ولستة نواب قاريين فقط يقدّمها اليه رئيس مجلس النواب نبيه بري، أياً يكن قرار المجلس الدستوري الذي يبدأ االيوم درس الطعن المقدّم امامه من “تكتل لبنان القوي”.

ويذكر ان الحديث عن السعي إلى مقايضة تصاعد عشية جلسة مجلس النواب المقررة غدا الثلثاء. ولكن زوار عين التينة نقلوا مساء أمس عن الرئيس نبيه بري رفضه كل الحديث عن المقايضات ووصفه لهذا الكلام بانه ترهات مؤكداً ان جدول اعمال الجلسة لن يطرأ عليه أي تغيير.

ويتضمن جدول اعمال الجلسة 36 مشروعاً واقتراحاً معظمها مؤجل من الجلسة السابقة وأثيرت تساؤلات حول اقتراح قانون معجل مكرر ورد في البند 34 يرمي إلى إعطاء الجنسية اللبنانية لمكتومي القيد مواليد عام 2011 وما بعد.

“المشروع الشبح”!

المحطة الثالثة التي ترتب خطورة جديدة في سياق الاخطار المالية التي يواجهها اللبنانيون ستمثل مجدداً مع الجلسة التي ستعقدها قبل ظهر اليوم لجنتا المال والموازنة والإدارة والعدل بدعوة من رئيس المجلس لانجاز صيغة مشروع الكابيتال كونترول علّه يحال غدا على جدول اعمال الجلسة التشريعية. ومعلوم، كما سبق لـ”النهار” ان أوردته قبل أيام، ان التباساً واسعاً أحاط بمشروع “شبح” وزع في الجلسة السابقة للجنتين واثار الكثير من الريبة والشكوك حول مضمونه كما حول الجهات المستفيدة منه والاستهداف الجديد الذي سيصيب المودعين جراءه اذا سلك طريقه إلى التشريع. ذلك ان المشروع “الشبح” الذي قد لا يجد من يتبناه من النواب ويوقع على وثيقة ولادته، يوحي في مضامينه وبعض بنوده بتخلي الدولة عن دورها في القدرة على التحكم بحركة النقد وأولوياته ويعطي المصارف ومصرف لبنان القدرة على تطبيق أحكام هذا القانون وفق ما تقتضيه استراتيجياتهما وبما يؤمن الاولوية لمصالحهما. وقد قدم هذا المشروع كما بات معروفا من الحكومة على اساس أنه اقتراح مقدم من نواب وليس كمشروع يقدم وفق الاصول، وهذا إن دل على شيء فإنه يؤكد حال اللاتوازن والتخبط من السلطة حيال حقوق المودعين.

وعشية جلسة اللجنتين لاستكمال البحث في المشروع وصف رئيس لجنة المال النائب ابرهيم كنعان الاقتراح بأنه “عملية تهريب منظمة تقضي بإناطة الصلاحيات بمصرف لبنان لتنظيم السحوبات والتحويلات وتحديد الشروط والسقوف، بما يقضي على ما تبقى من أمل للمودعين في استعادة ودائعهم، لاسيما الودائع بالعملات الأجنبية، وتضعها في عهدة مصرف لبنان والمصارف ممن سبق لهم أن أمعنوا في اقتطاع نسب لا نقل عن 80% من هذه الودائع عن طريق ابتكار بدع من أمثال التعميم رقم 151 والتعميم 158 “.

وغرّد رئيس “التيّار الوطني الحر” النائب جبران باسيل، عبر “تويتر”: “أردنا قانون الكابيتال كونترول بالـ٢٠١٩ لضبط التحويلات للخارج، مش ليصير بالـ٢٠٢١ للعفو عن تحويلات مشبوهة صارت، وترك الاستنسابية لمصرف لبنان بالتحويلات لبدّها تصير، والالتفاف عَ احكام القضاء. لا تشريع لسرقة المودعين ونصرّ على استعادة اموالهم وعلى قانون استعادة الأموال المحولة للخارج”.


افتتاحية صحيفة نداء الوطن

الكابيتال كونترول: عون يدعم إقراره وباسيل يعتبره “تشريعاً للسرقة”!

تعهّدات لبنان للرياض وباريس: “كوابيس اليقظة” تقتل “الأحلام الوردية”

على قاعدة “الحرب سجال”، يتعاطى “حزب الله” مع نكسة استقالة الوزير جورج قرداحي باعتبارها مجرد “جولة خاسرة” على حلبة المعارك الاستراتيجية التي يخوضها داخلياً وخارجياً، فرفع الراية البيضاء أمام الضغط الفرنسي لـ”قبع” قرداحي قبل أن يقبض الثمن “قبعاً” للمحقق العدلي في جريمة المرفأ، كما كان يراهن ويأمل، من خلال محاولاته الدؤوبة في الفترة الماضية لشبك الحلول بين المسارين على طاولة “الأخذ والرد” مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي لرفع الفيتو عن انعقاد مجلس الوزراء.

وبهذا المعنى، نجح ميقاتي بالشكل والجوهر في اقتناص الفرصة الفرنسية المؤاتية لنزع “صاعق” قرداحي من قبضة “حزب الله”، وتقديمه على “طبق من فضة” إلى المملكة العربية السعودية بمعيّة الرئيس إيمانويل ماكرون، فكافأه الأخير باتصال جدة المشترك مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، ليطلق ميقاتي تحت وطأة “سكرة” الاتصال سلسلة تعهدات حكومية، رأت مصادر سياسية أنها أقرب إلى “الأحلام الوردية سرعان ما ستقتلها كوابيس اليقظة على أرض الواقع اللبناني”.

ولعلّ إعراب رئيس “الحزب التقدمي الاشتراكي” وليد جنبلاط عن الهواجس المتصلة بـ”الدور التقليدي لقوى الظل في تخريب كل شيء وقتله” صبّ في خانة ارتفاع أسهم التوقعات الوطنية بأن يجهض “حزب الله” خارطة الطريق الفرنسية – السعودية لإنقاذ لبنان، لا سيما وأنها لامست في ركائزها “محرّمات” إقليمية ولبنانية، وفق تعبير المصادر. فعلى المستوى الإقليمي تضمنت مقررات جدة “تقاطعاً في المواقف بين الرياض وباريس مناهضاً لإيران نووياً وباليستياً وفي ما يتعلق بأنشطتها المزعزعة للاستقرار في المنطقة بما فيها الهجمات المسيّرة والصاروخية”، وهذا تفصيل جوهري لا يمكن للحزب القفز فوقه، بينما على المستوى اللبناني وضع البيان السعودي – الفرنسي دفتر شروط سيادياً لمد يد العون إلى لبنان، سيكون من المستحيل تطبيقه حكومياً لا سيما في ما يتصل بالتشديد على “وجوب حصر السلاح بيد مؤسسات الدولة الشرعية ومراقبة الحدود وضبط المعابر والمرافئ البحرية والجوية والبرية وألا يكون لبنان مصدراً لأي عمل إرهابي يزعزع استقرار المنطقة أو في تصدير المخدرات، وصولاً إلى التشديد على ضرورة الالتزام باتفاق الطائف والحفاظ على سيادة البلد تحت سقف قرارات مجلس الأمن 1559 و1701 و1680 والقرارات الدولية ذات الصلة”.

وبالتالي، من المرجح أن تعود الغيوم لتتلبّد تباعاً مع مرور الأيام تحت وطأة عجز الحكومة اللبنانية عن الإيفاء بتعهداتها أمام الرياض وباريس، وعلى وجه أخص في ما هو مرتبط بالسلاح غير الشرعي وضبط الحدود والمعابر الشرعية، سيّما وأنّ رئيس الجمهورية ميشال عون بدا في حديثه لصحيفة “الشرق” القطرية كرأس حربة في مشروع التصدي لأي مقاربة جديدة لموضوع سلاح “حزب الله” وأدائه على المستويين الداخلي والخارجي، معتبراً أنّ “كل شيء مطلوب من “حزب الله” يلتزم بتنفيذه ولم يتجاوز بنود قرار مجلس الأمن الدولي 1701″. وفي السياق نفسه، أتى التعليق الأولي من دوائر قصر بعبدا على مسألة المكالمة الهاتفية التي جرت بين ماكرون وبن سلمان مع رئيس الحكومة، ليحصر مفاعيلها ضمن نطاق “الانطباع الإيجابي” الذي نقله ميقاتي لعون، وعكس من خلاله “أجواء من الارتياح” جراء الاتصال، لكنها طرحت في المقابل تساؤلات محورية حول “الآلية المنوي اعتمادها لترجمة ذلك على أرض الواقع”، وأردفت بالقول: “من المؤكد أنّ التوافق الفرنسي – السعودي حول مساعدة لبنان شكل تطوراً مهماً على صعيد خرق الجمود في جدار أزمة العلاقات اللبنانية – الخليجية، غير أنّ تبلور المشهد أكثر يحتاج إلى مزيد من الوقت بانتظار اتضاح الأمور على مستوى الآليات التنفيذية لهذا التوافق”، مشيرةً إلى أنّ “الرئيس عون لا يزال ينتظر اتصال الرئيس الفرنسي لوضعه في أجواء اجتماعات جدة وليطلع منه على مزيد من التفاصيل، كما سيلتقي ميقاتي (اليوم) على هامش اجتماع توقيع الاتفاقية الفرنكفونية في قصر بعبدا وسيبحث معه في “مرحلة ما بعد” الاتصال الفرنسي – السعودي، ولذلك لا بد من التريث في ردات الفعل قبل تبيان الخطوات الآيلة إلى وضع الترجمات العملية لهذا الاتصال”.

تشريعياً، تتجه الأنظار إلى جلسة الهيئة العامة غداً لتحديد الخيط الأبيض من الأسود في ما يتعلق بقضيتي التحقيق العدلي في انفجار المرفأ وقانون الكابيتال كونترول… ففي حين لا تزال “الطبخة” غير ناضجة بعد لنزع صلاحية مساءلة النواب والوزراء والرؤساء من يد المحقق العدلي في جريمة 4 آب وحصرها بلجنة تحقيق برلمانية تحت لواء المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، برز في ملف قانون الكابيتال كونترول تضارب في التوجهات بين رئيسي الجمهورية وتياره. إذ وبينما أعرب عون في حديثه للصحيفة القطرية عن أمله في “أن يتم إقرار اقتراح القانون في مجلس النواب لأنه يشكل خطوة على طريق حل مشكلة الودائع”، كانت تغريدة مسائية مناقضة لرئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل أعلن فيها رفض إقرار القانون باعتباره “تشريعاً لسرقة المودعين”، مشدداً على أن قانون الكابيتال كونترول أتى اليوم “للعفو عن تحويلات مشبوهة صارت وترك الاستنسابية لمصرف لبنان بالتحويلات” المستقبلية، وأبدى في المقابل إصراره على إقرار “قانون استعادة الأموال المحوّلة للخارج”.

وتوازياً، أبدى نقيب المحامين في بيروت ناضر كسبار موقفاً حازماً رفضاً لإقرار “مشروع الكابيتال الكونترول الذي يتم درسه حالياً في مجلس النواب تحضيراً للتصويت عليه”، لما تعتريه من “شوائب عدة في الشكل والمضمون” ولما يشكله من “خطر داهم على حقوق المودعين، كما يشكل في بعض جوانبه اعتداءً خطيراً على حقوقنا الدستورية”، كاشفاً أنّ “النقابة بصدد تشكيل لجنة تضم محامين واقتصاديين متخصصين لمتابعة ودراسة القوانين والخطوات اللازمة لحماية حقوق المودعين كاملةً”.

وكذلك، على المستوى القضائي لفت نادي القضاة في بيان أمس إلى أن “ما يتمّ تداوله مؤخّراً باقتراح قانون يرمي إلى وضع ضوابط مؤقتة واستثنائية على التحاويل المصرفية والسحوبات النقدية ينطوي على مخالفات دستورية وقانونية جوهرية لا يمكن إغفالها”، رافضاً ما ينصّ عليه الاقتراح “بشمول تطبيقه المنازعات والدعاوى التي لم يصدر فيها حكم مبرم”، بوصفه “تدخلاً سافراً من قبل السلطة التشريعية في عمل السلطة القضائية وضربة إضافية لاستقلالها”. وخلص البيان إلى التحذير من مغبة إقرار اقتراح القانون لأنه “يشكل شذوذاً قانونياً عن كل ما هو مألوف من مبادئ دستورية وقانونية وأعراف سائدة”.


افتتاحية صحيفة الشرق الأوسط

انعقاد مجلس الوزراء اللبناني مرهون بـ «التسويات»

تراجعت الآمال بإمكانية عقد جلسة للحكومة هذا الأسبوع رغم بعض الإشارات الإيجابية التي كانت قد بثّت في الأيام الماضية، في وقت عكست تصريحات وزراء ونواب في الثنائي الشيعي (حزب الله وحركة أمل) رميهم كرة التعطيل في مرمى الآخرين عبر دعوتهم إلى إطلاق عمل الحكومة واعتبار حلّ الأزمة «مسألة غير مستعصية». مع العلم أن العقدة القديمة الجديدة لا تزال في مكانها وهي ربط الثنائي تفعيل عمل مجلس الوزراء بكف يد المحقق العدلي في انفجار المرفأ طارق البيطار وهو ما استدعى الحديث عن حلّ يقضي بإحالة التحقيق مع الوزراء والنواب إلى المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، لكنه لم يجد طريقه إلى التوافق ولم يطرح ضمن جدول أعمال جلسة البرلمان يوم غدٍ الثلاثاء.

وأشارت مصادر وزارية لـ«الشرق الأوسط» إلى أن البحث بهذا الطرح لا يزال مستمراً وربطت نتائجه بجلسة اللجان النيابية اليوم الاثنين التي ستبحث في إمكانية تشكيل لجنة تحقيق برلمانية لإحالة المدعى عليهم إلى المجلس الأعلى، موضحة أنه «إذا تأمن التوافق على الحلّ وتأمين نصاب الجلسة وميثاقيتها (عبر حضور كتلة التيار الوطني الحر من دون أن تصوّت لصالحه) قد يطرح من خارج جدول الأعمال لبحثه في جلسة الثلاثاء البرلمانية».

وبعد نحو شهر على تعليق عمل جلسات الحكومة، أجمع كل من «حركة أمل» و«حزب الله» على تجديد التأكيد على ربط جلسة الحكومة بقضية المرفأ، وفي هذا الإطار، قال النائب في حركة أمل والصادرة بحقه مذكرة توقيف في القضية، علي حسن خليل، إن «الأولوية اليوم هي إطلاق عمل الحكومة إلى أوسع مدى ابتداءً من معالجتها للخلل القائم على صعيد تجاوز الدستور والقيام بواجباتها، في سبيل تصويب المسار القضائي الذي يجر البلد إلى أزمة عميقة تتصل بقضية احترام الدستور والقانون كأساس لانتظام عمل المؤسسات، ولحسن سيرها والقيام بما تمليه عليها واجباتها».

وقال: «اليوم الحكومة أمام محطة جديدة، ونحن دافعنا وساعدنا في إيجاد المناخات الملائمة لكي تقر برنامجاً إصلاحياً حقيقياً نستطيع معه أقله أن نضع أنفسنا على سكة المعالجة لأوضاع الناس الاقتصادية والمالية والاجتماعية. لن نيأس وسيبقى لدينا الأمل، وهو أمل مرتبط بكثير من المعطيات لأننا قادرون على الخروج من أزمتنا، ولكن هذا الخروج يتطلب جرأة في المعالجة وتحملاً للمسؤولية ورفضاً للخنوع، ومنطق الضغط الذي يمارس على الأجهزة القضائية والتنفيذية في البلد، مزيد من الضغط والحصار والتصفية السياسية».

من جهته، أبدى النائب محمد فنيش (حزب الله)، مرونة في تقديم الحزب بعض التنازلات، بحسب ما أشار في لقاء سياسي في الجنوب وقال: «نحن من أكثر الناس استعداداً لتقديم التنازلات وتسهيل تشكيل وعمل الحكومات السابقة والحالية وإبداء مرونة في هذا الخصوص، لأنه منهجنا في الداخل، ولا سيما فيما يتعلق بالتعامل مع القضايا الداخلية»، لكنه دعا في الوقت نفسه الحكومة إلى أن «تعالج الخلل الذي أدى إلى عدم اجتماع مجلس الوزراء، والمتمثل بأداء القاضي البيطار البعيد من الدستور، والذي تجاوز الصلاحيات الدستورية، ويعمل باستنسابية واستغلال وتوظيف لجريمة انفجار المرفأ والضحايا، فضلاً عن الخضوع لشعبوية ما، من أجل إلحاق ضرر وتحميل المسؤولية لجهة سياسية»، معتبراً أن «المسار القضائي الذي يعتمده القاضي بيطار بعيد من الحقيقة، ولا يؤدي إلى معاقبة وكشف المسؤولية عن الذي تسبب بهذه الجريمة، سواء باستحضار النيترات أو انفجارها، ومن المسؤول عن ذلك».

في المقابل، انتقد مطران الروم الأورثوذكس إلياس عودة مقاربة السياسيين لقضية المرفأ بهذه الطريقة وتعطيل عمل الحكومة في بلد أصبح فيه المواطن، جائعاً ومريضاً وفقيراً ومستعطياً الدواء، ومظلوماً «من حكام لا يبالون إلا بمصالحهم، وزعماء لا يعرفون إلا استغلاله من أجل الوصول إلى مآربهم، ومتى وصلوا نسوا كل شيء إلا التشبث بمراكزهم وكراسيهم ولو على حساب الشعب وحياته»، مضيفاً: «وما رد فعلهم على التحقيق في تفجير بيروت إلا عينة من أنانيتهم وقلة مسؤوليتهم وعدم اكتراثهم بشعبهم. والآن يعطلون عمل الحكومة من أجل غاياتهم وكأن البلد ملك لهم يتصرفون به حسب أمزجتهم ومصالحهم»، مشدداً: «وعوض أن تكون اجتماعات الحكومة مفتوحة ومتلاحقة وغير منقطعة من أجل إخراج لبنان من عمق أزماته، نراها معطلة مشرذمة وغير منتجة. وكلنا نعرف أن الفرصة التي تضيع لا تتكرر، وأن هدر الوقت يفاقم الأوضاع، وأنه لا حل خارج المؤسسات الدستورية التي يجب أن تعمل وفق أحكام الدستور والقوانين، ومن أجل خير الشعب». من هنا دعا الحكومة إلى «أن تتكاتف وتنصرف إلى العمل، وإن كان أعضاؤها واعين ثقل مسؤوليتهم، عليهم الإقلاع عن سياسة التعطيل وفرض الشروط، والعمل من أجل إخراج لبنان من أزمته المميتة، ومساعدة شعبه على البقاء على قيد الحياة… وعلى الجميع أن يعوا أن مصلحة لبنان فوق مصالحهم وأنهم في مراكزهم للخدمة والعمل، لا لتعطيل البلاد وقهر العباد».


