رأي

«إنه الاقتصاد»

إذا كانت السياسة الخارجية الأمريكية تحتل حيزاً في الحملات الانتخابية الرئاسية بين المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس نائبة الرئيس جو بايدن والمرشح الجمهوري الرئيس السابق دونالد ترامب، فإن الاقتصاد يحتل الأولوية بالنسبة للمواطن الأمريكي الذي سيقرر من يختار وفقاً للبرنامج الاقتصادي والاجتماعي لأي من المرشحين، نظراً لانعكاس هذا البرنامج على حياته اليومية.

في عام 1992 تمكّن الرئيس الأمريكي بيل كلينتون من هزيمة المرشح الجمهوري الرئيس جورج بوش الأب تحت شعار «إنه الاقتصاد يا غبي»، ثم فعلها الرئيس باراك أوباما عام 2009 ضد المرشح الجمهوري جون ماكين تحت نفس الشعار، والآن فإن هاريس ترفع نفس الشعار في مواجهة ترامب، إذ إنهما يطرحان برنامجين اقتصاديين مختلفين، ويراهن كل منهما على برنامجه في إرضاء الناخب الأمريكي.
هاريس تعتبر أن برنامجها يخدم الطبقة الوسطى والعمال، في حين يصب برنامج ترامب في مصلحة الأثرياء والشركات، وهو ما دفع ترامب إلى اتهامها بأنها تحمل «أفكاراً شيوعية». لكن المواطنين الأمريكيين سيصوتون في نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل وهم يفكرون في الاختيار الواضح بين من يعبّر عن مصالحهم، ومن يؤيد حماية ثروته وأصدقائه الأثرياء.
يعتزم المرشح الجمهوري في حال فوزه إعادة الصناعات إلى الولايات المتحدة وخفض كلفة الإنتاج، وزيادة الرسوم الجمركية على مجمل الواردات بنسبة تتراوح بين 10 إلى 20 في المئة، وصولاً إلى 60 في المئة للواردات الصينية، وحتى 200 في المئة للسيارات المصنوعة في المكسيك، كما يعتزم تمديد التخفيضات الضريبية التي أُقرت خلال ولايته الأولى والتي تنتهي قريباً، وخفض الضرائب على عائدات الشركات بشكل إضافي، وهذا يعني تصعيد الحرب الاقتصادية مع الصين، لأن خطة ترامب قد تتسبب في تقليص التجارة بين واشنطن وبكين بحدود 70 في المئة، في حين تحذر المكاتب الاقتصادية أن هذه الرسوم الجمركية الجديدة قد تبدد فوائد تخفيضاته الضريبية من غير أن تعوض الخسائر على صعيد العائدات الضريبية. والهدف المعلن لسياسة ترامب الاقتصادية هو الاعتماد على الرسوم الجمركية لزيادة عائدات الدولة واستخدام ذلك ورقة ضغط على بلدان مثل الصين. ووفقاً للخبير الاقتصادي برنارد ياروس فإن هذه السياسة قد تتسبب في زيادة التضخم ب0.6 نقطة أو أكثر إذا ما تم تطبيق الرسوم خلال فترة قصيرة. كذلك من المستبعد إعادة الصناعات والإنتاج في مستقبل قريب. وأورد «معهد بيترسون» أن تدابير أخرى في خطة ترامب مثل إلغاء قانون «العلاقات التجارية الطبيعية الدائمة» الذي حظيت به بكين عام 2000 قد يؤدي إلى زيادة التضخم ب0.4 نقطة مئوية.
أما بالنسبة لهاريس فإنها تواجه التحدي الاقتصادي ذاته المتمثل في التعبير عن رؤيتها الخاصة لتوجيه الاقتصاد الأمريكي الذي لا يزال يصارع التضخم منذ عام 2021، إذ وجهت انتقاداً لاذعاً لخطة ترامب، ووصفت التخفيضات الضريبة التي يعتزم اتخاذها بأنها «هبة للأغنياء»، وأن سوق الأسهم المزدهرة تهمش الطبقة الوسطى. ووصفت أجندة ترامب التجارية ب«المتهورة» التي تضر بالمزارعين، وأشارت إلى أن الاقتصاد في عهد ترامب خلال ولايته الأولى كان يعمل لصالح من يملكون أكثر وليس لصالح من يعملون أكثر.
وقالت هاريس إن الزيادات في الأجور تجاوزت التضخم، وهو أمر إيجابي في عهد بايدن، وإن وظائف التصنيع آخذة في النمو، وإن الديمقراطيين يكافحون من أجل إعفاء ديون القروض الطلابية، واقترحت استبدال التخفيضات الضريبية التي أقرها ترامب عام 2017 بائتمان ضريبي شهري قابل للاسترداد يصل إلى 500 دولار للأشخاص الذين يكسبون أقل من 100 ألف دولار سنوياً، كما تقترح زيادة الضرائب العقارية على الأثرياء لدفع خطة بقيمة 300 مليار دولار لزيادة رواتب المعلمين بمقدار 13500 دولار شهرياً. وانتقدت هاريس خطة ترامب فرض ضرائب على الصادرات الأوروبية إلى الولايات المتحدة بنسبة 10 في المئة، لأن ذلك يؤدي إلى التضخم.
برنامجان اقتصاديان يتصارعان على كسب تأييد المواطن الأمريكي في الانتخابات الرئاسية التي تقترب.. حيث تتكرر مقولة «إنه الاقتصاد يا غبي».

المصدر: الخليج

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى