استمرار التأخير في التأليف… عقد يومية وانزلاق في السجالات
قرأت مصادر نيابية بارزة لصحيفة “الديار” في المواقف المتتالية التي تصدر عن بعض زوار قصر بعبدا في الأسابيع الماضية، ملامح تصعيد في ضوء استمرار التأخير في تأليف الحكومة، وبروز العقد بشكلٍ شبه يومي أمام مسار التأليف، على الرغم من كل ما يجري الإعلان عنه عن تصميم وعمل جدي، من أجل وضع المعالجات العملية لكل الأزمات التي قد تنشأ في المرحلة المقبلة، لا سيما في حال بقي التأزم العنوان الأساسي للمشهد السياسي الداخلي، وامتدّ الإنسداد في الملف الحكومي إلى الملف الرئاسي، وبالتالي دخول المؤسسات مدار تصريف الأعمال في كل المجالات.
وفي سياق هذه المواقف، لفتت المصادر نفسها إلى الإجتهادات التي يتكرر الحديث عنها أخيراً ، خصوصاً تلك المتعلقة بعدم جواز تسليم صلاحيات رئاسة الجمهورية إلى حكومة مستقيلة أو حكومة تصريف أعمال.
واعتبرت المصادر أن الإنزلاق إلى السجالات حول وضعية الحكومة ومهامها، سيكون بمثابة تعميقٍ للأزمة السياسية، وهروباً إلى الأمام بعيداً عن أية مقاربات، كان من المفترض أن تكون قد وضعت على الطاولة من أجل الخروج من الوضع الحالي حيث تزدحم الإستحقاقات، ومن دون أن تكون لدى أي جهة سياسية رؤية أو خارطة طريق تسمح بوضع المعالجات المطلوبة قيد النقاش داخل الحكومة كما داخل المجلس النيابي، مع العلم أن عامل الوقت والمهل الدستورية، لم يعد يسمح بالبناء على أية محاولة ممكنة للإنقاذ في ضوء ارتفاع وتيرة التباينات وتسجيل طروحات غير قابلة للتطبيق بالنسبة للملف الحكومي، كما هي الحال بالنسبة لما تحدث عنه أحد النواب حول سحب تكليف تأليف الحكومة العتيدة من الرئيس نجيب ميقاتي.
وتقول المصادر النيابية نفسها، إن مثل هذا الطرح يبدو بعيداً عن الواقع خصوصاً وأنه يفترض المرور بالمجلس النيابي، حيث من الصعب إن لم يكن من المستحيل، توافر مناخ نيابي مؤيد لهذا التوجه، في ظل الإنعكاسات الخطيرة التي ستنتج عن مثل هذه الخطوة وبشكلٍ خاص على مستوى حصول انقسام ذات صفة طائفية بين النواب، ما ينذر بسلوك الموضوع برمته منحىً جديداً ومختلفاً عن أي هدف موضوعٍ له.
وانطلاقاً من هذه التحذيرات، تكشف المصادر النيابية ، أنه قد تمّ التداول بها في الآونة الأخيرة داخل بعض الكتل النيابية، ويبدو واضحا أن كل الطروحات القائمة على اجتهادات من هذا النوع هي غير واقعية، ما يجعل من أي طرح من هذا القبيل، مجرد ضغط سياسي وتلويح باجتهادات وخيارات وسيناريوهات لن توافق عليها غالبية القوى السياسية والحزبية من دون استثناء.
وفي هذا المجال، ترى المصادر نفسها، أنه وبدلاً من البحث في الصيغ الدستورية لإدارة مرحلة الشغور الرئاسي الذي يتوقعه البعض، قد أصبح من الملحّ تغيير عنوان المساعي والإتصالات الجارية حالياً، والتركيز على تأمين مناخ مؤاتٍ لإجراء الانتخابات النيابية في موعدها، من خلال العمل على توحيد المقاربات والإبتعاد عن أية كيدية أو استفزاز، والذهاب نحو التوافق والحوار لإرساء قاعدة للنقاش داخل المجلس النيابي وبين الكتل كافةً لانتخاب رئيسٍ جديدٍ للجمهورية، وتجنّب الخلافات والسجالات والإنقسامات على الساحة الداخلية.