افتتاحية صحيفة الجمهورية

“الجمهورية”: ميقاتي يلاقي ماكرون وبن سلمان برزمة إجراءات لإعادة الثقة

فاعل أمس نجاح مبادرة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون في إعادة وصل ما انقطع بين لبنان والمملكة العربية السعودية في مختلف الأوساط، وانعكس ارتياحاً لبنانياً عاماً، ما خلا بعض الأوساط السياسية التي تحفّظت أو قلقت. وكذلك انعكس ارتياحاً على مستوى تعاطي كثير من العواصم العربية والاجنبية وتفاعلها مع الشأن اللبناني. وسينطلق رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بدءاً من اليوم في ورشة متعدّدة الوجوه، للبدء بترجمة ما اتُفق عليه لتطبيع العلاقات مع السعودية خصوصاً والدول الخليجية عموماً، واتخاذ كل الإجراءات على كل المستويات، بما يعيد الثقة الخارجية بلبنان، ولا سيما منها العربية، وكذلك بما يمكن لبنان من استعادة ثقته بنفسه. ورجّح المراقبون ان تُتوّج كل الخطوات التي سيتخذها لبنان بتواصل لبناني ـ سعودي مباشر. ومن الأفكار المتداولة في هذا المجال، ان يزور ميقاتي الرياض في وقت ليس ببعيد، بناءً على دعوة رسمية سعودية او بناءً على رغبته، لا فارق، بحيث تكون هذه الزيارة تتويجاً لتطبيع العلاقات بين البلدين، بعد تطبيق مجموعة من الإجراءات التي ستتخذها الحكومة على مختلف المستويات، لمعالجة ما اعترى العلاقات اللبنانية ـ السعودية من شوائب وإشكالات كانت تسببت بالقطيعة بين بيروت والرياض، والتي أنهاها الاتصال الهاتفي الذي تمّ بين الرئيس الفرنسي وولي العهد السعودي وبين ميقاتي، خلال محادثات جدة السبت الماضي. علماً انّ في برنامج رئيس الحكومة زيارات لعدد من دول الخليج، قيل انّه كان يستأخّرها في انتظار معالجة الأزمة بين لبنان والسعودية، والانطلاق بعد ذلك في جولة على دول الخليج العربي.

أظهر الأسبوع الفائت انّ باريس ما زال دورها مؤثراً في لبنان، وانّ المبادرة الفرنسية التي انطلقت على إثر انفجار مرفأ بيروت ما زالت مستمرة، على رغم التبدُّل الذي شهدته في مضمونها، حيث أنّ زيارة ماكرون للدول الخليجية كانت كفيلة بحلّ أزمة مزدوجة: استقالة وزير الإعلام جورج قرداحي، وفتح قنوات التواصل بين الرياض وبيروت من خلال الاتصال بين ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي، وذلك في أول اتصال رسمي من هذا النوع، الأمر الذي يعني تجميداً للخطوات التصعيدية، وفتح الباب أمام عودة المسار الديبلوماسي والسياسي بين البلدين.

وقد نجحت باريس في تحقيق خرق مهمّ على هذا المستوى، من خلال تفكيك عقدة قرداحي التي كانت أُضيفت إلى عقدة التحقيق في انفجار المرفأ، التي ما زالت تعطِّل العمل الحكومي، كما تفكيك عقدة العلاقة المتوترة بين لبنان والدول الخليجية، وتحديداً المملكة العربية السعودية، والتي تضرّ كثيراً بالمصلحة اللبنانية، ودلّ الدور الفرنسي الى انّه الوحيد القادر على تحقيق اختراقات داخل الساحة اللبنانية.

ومن غير المستبعد ان تتمّ الاستفادة لبنانياً من المناخات الإيجابية التي أرختها عودة التواصل السعودي مع لبنان، وطي صفحة استقالة قرداحي من أجل إنهاء التعطيل الحكومي، بغية الاستفادة من هذا الزخم لجماً للتدهور المالي والاقتصادي وإعادة وضع الحكومة على سكة المسار الذي انطلقت على أساسه بكونها حكومة إصلاحات وانتخابات.

وعلى الرغم من البيان المشترك الفرنسي والسعودي الذي يدين «الأنشطة الإيرانية المزعزعة للاستقرار في المنطقة»، ويؤكّد على حصر السلاح في لبنان في مؤسسات الدولة الشرعية، وعلى رغم الموقف الفرنسي الواضح من السلاح النووي الإيراني، فإنّ باريس تحافظ على خطوط تواصل مع طهران، وتتحدث بعض المعلومات عن انّ استقالة قرداحي جاءت بناءً على طلب فرنسي من طهران، بعدما عجزت كل المساعي الأخرى عن فعل فعلها، ما يعني انّ الخطوة هي ثمرة توافق فرنسي-إيراني، ولكن وفقاً للتجربة فإنّ سقف هذا التوافق منخفض جداً، بدليل انّه لم ينتج الحلول التي ينتظرها الشعب اللبناني.

ولا شك في انّ الأنظار ستكون شاخصة في الأيام والأسابيع المقبلة على طريقة ترجمة التواصل الأول من نوعه بين بن سلمان وميقاتي، لجهة ما إذا كانت هناك من زيارة للأخير إلى الرياض، أم انّ الأمور انتهت عند هذه الحدود مع انتهاء زيارة ماكرون، وما مدى الانفتاح السعودي على لبنان، وهل سيقتصر على تجميد الخطوات التصعيدية، أم سيفتح صفحة جديدة مع لبنان؟

وفي الانتظار تبقى الأنظار على الجلسة التشريعية المقرّرة غداً، في ظل الحديث عن تسوية عنوانها إنشاء المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، وحصول هذه التسوية يتطلّب تراجع فريق العهد عن موقفه الذي كان يقف ضد هذا المخرج، وفي حال تبديل موقفه يعني انّ ثمة مقايضة ما قد حصلت، وانتزع العهد بموجبها مطلبه الإطاحة بتصويت المغتربين تجنباً لتأثيرهم داخل الدوائر اللبنانية، او مطالب أخرى.

ويبدو انّ هناك تصميماً على معالجة الأزمة الحكومية، فيدخل لبنان في تبريد سياسي في الأسابيع الأخيرة الفاصلة عن السنة الجديدة، خصوصاً انّ ما شهدته البلاد في نهاية الأسبوع الماضي شكّل ارتياحاً على مستوى الأسواق المالية وعلى المستويين الشعبي والسياسي، وهناك محاولة للدفع قدماً من أجل تثبيت هذه الإيجابيات وتوسيعها. وبالتالي، السؤال الذي يطرح نفسه: هل سيشهد هذا الأسبوع نهاية للتأزُّم الحكومي على غرار ما شهد الأسبوع الماضي نهاية للتأزُّم مع الدول الخليجية من باب استقالة قرداحي وعودة التواصل الرسمي مع الرياض؟

ميقاتي في بعبدا

نتائج زيارة ماكرون الخليجية وما تركته من مفاجآت ستكون اليوم موضع بحث بين رئيس الجمهورية ميشال عون وميقاتي، على هامش الاحتفال الذي سيُقام في القصر الجمهوري لمناسبة توقيع اتفاقية إنشاء المكتب الاقليمي لمنظمة الدول الفرنكوفونية في بيروت في حضور المدير العام للمنظمة والمسؤولين الكبار فيها.

وفي انتظار الاتصال المنتظر من الرئيس الفرنسي برئيس الجمهورية كما وعد الاول، والذي لم يحصل بعد، قالت مصادر واسعة الاطلاع لـ «الجمهورية»، انّ عون وميقاتي سيناقشان ما يمكن ان تؤدي اليه الزيارة وسبل مواكبة نتائجها في ضوء بعض التقارير العاجلة التي وصلت الى بيروت من اكثر من مصدر، وللبحث في تفاصيل إضافية لم يتمكن ميقاتي من شرحها هاتفياً عندما تحدث عصر السبت الماضي الى كل من رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب نبيه بري، واطلعهما على ما جرى في الإتصال الهاتفي الذي تلقّاه من ماكرون وولي العهد السعودي .

كذلك سيتناول اللقاء بعض المواضيع المتصلة بالمساعي المبذولة لإحياء عمل مجلس الوزراء، وما توصلت اليه بعض المبادرات الجارية على اكثر من مستوى، والتي لم تنته بعد الى صيغة قابلة للتطبيق وتشكّل مخرجاً يتيح الدعوة الى جلسة لمجلس الوزراء، بعدما تضخّم جدول اعماله الى درجة كبيرة ادّى تأجيل البحث فيها الى اكثر من مشكلة في اكثر من قطاع.

اجتماع موسع

وفي اول إجراء عملي، سيرأس ميقاتي في السرايا الحكومية ظهر اليوم اجتماعاً موسعاً يضم نائب رئيس الحكومة ووزراء الدفاع والخارجية والداخلية والمالية والصناعة والاقتصاد والمجلس الاعلى للجمارك والهيئات الاقتصادية وإتحاد مجالس رجال الأعمال اللبنانية ـ السعودية والخليجية.

وقالت مصادر حكومية لـ«الجمهورية»، انّ البحث سيتركز على الإجراءات الواجب اتخاذها لإعادة الثقة العربية والدولية بلبنان وتعزيز العلاقات بينه وبين دول الخليج العربي.

بديل قرداحي

وتزامناً مع تسلّم وزير التربية عباس الحلبي مهمات وزير الاعلام بالوكالة بعد استقالة الوزير جورج قرداحي بموجب مرسوم البدائل، نفت مصادر وزارية سلسلة الشائعات التي تحدثت عن اسماء متعددة للوزير البديل الذي سيُعيّن بمرسوم.

وكان رئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية قد غرّد عبر «تويتر» كاتباً: «مع احترامنا ومحبّتنا لكل الأسماء التي طُرحت في الإعلام، فإنّ موقفنا الذي عبّرنا عنه في بكركي بأننا لن نسمّي بديلاً للوزير جورج قرداحي لم ولن يتغيّر».

خرق إيجابي

والى ذلك، أبدى رئيس مجلس النواب نبيه بري ارتياحه الى نتائج زيارة الرئيس الفرنسي للرياض على المستوى اللبناني وما أفرزته من خرق إيجابي تمثل في الاتصال السعودي بميقاتي.

بيانان

وكان الديوان الملكي السعودي أصدر السبت بياناً اكّد فيه حصول الاتصال الهاتفي، بين ماكرون وبن سلمان ميقاتي. وبحسب «وكالة الأنباء السعودية» (واس) فقد أبدى ميقاتي «تقدير لبنان لما تقوم به المملكة العربية السعودية وفرنسا من جهود كبيرة للوقوف إلى جانب الشعب اللبناني».

كما أكّد «التزام الحكومة اللبنانية باتخاذ كل ما من شأنه تعزيز العلاقات مع المملكة العربية السعودية ودول مجلس التعاون، ورفض كل ما من شأنه الإساءة إلى أمنها واستقرارها».

وتمّ الاتفاق بين الدول الثلاث على «العمل المشترك لدعم الإصلاحات الشاملة الضرورية في لبنان». والتأكيد على حرص السعودية وفرنسا على أمن لبنان واستقراره.

وقال البيان المشترك الذي صدر في ختام المحادثات بين ماكرون وبن سلمان، إنّ الطرفين شدّدا على «ضرورة قيام الحكومة اللبنانية بتنفيذ إصلاحات شاملة، لا سيما الالتزام بتنفيذ اتفاق الطائف المؤتمن على الوحدة الوطنية والسلم الأهلي في لبنان. وان تشمل الإصلاحات قطاعات المالية والطاقة ومكافحة الفساد ومراقبة الحدود. واتفق الجانبان على العمل مع لبنان لضمان تنفيذ هذه الإجراءات. وشدّدا على ضرورة حصر السلاح بمؤسسات الدولة الشرعية وألّا يكون لبنان منطلقاً لأي اعمال ارهابية يزعزع استقرار وامن المنطقة، ومصدراً لتجارة المخدرات. كما شدّدا على أهمية تعزيز دور الجيش اللبناني في الحفاظ على أمن واستقرار لبنان. واتفقا على استمرار التشاور بين البلدين حول كل هذه القضايا. كما كان اتفاق على إنشاء آلية مساعدات إنسانية فرنسية- سعودية في إطار يضمن الشفافية التامة ويظهر عزمهما على إيجاد الآليات المناسبة للتخفيف من معاناة الشعب اللبناني، بالتعاون مع الدول الصديقة والحليفة. وأكّدا أهمية الحفاظ على استقرار لبنان واحترام سيادته ووحدته، وفقاً لقرارات مجلس الأمن (1559) و (1701) و (1680) والقرارات الدولية ذات الصلة».

ماكرون

من جهته، أكّد ماكرون في مؤتمر صحافي عقب انتهاء زيارته للسعودية، أنّه حصل على تعهّد من المملكة بأنّها ستعود لتلعب دوراً اقتصادياً في لبنان. وقال: «نريد بذل كل الجهود لكي يتمّ إعادة فتح الاقتصاد والتبادلات التجارية لصالح لبنان، وسأجري غداً (أمس) اتصالاً هاتفياً برئيس الجمهورية اللبنانية ميشال عون». واضاف: «تطرقت مع ولي العهد السعودي للملف اللبناني، واتصلنا برئيس الوزراء نجيب ميقاتي، وقلنا له إنّ فرنسا والسعودية تريدان دعم الشعب اللبناني». وتابع: «محمد بن سلمان أبلغنا بأنّه تمّ الأخذ بعين الاعتبار مطالب السعودية المتعلقة بتهريب المخدرات من لبنان وموضوع استقالة وزير الإعلام جورج قرداحي».

لا مقايضة

من جهة ثانية، وعشية الجلسة التشريعية، نُقل عن بري تأكيده ان لا مقايضة ولا صفقة في الجلسة النيابية المقرّرة غداً، معتبراً انّ ما يُروّج احياناً عن انّ هناك تسوية او مساومة يجري تحضيرها بين الملفات العالقة، هو انعكاس لخفة البعض ولا صلة له بالواقع.

وفي هذا السياق اكّدت مصادر نيابية بارزة لـ«الجمهورية»، أن لا اساس اطلاقاً لأي كلام عن اتجاه لدى مجلس النواب الى سحب ملف التحقيقات المتعلقة بالنواب والوزراء والرؤساء اليه. ولم يتحدث احد مع احد عن هذا الامر، وهو غير مطروح من الأساس، وقالت انّ الحل كان ولا يزال مرجعيته القضاء ومجلس الوزراء.

الجلسة التشريعية

وفي هذه الاجواء، تتجّه الانظار غداً الثلاثاء الى مسرح الاونيسكو، حيث يعقد مجلس النواب جلسة تشريعية، وعلى جدول اعمالها 36 بنداً، ابرزها إقتراح القانون المعجل المكرّر الرامي الى تمديد العمل بالقانون الرقم 200 /2020 الى حين الإنتهاء من أعمال التدقيق الجنائي الذي يسمح لفريق المؤسسة المكلّفة التدقيق، بإتمام المهمة في مصرف لبنان قبل الانتقال الى بقية الوزارات والمؤسسات العامة والهيئات المستقلة. وبندان يعنيان الصحافيين، الأول يمنح الضمان الصحي للمحرّرين الصحافيين غير المنتسبين للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، والثاني تعديل قانون المطبوعات لجهة عدم إدراج العقوبات الصحافية على السجل العدلي، ومساعدة العاملين في القطاع الإستشفائي.

ومن اقتراحات القوانين المعجلة: إلغاء الإمتحانات الرسمية للشهادة المتوسطة، تعليق العمل ببعض مواد وفصول القوانين المتصلة بإنفجار المرفأ، إعطاء تعويضات ومعاشات تقاعدية لذوي الضحايا اللبنانيين الذين استشهدوا في تفجير 15 آب في بلدة التليل العكارية وتمكين اللبنانيين الذين أصيبوا منهم من الاستفادة من التقديمات الصحية للصندوق الوطني للضمان الإجتماعي وحقوق ذوي الإحتياجات الإضافية.

وأخطر ما في جدول اعمال الجلسة ما ورد في البند 34 الذي نص على اقتراح القانون المعجل المكرّر الرامي الى إعطاء الجنسية اللبنانية لمكتومي القيد مواليد عام 2011 وما بعد، وهو بند لا يمكن ان يمرّ بعد ان سجّلت كتل نيابية ملاحظات عدة تؤدي الى تطييره.

عوده

وفي المواقف السياسية، قال متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس المطران الياس عوده، في قداس الأحد والجناز عن راحة نفس البطريرك إغناطيوس الرابع في ذكراه التاسعة، في كاتدرائية القديس جاورجيوس: «أصبح إنسان بلادي جائعاً ومريضاً وفقيراً، ومستعطياً الدواء، ومظلوماً من حكام لا يبالون إلّا بمصالحهم، وزعماء لا يعرفون إلّا استغلاله من أجل الوصول إلى مآربهم، ومتى وصلوا نسوا كل شيء إلّا التشبث بمراكزهم وكراسيهم ولو على حساب الشعب وحياته. وما ردة فعلهم على التحقيق في تفجير بيروت إلاّ عينة عن أنانيتهم وقلة مسؤوليتهم وعدم اكتراثهم بشعبهم. والآن يعطلون عمل الحكومة من أجل غاياتهم، وكأنّ البلد ملكاً لهم يتصرفون به حسب أمزجتهم ومصالحهم». وأضاف: «عوض أن تكون اجتماعات الحكومة مفتوحة ومتلاحقة وغير منقطعة من أجل إخراج لبنان من عمق أزماته، نراها معطلة مشرذمة وغير منتجة. وكلنا نعرف أنّ الفرصة التي تضيع لا تتكرّر، وأنّ هدر الوقت يفاقم الأوضاع، وأنّ لا حل خارج المؤسسات الدستورية التي يجب أن تعمل وفق أحكام الدستور والقوانين، ومن أجل خير الشعب. لذلك على الحكومة أن تتكاتف وتنصرف إلى العمل، وإن كان أعضاؤها واعين ثقل مسؤوليتهم، عليهم الإقلاع عن سياسة التعطيل وفرض الشروط، والعمل من أجل إخراج لبنان من أزمته المميتة، ومساعدة شعبه في البقاء على قيد الحياة. أما استرضاء هذه الجهة وتطييب خاطرها، ومسايرة تلك والتغاضي عن أخطائها، فليست الطريقة الفضلى لإدارة البلاد. وعلى الجميع أن يعوا أنّ مصلحة لبنان فوق مصالحهم وأنّهم في مراكزهم للخدمة والعمل لا لتعطيل البلاد وقهر العباد».


افتتاحية صحيفة اللواء

شبح الخلافات فوق الأونيسكو غداً يهدّد مجلس الوزراء «وبيان الرياض»!

باسيل ينسف «الكابيتال كونترول» والمفاوضات مع الصندوق و«موديز» تحذّر من التدهور في ارتفاع نسبة الدَّين

بين السبت والاثنين مسافة زمنية لا تتجاوز الـ48 ساعة حفلت بخطوة سياسية كبيرة، قضت بالاتصال الهاتفي الذي تمّ بين الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون وولي العهد السعودي الأمير محمّد بن سلمان مع رئيس حكومة «معاً للإنقاذ» نجيب ميقاتي، الأمر الذي اشاع «أجواء طيبة»، من ان مرحلة جديدة عربية ستبدأ تجاه لبنان، وسارع الرئيس ميقاتي إلى وضع كل من الرئيسين ميشال عون ونبيه برّي في أجواء ما دار، مما دفعهما للإعراب عن ارتياحهما للمنحى الجديد الذي يمكن ان تسلكه العلاقات بين لبنان ودول الخليج، ولا سيما المملكة العربية السعودية.

وعكس البيان السعودي- الفرنسي المشترك عن زيارة ماكرون، وفقا لما صدر في الرياض وعن الاليزيه ان باريس والرياض اتفقتا ايضا على متابعة ما بعد «كسر الجفاء» إلى خطوات تضمن تنفيذ ما اتفق عليه.

ولكن الأوساط السياسية اعتبرت ان شبح الخلافات بين مجلس النواب ورئيسه وتكتل لبنان القوي ورئيسه حول الكابيتال كونترول، وإحالة الشق النيابي والوزاري من دعاوى المحقق العدلي طارق بيطار إلى لجنة نيابية تحيلها امام المجلس العدلي، من شأنها ان تُهدد انعقاد مجلس الوزراء، وتؤثر سلبا على الاستفادة من المناخات الإيجابية «لبيان الرياض» الصادر عن ماكرون وولي العهد السعودي.

وحسب البيان المشترك، كشف أن الطرفين شددا على ضرورة قيام الحكومة اللبنانية بتنفيذ إصلاحات شاملة، وخصوصاً الالتزام بتنفيذ اتفاق الطائف الذي يضمن الوحدة الوطنية والسلم الأهلي في لبنان.

واعتبر الطرفان، أنه يجب أن ترتكز هذه الإصلاحات بشكل خاص على قطاع المالية والطاقة ومكافحة الفساد ومراقبة الحدود. كما اتفق الجانبان على العمل مع لبنان لضمان تنفيذ هذه الإجراءات.

وشددا على وجوب أن يقتصر السلاح بشكل صارم على مؤسسات الدولة الشرعية وألا يكون لبنان مصدرا لأي عمل إرهابي يزعزع استقرار المنطقة أو في تصدير المخدرات.

بالإضافة الى ذلك، قال البيان إن الجانبان السعودي والفرنسي شددا على أهمية تعزيز دور الجيش اللبناني في المحافظة على أمن لبنان واستقراره واتفقا على استمرار التشاور بين البلدين حول كل هذه الملفات.

كما اتفقا على إنشاء آلية مساعدات إنسانية فرنسية-سعودية في إطار يضمن الشفافية التامة وأظهرا عزمهما على إيجاد الآليات المناسبة للتخفيف من معاناة الشعب اللبناني، بالتعاون الدول الصديقة والحليفة.

كذلك أكّدا أهمية الحفاظ على استقرار لبنان واحترام سيادته ووحدته، وفقا لقرارات مجلس الأمن (1559) و(1701) و(1680) والقرارات الدولية ذات الصلة.

وأوضحت مصادر سياسية مطلعة لـ«اللواء» أن لقاء يفترض أن يعقد اليوم بين رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء على هامش حضورهما توقيع اتفاقية افتتاح المكتب الإقليمي للمنظمة الدولية للفرانكوفونية لمنطقة الشرق الأوسط في بيروت في قصر بعبدا. وافادت المصادر أن البحث يتناول الموقف السعودي الذي عبر عنه ولي العهد السعودي في الاتصال الذي أجراه والرئيس الفرنسي بالرئيس ميقاتي وانعكاساته على ملف الأزمة بين لبنان ودول الخليج.

وأشارت إلى أن تداعيات هذه الخطوة تتظهر لاحقا في حين أن تأمين عودة الجلسات الحكومية متروك لبعض الاتصالات ولن يتبلور شيء قبل الجلسة العامة لمجلس النواب.

ورأت أن الاتصال الذي تم من شأنه أن يترك ارتياحا على الساحة المحلية كما على الحكومة التي متى عادت اجتماعاتها فإن ذلك من شأنه أن يساعد في مسارها.

وشددت مصادر سياسية على ان توظيف الاختراق الذي حققه الرئيس الفرنسي ايمانويل أثناء لقائه  بولي العهد السعودي، بالاتصال برئيس الحكومة نجيب ميقاتي، لوقف مسار تدهور العلاقات بين المملكة العربية السعودية ودول الخليج العربي مع لبنان، ينتظر ترجمة عملية، من قبل الحكومة اللبنانية، ولو بخطوات وقرارات اولية،لاعادة الثقة المفقودة، ومن بعدها يمكن المباشرة بفتح صفحة جديدة واعادة تطبيع العلاقات بين البلدين.

واشارت المصادر الى ان ما حصل يعتبر مؤشرا مهما، وتطورا لا يمكن تجاهله، وهو يصب حتما في صالح اعطاء دفع خليجي فرنسي للحكومة، للانطلاق قدما إلى الأمام ،لتنفيذ المهام الملقاة على عاتقها، ولكن يبقى الاهم ، وهو مدى قدرة ميقاتي،على اعادة انعاش جلسات الحكومة من جديد وانهاء كل العقبات والعراقيل التي تعترض عملها. ولذلك، فإن الايام المقبلة، ستشكل امتحانا، للطاقة الحاكم، وكيفية تجاوبه مع الاختراق الذي تحقق وامكانية الاستفادة منه إلى اقصر الحدود، او استمرار تعطيل الحكومة والدوران في حلقة الشلل الحكومي نفسها.

وابدت المصادر شكوكا ومخاوف، من قيام بعض الاطراف،وتحديدا حزب الله والتيار الوطني الحر، بوضع العصي بالدواليب، لقطع الطريق ومنع تنفيذ ما تم التفاهم عليه بالاتصال الهاتفي، لمصالح محلية واهداف اقليمية، كما حصل بتعطيل تنفيذ المبادرة الفرنسية التي أطلقها الرئيس الفرنسي شخصيا من بيروت بعد تفجير مرفأ بيروت، لان ذلك يعني اعادة الامور الى الوراء وعدم الاستفادة من هذا التطور الايجابي.

واعربت المصادر عن اعتقادها،بان تسهيل تنفيذ مفاعيل الاتصال الفرنسي السعودي بميقاتي،مرتبط بمدى تقدم المفاوضات السعودية الايرانية حول اعادة تطبيع العلاقات بين البلدين من جهة، ومسار مفاوضات الملف النووي الايراني من جهة اخرى، ومن دون تحقيق تقدم في هذين الملفين،يستبعد ترييح الوضع الداخلي واطلاق يد الحكومة في مقاربة الملفات والمسائل ،ذات العلاقة المرتبطة بالواقع الاقليمي.

مجلس النواب غداً

إلى ذلك، يعقد مجلس النواب جلسة عامة في الأونيسكو قبل ظهر غد الثلاثاء وعلى جدول أعمالها 36 بنداً، بينها بندان يعنيان الصحافيين، الأوّل يمنح الضمان الصحي للمحررين الصحافيين غير المنتسبين للضمان، والثاني تعديل قانون المطبوعات لجهة عدم ادراج العقوبات الصحافية على السجل العدلي.

ومن المواضيع المهمة ايضا اقتراح القانون الرامي الى تعديل احكام اتفاقية القرض الموقّعة بين لبنان والبنك الدولي لتنفيذ المشروع الطارئ لدعم شبكة الأمان الاجتماعي للاستجابة لجائحة كورونا والأزمة الاقتصادية في لبنان، وكذلك اقتراح القانون المعجل المكرر الرامي إلى طلب الموافقة على ابرام اتفاقية قرض بين لبنان والبنك الدولي لتنفيذ المشروع الطارئ لدعم شبكة الأمان الاجتماعي والأزمة الاقتصادية في لبنان، إضافة إلى الاقتراح الرامي إلى إنشاء الوكالة الوطنية للدواء، وكذلك الاقتراح الرامي إلى إلغاء الامتحانات الرسمية للشهادة المتوسطة «البروفية».

ووفق مصادر نيابية فإن الجلسة خالية من أية مواضيع خلافية أو توتيرية، وبالتالي يفترض ان تتم المصادقة على غالبية بنود جدول الأعمال بعيداً عن أية تشنجات وتجاذبات سياسية.

وشددت المصادر على ان مسألة الكابيتال كونترول لم توضع على جدول أعمال جلسة الغد، وان المناقشات المهمة في الجلسة ستدور حول التعديلات المطلوبة حول البطاقة التمويلية.

وفي «تغريدة» سبقت الجلسة النيابية غرد النائب جبران باسيل «اردنا قانون الكابيتل كونترول بالـ٢٠١٩ لضبط التحويلات للخارج، مش ليصير بالـ٢٠٢١ للعفو عن تحويلات مشبوهة صارت، وترك الاستنسابية لمصرف لبنان بالتحويلات لبدّها تصير، والالتفاف عَ احكام القضاء. لا تشريع لسرقة المودعين ونصرّ على استعادة اموالهم وعلى قانون استعادة الأموال المحولة للخارج». هذا يعكس حجم الخلاف على مسائل عدّة بين المجلس وتكتل لبنان القوي، والذي قد يحول دون متابعة ملف التحقيق في انفجار مرفأ بيروت نيابياً.

وبالعودة إلى زيارة ماكرون إلى الرياض، فقد أعلن ماكرون أنّه يعتزم الاتصال برئيس الجمهورية ميشال عون فور عودته إلى باريس، لافتاً إلى أنّ «فرنسا ملتزمة تجاه إصلاح الوضع في لبنان».

وفي بعض المعلومات ان الامير محمد قال لميقاتي: «نريد أن نفتح صفحة جديدة مع لبنان».

وأضافت المعلومات أنّ أجواء زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون «إيجابية جداً في السعودية تجاه لبنان والصفحة الجديدة بين بيروت والرياض تمّ فتحها من خلال الاتصال بين بن سلمان وميقاتي وستتوّج تلك الإيجابية بمؤازرة خليجيّة مرتقبة لخطوات حكومته الاصلاحية».

ولعل تركيز سفير المملكة العربية السعودية في لبنان وليد بخاري في تغريدته على فقرة في البيان المشترك تنص «على أهمية الحفاظ على استقرار لبنان وإحترام سيادته ووحدته، بما يتوافق مع قرارات مجلس الأمن (1559) و(1701) و(1680) والقرارات الدولية ذات الصلة»، إشارة واضحة على إبراز الجانب السياسي الذي اراده الزعيمان الفرنسي والسعودي.

ومع ذلك، فإن التعهد الفرنسي– السعودي بدعم شعب لبنان إنسانيا وتخفيف معاناته، فاتحة لخطوات إيجابية خليجية اخرى نحو عودة العلاقات مع لبنان الى طبيعتها، والتي قد تترجم عودة السفراء الى بيروت وفتح باب الحوارمع الحكومة لمواكبة تنفيذ ماتم التعهد به.

ورد الرئيس ميقاتي على موقف ماكرون وبن سلمان بالقول عبر «تويتر»: الاتصال الذي جرى بيني وبين الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون وسمو ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان هو بمثابة خطوة مهمة نحو إعادة احياء العلاقات الأخوية التاريخية مع المملكة العربية السعودية.

أضاف: أود أن أخص بالشكر الرئيس ماكرون وولي العهد الامير محمد بن سلمان لحرصهما على ديمومة الصداقة تجاه لبنان. وإنني أود أن أؤكد التزام حكومتي باحترام التزاماتها بالإصلاح.

وأوضح الرئيس الفرنسي قبيل مغادرته المدينة السعودية في ختام جولة خليجية قصيرة، أن «السعودية وفرنسا تريدان الانخراط بشكل كامل» من أجل «إعادة تواصل العلاقة» بين الرياض وبيروت في أعقاب الخلاف الدبلوماسي الأخير.

هل نحجت زيارة ماركون؟

وأضاف في تغريدة على تويتر «مع المملكة العربية السعودية، قطعنا التزامات تجاه لبنان: العمل معا، ودعم الإصلاحات، وتمكين البلد من الخروج من الأزمة والحفاظ على سيادته».

وجاءت تصريحات ماكرون غداة إعلان وزير الإعلام اللبناني جورج قرداحي استقالته بعدما أثارت تعليقات أدلى بها بشأن اليمن خلافا مع دول الخليج أدخل الحكومة في حالة شلل منذ أسابيع، معبرا عن أمله في أن يساهم ذلك في خروج لبنان من الأزمة.

لكن الأوساط المتابعة توقفت عند ما جاء في مقال لصحيفة «عكاظ» السعودية والتي رأت انه «اختزال ساذج عندما يظنّ أحد أنّ تصريحًا مسيئًا للسعودية من مسؤول ​لبناني، هو لبّ المشكلة وكلّ القضيّة، وأنّ خروجه من التركيبة الحكوميّة سوف يحلّها ويعيد العلاقات إلى ما كانت عليه».

ولفت في مقال، إلى أنّ «الوزير السّابق ​جورج قرداحي​ قد حاول تصوير استقالته أو إقالته، بأنّها خيط الحلّ ومفتاح تهدئة الأجواء وعودة المياه إلى مجراها، بل إنّه في خطاب استقالته ارتكب خطأً أسوأ من خطئه السّابق، عندما قال إنّه باستقالته يريد تجنيب اللّبنانيّين في السعوديّة والخليج دفع ثمن استمراره في الحكومة، وبهذا يؤكّد تعمّده وإصراره على الإساءة للسعوديّة، كموقف ثابت له وأجندة واضحة وفاضحة».

وأشارت الصّحيفة إلى أنّ «عمومًا، استقالته خبر غير مهمّ للغاية، كما قال مذيع قناة «العربيّة» المبدع محمد الطميحي، والأكثر أهميّة هو وضع لبنان بشكل عام والتّدهور السّياسي الّذي يعيشه، وتسبّب في سوء أحواله الاقتصاديّة ومعاناة ​الشعب اللبناني​ بشكل غير مسبوق في ​تاريخ لبنان​».

وأوضحت أنّ «التّركيبة السّياسيّة الرّاهنة قد اختارت الرّضوخ لهيمنة «​حزب الله​» والخروج من الفلك العربي، بل والإساءة لأكبر الدّاعمين للبنان وأخلصهم، وعندما يصرح الرئيس الفرنسي ​إيمانويل ماكرون​ بأنّه سيبحث بعودة الدّعم الاقتصادي للبنان من ​الدول الخليجية​، فإنّ ذلك ليس بالسهولة الّتي يتصوّرها، ولن يتحقّق لمجرّد أنّه طلب من ​الحكومة اللبنانية​ إقالة قرداحي».

وأكّدت أنّ «المشكلة أعمق بكثير من هذه الشكليّات، فلبنان أصبح خطرًا على نفسه وعلى محيطه العربي، بتحوّله إلى بؤرة تحتضن واحدة من أخطر الميليشيات الإرهابيّة، الّتي تصدّر كوادرها للإخلال بأمن دول الخليج، تنفيذًا لتعليمات ​إيران​، وقد أصبح هذا الحزب الشيطاني هو المسيطر الحقيقي على كلّ شيء في لبنان؛ وبالتّالي لن ينجو هذا البلد إلّا بعلاج الدّاء الحقيقي الّذي يعاني منه».

كما ذكرت أنّ «السعوديّة قادرة على حماية نفسها من مؤامرات «حزب الله» ومسؤوليه وكوادره وأذنابه، لكنّ لبنان هو الّذي يمضي في طريق مخيف، بعد أن تآمر ساسته عليه بانضوائهم تحت راية «حزب الله» الإيراني».

قرداحي وبيطار ومجلس الوزراء

في الشق الداخلي، يمكن تجاوز مسألة إستقالة الوزير قرداحي سواء بتعيين وزير بديل كما تردد أذا سمّاه تيار «المردة»، او إبقاء المنصب بالوكالة بتكلف وزير التربية عباس الحلبي وزارة الاعلام، علماً ان مصادر المردة قالت لـ «اللواء» يوم السبت ان التيار يتجه لعدم تسمية شخصية بديلة بسبب الظروف التي احاطت بإستقالة قرداحي، وهو ما اكده لاحقاً الوزير السابق سليمان فرنجية أمس، «التزاماً بما أعلنه من بكركي بعد لقاء البطريرك بشارة الراعي».

إلّا ان مصادر اخرى متابعة للموضوع رأت ان قرار «المردة» بعدم تسمية بديل يمثل التيار في الحكومة، قد يريح رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة من وزير غير محسوب عليهما بل ربما يكون معارضاً لهما، وقد يرتئيا انه من الافضل بقاء وزير الاعلام بالوكالة عباس الحلبي لحين إجراء الانتخابات النيابية بعد خمسة او ستة اشهر وتشكيل حكومة جديدة. لذلك قد يُقدم «المردة» على تسمية شخصية اخرى ولو لم تكن من قياديي التيار بل صديقة أو مقرّبة او حليفة.

بالمقابل مصادر ثنائي «امل وحزب الله» اكدت ان لا حل للأزمة الحكومية ما لم يتفق اركان الحكم بما فيهم التيار الوطني الحر على إستعادة دور المجلس الاعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء والنواب، ليكون «مالقيصر العدل لقيصر، وما لرب الحكومة ما للحكومة، وما لحق مجلس النواب من حقوق دستورية.

ولعل الاتصالات التي جرت خلال اليومين الماضيين بين المقار الرئاسية والتيار الوطني الحر وحزب الله من اجل التوافق على مخرج نيابي ما خلال جلسة التشريع غدا، قطعت شوطاً الى الامام لكنها لم تصل الى خواتيمها بعد، مع ان المجلس السياسي للتيار الحر ابدى ليونة في مناقشة المجلس لمسألة إحالة الوزراء السابقين والنواب المطلوبين للتحقيق في كارثة إنفجار المرفأ الى المجلس الاعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، حيث قال: ان الحكومة غير مسؤولة ولا صلاحية لها في حسم الخلاف القضائي القائم. وأن إيجاد الحلّ هو من صلاحية القضاء أو مجلس النواب الذي يمكنه أن يتّبع الأصول اللازمة في هذا المجال» .

لكن النقاش ما زال قائماً حول هل يحضر كل نواب تكتل لبنان القوي ويوصوّتوا الى جانب الإحالة او تُعطى الحرية للنواب بالقرار او يصوّت فقط نواب التكتل ممن هم خارج التيار الحر كالنائب طلال ارسلان ونواب الارمن؟

وعلق النائب السابق وليد جنبلاط عبر تويتر على مبادرة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون من الرياض، محذّرًا ممّن وصفهم بـ «قوى الظل».

إذ كتب بالفرنسية: «في هذا العبور للصحراء مع خطر السقوط في هاوية المجهول، نعتبر مبادرة ماكرون لإنقاذ لبنان شجاعة بشكل ملحوظ، لكننا لا ننسى قوى الظل ودورها التقليدي في إفساد كل شيء وقتل كل شيء».

المجلس الدستوري

وتعقد هيئة المجلس الدستوري اليوم جلسة لبحث التقرير الذي رفع إليها في ما خصّ الطعن الذي قدمه تكتل لبنان القوي بشأن التعديلات على قانون الانتخابات، لا سيما في ما يخص اقتراع اللبنانيين في الخارج.

«موديز تحذر»

أما على صعيد القوة المالية، فقد نوه تقرير وكالة ««موديز» إلى التدهور الكبير في نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي والتي تتوقع ««موديز» أن تتخطى نسبة 200 في المائة خلال عام 2021 وأن تبقى مرتفعة خلال السنوات القادمة في حال عدم إجراء إعادة هيكلة للدين ما بين 140 في المائة و170 في المائة في عام 2023.

في هذا الإطار، أشار التقرير إلى أن الارتفاع في نسبة الدين من الناتج المحلي الإجمالي ناجمة عن التدهور الكبير في سعر الصرف بحيث تطورت بشكل كبير نسبة الدين بالعملة الأجنبية من الناتج المحلي الإجمالي نتيجة انخفاض الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الحالية.

ولفتت الوكالة إلى أن توقعاتها تتمحور حول سعر صرف أعلى من ذلك المتداول في السوق الموازية، بحيث إن اعتماد سعر صرف السوق الموازية سيرفع نسبة الدين من الناتج المحلي الإجمالي إلى 300 في المائة في عام 2020 و250 في المائة في عام 2021 بحسب التقديرات. كذلك، فإن خطر السيولة مرتفع نتيجة استنزاف احتياطات مصرف لبنان. كما أشارت إلى صلابة التحويلات من الخارج خلال العام الماضي ما ساعد بتقليص العجز في الحساب الجاري مع التنويه بالتراجع الكبير في الإيرادات من السياحة.

تربوياً، أكّد وزير التربية والتعليم العالي عباس الحلبي مراسيم رفع بدل النقل إلى 64 ألف ليرة، ودفع المساعدة الاجتماعية ستصدر خلال أيام، بعد استطلاع رأي مجلس الخدمة المدعية والتوقيع عليها.

678801 إصابة

صحياً، أعلنت امس ​​وزارة الصحة عن تسجيل 1654 إصابة جديدة بفايروس «كورونا» ليرتفع العدد التراكمي إلى 678801 إصابة، كما سجل 10 حالات وفاة، مما رفع العدد التراكمي للتوفيات إلى 8775 إصابة.


افتتاحية صحيفة الديار

هل حُلّت فعلًا أزمة لبنان مع المملكة العربية السعودية… أم أنه حلّ مشروط؟

الترجمة الإقتصادية لإستعادة العلاقات مع المملكة تمرّ حكماً بدعم مالي مشروع

قانون «الكابيتال كنترول»… وقف الإستنسابية في التحاويل الى الخارج؟ – المحلل الاقتصادي

شهر مضى على توقيع وزير الإعلام السابق جورج قرداحي إستقالته (3 تشرين الثاني)، إلا أنه لم يتم تقديمها رسميًا إلا في الثالث من شهر الجاري وذلك تزامنًا مع جولة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى الخليج العربي.

سيناريو فرنسي

هذا التزامن بين الحدثين يطرح العديد من الفرضيات وعلى رأسها فرضية سيناريو فرنسي ينصّ على تدعيم إقتراح فرنسي بإعادة العلاقات الدبلوماسية بين لبنان والمملكة العربية السعودية والإمارات وهو ما يعني عودة السفراء إلى مراكزهم، في مقابل إلتزام المسؤولين اللبنانيين بإجراء الإصلاحات السياسية والإقتصادية والمالية اللازمة للحصول على ثقة المجتمع الدولي والدول العربية.

من جهته، شدّد البيان السعودي – الفرنسي المُشترك على ضرورة قيام الحكومة اللبنانية بإجراء إصلاحات شاملة، لا سيما الإلتزام بإتفاق الطائف المؤتمن على الوحدة الوطنية والسلم الأهلي في لبنان، وأكدا على ضرورة حصر السلاح على مؤسسات الدولة الشرعية. كما تم التأكيد على حرص السعودية وفرنسا على أمن لبنان واستقراره.

والظاهر أن هذا السيناريو أخذ طريقه حيث تم إجراء إتصال هاتفي مُشترك ضمّ كلا من ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي حيث تمّ الحديث فيه عن نقطة مفصلية وفرصة أخيرة في إعادة بناء العلاقات بين لبنان والمملكة العربية السعودية.

وبحسب وكالة الأنباء السعودية أبدى الرئيس ميقاتي «تقدير لبنان لما تقوم به المملكة العربية السعودية وفرنسا من جهود كبيرة للوقوف إلى جانب الشعب اللبناني» وأكد إلتزام الحكومة اللبنانية «إتخاذ كل ما من شأنه تعزيز العلاقات مع المملكة العربية السعودية ودول مجلس التعاون، ورفض كل ما من شأنه الإساءة إلى أمنها واستقرارها».

قد يعتقد البعض أن المُشكلة حُلّت وإنتهت الأزمة وبالتالي سنشهد تحولًا جذريًا في هذه العلاقات إبتداءً من عودة السفراء وصولًا إلى وضع المملكة العربية السعودية وديعة بعشرة مليارات دولار أميركي في المصرف المركزي. إلا أن هذا الأمر هو غير صحيح نظرًا إلى التعقيدات الكبيرة التي تعترض قدرة الحكومة على العمل سواء داخليًا أو خارجيًا.

ميقاتي وتوكيل القوى السياسية

مُشكلة الرئيس ميقاتي أنه وعلى الرغم من كونه رئيساً للحكومة اللبنانية، إلا أنه لا يحمل توكيلا من القوى السياسية خصوصًا قوى محور المقاومة للتفاوض بإسم لبنان مع المملكة العربية السعودية. لا بل أبعد من ذلك، البيان الفرنسي السعودي المُشترك تحدّث عن «ضرورة حصر السلاح بمؤسسات الدولة الشرعية» وهو ما يعني بشكلٍ مباشر سلاح المقاومة. فهل يملك الرئيس ميقاتي توكيلا للتفاوض على السلاح؟ الجواب بالطبع لا!

البعض يتوقّع أن تتمّ الدعوة إلى جلسة حوار وطنية للبحث في إستراتيجية دفاعية تبحث بموضوع السلاح خصوصًا أن الرئيس الفرنسي ماكرون تعهد لولي العهد السعودي بأن «ترعى باريس حواراً لبنانياً يتضمن نقاشاً حول ملفات إصلاحية تراعي هواجس الدول العربية الأخرى، وأنه سيجري اتصالات مع كل القوى، ومن ضمنها حزب الله».

ويبقى السؤال: أي طاولة حوار سيتم الدعوة إليها؟ وأي تعهدات من قبل القوى السياسية تستطيع باريس إنتزاعها من هذه القوى وهي التي – أي القوى السياسية – لم تلتزم بالمهلة الفرنسية بتشكيل حكومة في مدّة أسبوعين حين تمّ تكليف السفير مصطفى أديب تشكيل حكومة في أيلول 2020؟ وأي تأثير لماكرون على هذه الطاولة في ظل قرب الإنتخابات الرئاسية الفرنسية والتي – وإن كان الأكثر ترجيحًا لربحها – لا يضمن نتائجها؟

إحد التحليلات يقول أن الرئيس ماكرون يستطيع رعاية مثل هذا المؤتمر نظرًا إلى أنه سيُعيد تعويم الطبقة السياسية وفي المقابل سيكون هناك إستفادة لماكرون على صعيد الإنتخابات الرئاسية. إلا أن هذا التحليل يشوبه نقص عملًا بمبدأ أن الموضوع الرئيسي في الإنتخابات الرئاسية الفرنسية هو موضوع الهجرة، وبالتالي فإن تأثير نجاح ماكرون بإخراج لبنان من نفقه المُظلم يبقى محدودًا.

إلا أن التعمّق أكثر في اللعبة يُظهر إلى العلن أن الهدف الرئيسي لماكرون يبقى بدون أدنى شكّ العقود التجارية التي توقّعها الشركات الفرنسية مع الدول العربية، وإستطرادًا مع لبنان، وهو ما يُمكن إستغلاله في الإنتخابات الرئاسية من خلال اللعب على البطالة المُتدنّية في وقت تجتاح فيه كورونا في موجتها التي قد تكون من الأصعب على الإقتصادات العالمية.

بغض النظر عن هذه التحاليل، عقد أي طاولة حوار حول موضوع الإستراتيجية الدفاعية ومصير سلاح المقاومة هو رهينة عوامل داخلية ولكن أيضًا خارجية. فالمملكة العربية السعودية لن تقبل بأقلّ من وقف ما تُسمّيه «تدخّل حزب الله في اليمن»، والولايات المُتحدة الأميركية تُريد وقف ما تُسمّيه «أي تهديد للدوّلة الصهيونية». أما بعض الدول الكبرى الأخرى، فترى في هذا السلاح عنصر توازن أو عائقا أمام السياسات الأميركية في المنطقة.

إذًا ومما تقدّم نرى أن تعهد ميقاتي بإلتزام حكومته إجراءات الإصلاحات السياسية والإقتصادية، ما هو إلا مُقدّمة لعودة السفراء في أحسن الأحوال. الواقع على الأرض يقول أن شيئًا لم يتغيّر حتى على صعيد الإصلاحات الإقتصادية والمالية البحتة هناك تعقيدات، فكيف الحال عن ضبط الحدود وغيرها من الملفات الحيوية بالنسبة لبعض القوى السياسية؟

الحكومة وملف التحقيقات

عمليًا، إستقالة الوزير قرداحي حلّت أزمة الرئيس ميقاتي بالدرجة الأولى من خلال إستبعاد سيناريو إنعقاد جلسة يتلو مُقرارتها وزير «أهان» المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المُتحدة في تصريح له في آب الماضي، وهو أمر مُحرجّ جدًا للرئيس ميقاتي الذي صرّح من الصرح البطرياركي أن قبلته السياسية والدينية هي المملكة العربية السعودية.

لكن تبقى المُشكلة الثانية التي تمنع إنعقاد جلسة لمجلس الوزراء وهي مُشكلة القاضي بيطار وتحقيقاته بتفجيرات مرفأ بيروت. فهذا الملف لم يصل إلى خواتيمه على الرغم من الإتفاق الثلاثي بين الرؤساء ميشال عون، ونبيه برّي، ونجيب ميقاتي في مراسيم عيد الإستقلال والذي ينصّ على أن يُصوّت المجلس النيابي على قانون يمنع فيه على القضاء مُحاكمة النواب والرؤساء وحصرها بالهيئة العليا لمحاكمة الرؤساء والوزارء. وهو مخرج قد يفكّ الحصار عن إجتماعات حكومة ميقاتي ولكنه ينتظر موافقة التيار الوطني الحرّ على تأمين النصاب والتصويت عليه. وتُشير المعلومات إلى أن التيار الوطني الحرّ وافق على تأمين النصاب لكنه لا يوافق على التصويت على هذا القانون خوفًا من الثمن السياسي الذي قد يدفعه على بعد أشهر من الإنتخابات النيابية. وبالتالي تتحدّث بعض الأوساط عن ضمانات تُقدّمها القوى السياسية الأخرى للتيار للقبول بهذا التصويت وعلى رأسها قبول الطعن بقانون الإنتخابات.

هذا القانون إذا ما تمّ التصويت عليه، سيكفّ يدّ القاضي بيطار عن ملاحقة النواب والوزراء في إطار التحقيقات التي يُجريها في ملف تفجير مرفأ بيروت. وبالتالي فإن مصير حكومة الرئيس ميقاتي مُعلّق على جلسة المجلس النيابي غدًا والتي قد تشهد تطوّرات كبيرة خصوصًا فيما يخصّ قانون الكابيتال كنترول.

قانون «الكابيتال كنترول»

أحد أهم البنود الواردة على جدول أعمال المجلس النيابي غدًا، قانون الكابيتال كنترول بصيغة جديدة أثارت إعتراض بعض القوى السياسية. هذا الأمر يفرض سنياريو من إثنين: الأول وينصّ على كسر نصاب الجلسة لحظة طرح بند قانون الكابيتال كنترول؛ والثاني ينصّ على نقاشات حادّة قد تتطوّر إلى مواجهة بين بعض النواب وبعض أعضاء لجنة المال والموازنة.

التحليل يُظهر أن وضع المصارف اللبنانية من ناحية السيولة المُتوفرة بالعملة الصعبة، تمنع أي قدرة على وضع أرقام في القانون خوفًا من إفلاس المصرف الذي يرفض التحويل وبالتالي تطيير الإلتزامات تجاه مودعي المصرف. وبالتالي وبحسب أحد النواب، لا يُمكن إعطاء سلطة البتّ في قدرة المصرف على التحويل إلا إلى المصرف المركزي.

ويقول مصدر مُطّلع على ملف قانون الكابيتال كونترول لجريدة «الديار» أن الصيغة المطّروحة للمشروع تحظى برضى صندوق النقد الدولي خصوصًا من ناحية الضوابط على التحاويل، وهو ما سرّع البتّ فيه ودفع إلى طرحه على جدول أعمال مجلس النواب غدًا.

تقرير «موديز»

بالتزامن مع التوافق الذي طال مشروع قانون الكابيتال كنترول، أصدرت وكالة التصنيف الإئتماني «موديز» تقريرًا رجّحت فيه خروج نحو 9.5 مليار دولار أميركي من الودائع المصرفية منذ بدء الأزمة في العام 2019 وحتى اليوم. وبحسب التقرير، فإنه «على الرغم من القيود غير الرسمية على التحاويل مع نهاية عام 2019 فإن نحو 5.4 مليار دولار من ودائع غير المقيمين بالعملة الأجنبية خرجت من لبنان خلال الفترة الممتدة بين شهر كانون الثاني 2020 وشهر أيلول 2021 مع ارتفاع هذا الرقم إلى 9.5 مليار دولار إذا تم شمل عام 2019». ويعتقد العديد من المُحلّلين أن بعض السياسيين النافذين هم المُستفيدون الأوائل من هذه التحويلات.

فهل يوقف قانون الكابيتال كنترول الإستنسابية في التحاويل إلى الخارج؟


افتتاحية صحيفة الشرق

محمد بن سلمان وماكرون: إصلاحات وحصرية السلاح بيد الدولة

شكل نجاح الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون في تحقيق اختراق في الموقف السعودي تجاه لبنان غداة استقالة وزير الإعلام السابق جورج قرداحي ،مفاجأة ينتظر أن تترك تداعيات إيجابية على مجمل الوضع اللبناني ، الا اذا عملت القوى السياسية على افشال المبادرة الفرنسية السعودية ، كما عملت على نسف المبادرة الفرنسة سابقا .ويمكن القول ان الكرة اليوم هي في الملعب اللبناني.

وجاء تحقيق الاختراق على لسان الرئيس ماكرون، من جدّة في اطار جولته الخليجية، الذي أعلن عن مبادرة فرنسية سعودية لمعالجة الأزمة بين الرياض وبيروت. وقال ماكرون أنه تحاور مطولاً مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان حول لبنان وعمل معه حول الملف اللبناني، ثم اتصلا معاً برئيس الحكومة نجيب ميقاتي، وقالا له أن السعودية وفرنسا ستلتزمان معاً العمل لدعم الشعب اللبناني. وكان الأمير واضحاً في قوله أنه سيبذل كل الجهود لإعادة فتح المجالات الاقتصادية والتجارية مع لبنان، وأنه سيعمل أيضاً لمساعدة الشعب اللبناني، فيما يخصّ الاحتياجات الطارئة إن كان بالنسبة للطاقة أو الحاجات الإنسانية. ولفت ماكرون إلى ضرورة أن تتمكن الحكومة من الاجتماع و العمل بسرعة والقيام بالإصلاحات المطلوبة. وكشف أنه سيتصل غداً(اليوم) بالرئيس ميشال عون. وختم قائلاً: «الرسالة كانت واضحة بين السعودية وفرنسا، وأننا توصلنا إليه معاً، وقد أبلغناه معاً في اتصالنا للرئيس ميقاتي. والآن سنعمل معاً على تنفيذ هذا البرنامج».

وعما إذا كان انطباع ماكرون أن السعودية ستعود وتلتزم بمساعدة لبنان مالياً عندما ينفذ البلد إصلاحاته وتعمل الحكومة، قال ماكرون: «نعم هذا التزامهم إزاء فرنسا».

وردا على سؤال عما إذا كان ولي العهد السعودي دعا ميقاتي إلى السعودية، فقال: «في الوقت الحاضر السعودية أخذت في عين الاعتبار الأمرين: استقالة وزير الإعلام اللبناني بعد ما قاله من تصريحات وموقف، وتصريحات الرئيس ميقاتي القويّة بالنسبة للسعودية، فأعتقد أن هذا اللقاء يمثّل إعادة التزام للسعودية في لبنان وعمل وثيق بين فرنسا والسعودية إزاء هذا البلد».

ولاحقاً صدر عن الديوان الملكي السعودي البيان الآتي:

«أجري اتصال هاتفي ضمّ كلاً من الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس مجلس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي، حيث أبدى الأخير تقدير لبنان لما تقوم به المملكة العربية السعودية وفرنسا من جهود كبيرة للوقوف إلى جانب الشعب اللبناني والتزام الحكومة اللبنانية باتخاذ كلّ ما من شأنه تعزيز العلاقات مع المملكة العربية السعودية ودول مجلس التعاون ورفض كل ما من شأنه الإساءة إلى أمنها واستقرارها. وتمّ الاتفاق بين الدول الثلاث على العمل المشترك لدعم الإصلاحات الشاملة الضرورية في لبنان. كما تمّ التأكيد على حرص المملكة العربية السعودية وفرنسا على أمن لبنان واستقراره».

وصدر بيان سعودي فرنسي مشترك شدّد فيه الجانبان على «ضرورة قيام الحكومة اللبنانية بإجراء إصلاحات شاملة، لا سيّما الالتزام باتفاق الطائف المؤتمن على الوحدة الوطنية والسلم الأهلي في لبنان وأن تشمل الإصلاحات قطاعات المالية والطاقة ومكافحة الفساد ومراقبة الحدود»، كما اتفق الطرفان على العمل مع لبنان لضمان تطبيق هذه التدابير.

وأكّدا في البيان المشترك «ضرورة حصر السلاح بالمؤسّسات الدولة الشرعية، وألّا يكون لبنان منطلقاً لأيّ أعمال ارهابية تزعزع أمن واستقرار المنطقة، ومصدراً لتجارة المخدرات»، وشدّدا على «أهمية تعزيز دور الجيش اللبناني في الحفاظ على أمن واستقرار لبنان، بالإضافة إلى الاتفاق على استمرار التشاور بين البلدين في كافة تلك القضايا، وإنشاء آلية سعودية-فرنسية للمساعدة الانسانية في إطار يكفل الشفافية التامة، وعزمهما على إيجاد الآليات المناسبة بالتعاون مع الدول الصديقة والحليفة للتخفيف من معاناة الشعب اللبناني، ولفتا إلى «أهمية الحفاظ على استقرار لبنان واحترام سيادته ووحدته بما يتوافق مع قرارات مجلس الأمن (1559) و(1701) و(1680) والقرارات الدولية ذات الصلة».

المصدر
القوات اللبنانية

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى