![](https://raiseyasi.com/wp-content/uploads/2023/07/WhatsApp-Image-2023-07-01-at-08.31.47-1-780x470.jpeg)
باسم المرعبي.
خاص رأي سياسي …
في الخامس والعشرين من شهر حزيران 2013 تنازل الشيخ حمد بن خليفة ال ثاني عن حكمه لدولة قطر الى نجله الشاب الشيخ تميم المجد، ذات الرؤية النهضوية والانفتاحية إقليميا ودوليا، حيث واصل مسيرة والده مسجلا إنجازات غير مسبوقة في تاريخ الامارة الخليجية الصغيرة، ونقلها من خلال رؤية اميرها 2030، الى ضفة متطورة على الصعد السياسية والاقتصادية والإقليمية والدولية والرياضية والثقافية والاجتماعية والفكرية وذلك من خلال قيادة رشيدة وحكيمة للأمير تميم، حيث تصدرت دولة قطر في ظل حكمه أعلى المؤشرات عالميا وإقليميا. فهي تصنف بأنها الأولى عالميا في تدفق رؤوس الأموال، والمجال السياسي والتشريعي، ونصيب الفرد من الناتج الإجمالي، ومعدل تدني البطالة.
كما صنفت الأولى عربياً في تقرير جودة التعليم العالي، والشؤون الإنسانية، ومؤشر السلام، ودليل التنمية البشرية.
فدولة قطر التي تعتبر من اكبر مصدر للغاز الطبيعي المسال في العالم، أصبحت أيضا من اكبر الدول المتميزة انمائيا وعمرانيا ، رغم صغر مساحاتها وعدد سكانها المحدود، كما انها أسست اقتصادا قويا، خلال مسيرتها النهضوية بحيث حافظ اقتصادها على قوة أدائه رغم ازمة أسعار النفط، إضافة الى سياسة “التنويع الاقتصادي” التي تنتهجها الحكومة القطرية للحفاظ على استدامة النمو وادت الى ارتفاع دخلها بحيث يصنف دخل الفرد فيها على انه الأعلى في العالم.
اما ماليا فقد احتفظ نظام الدولة المالي بمرونة بفضل تميزه بتشريعات متينة واشراف مباشر من “مصرف قطر المركزي”.
سياسياً، فكان للدوحة مواقف وطنية مشرفة، وترتكز سياستها على مجموعة من المبادئ الموجودة في دستورها ، والتي تتضمن ترسيخ السلم والامن الدوليين من خلال تشجيع الحل السلمي للنزاعات الدولية، كما انها تحترم المعاهدات والاتفاقيات الدولية التي تعتبر طرفا فيها.
وعلى الصعيد الدولي، فقد تم تصنيفها من قبل منظمة الأمم المتحدة على انها الدولة العربية الأكثر تقدما في مجال التنمية البشرية.
وفي الشق الرياضي، وبعد نجاحها الباهر وغير المسبوق باستضافة كأس العالم لكرة القدم 2022، ونجاحها الكبير بالتنظيم لوجيستيا ورياضيا واداريا ، فقد اعلن الاتحاد الدولي لكرة السلة عن منح قطر حق استضافة كاس العالم للرجال عام 2027، لتصبح الاستضافة الأولى بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وستقام جميع المباريات في العاصمة الدوحة.
اما بالنسبة للعلاقات بين بيروت والدوحة، فهي علاقة طيبة ومميزة تاريخيا، وقد اثمرت عن الكثير من الإنجازات التي قدمتها للبنان على مدى سنوات وفي احلك الظروف بالوقوف الى جانبه، ومد يد المساعدة ودعمه على كافة المستويات، وهي لا تزال تقوم بتلبية اي امر يحتاجه لبنان.
ولا يمكن ان ينسى لبنان وشعبه ما قدمته قطر من دعم ومساهمة في إعادة اعماره ابان حرب تموز 2006، وبعد ذلك احتضانها لقادته على مختلف طوائفهم ومشاربهم في العام 2008 وهي رعت التوقيع على “اتفاق الدوحة” الذي أوقف الاشتباكات المسلحة وادى الى انتخاب الرئيس ميشال سليمان.
كما ان قطر وحدها قررت السير بالاتجاه المعاكس تمامًا، عبر الدخول في استثمارات جديدة ووازنة، بمعزل عن تداعيات الأزمة الماليّة. فعلى سبيل المثال، في أواخر شهر كانون الثاني 2023، دخلت شركة قطر للطاقة رسميًّا كشريك بنسبة 30%، في كونسورتيوم التنقيب عن الغاز واستخراجه، في البلوكين 4 و9 اللبنانيين.
وجاء دخول شركة قطر للطاقة، المملوكة من الحكومة القطريّة، ليملأ الفراغ الذي ولّده خروج شركة “نوفاتيك” الروسيّة من رخصة الكونسورتيوم، وتنازلها عن حصصها بالكامل. أمّا شركاء شركة قطر للطاقة الحاليون في هذه الرخصة، فهما شركة “إيني” الإيطاليّة وشركة “توتال” الفرنسيّة، اللتان امتلكتا هذه الحصص منذ تلزيم البلوكين 4 و9 عام 2017، أي قبل حصول الانهيار المالي.
وكان من اللافت للنظر، أنّ شركة قطر للطاقة كانت شركة الطاقة الدوليّة الوحيدة التي عرضت الحصول على الحصّة التي تنازلت عنها شركة “نوفاتيك” الروسيّة، مما يعني أنّ دخول قطر المستجد كشريك أنقذ الأنشطة البتروليّة في البلوكين 4 و9.
لم تقتصر الاستثمارات القطريّة الوافدة إلى السوق اللبنانيّة على قطاع الطاقة، بل شملت أيضًا قطاعي العقارات والفنادق، رغم محدوديّة الأرباح التي يحققها القطاع العقاري في لبنان اليوم. كما بدأت قطر خلال الفترة الماضية بجمع معلومات عن الوضعيّة الماليّة لعدد من المصارف اللبنانيّة المتعثّرة، تمهيدًا للدخول على خط شراء حصص فيها، خلال عمليّة إعادة هيكلتها.
كما ان للبنان معزة خاصة ومحبة من قبل المسؤولين القطريين والشعب القطري، وهي متبادلة أيضا، كما ان عدد كبير من أبناء قطر لديهم استثمارات كبيرة في لبنان من قصور ومنازل، حيث يحرص عدد كبير منهم لزيارة لبنان بشكل متواصل.
لم يقتصر الاهتمام القطري بلبنان على الجانب الاستثماري فقط، بل شمل كذلك تقديم رزم من المساعدات لمؤسسات الدولة اللبنانيّة، التي يعاني معظمها اليوم من شلل كامل نتيجة الأزمة الماليّة. فعلى سبيل المثال، عملت قطر على منح الجيش اللّبناني رزمًا متتالية من المساعدات النقديّة بالدولار الأميركيّة، لتمكين قيادة الجيش من توزيع جزء من الرواتب للعسكريين بالعملة الصعبة، بعد أن انهارت قيمة رواتبهم.
كما تقدّمت قطر على سائر الدول العربيّة والأجنبيّة الأخرى في حجم المساعدات التي قدمتها لمؤسسات الدولة الأخرى، في قطاعات التعليم والصحّة والإعلام والبيئة، بالإضافة إلى المساعدات الإنسانيّة الموجهة إلى المناطق النائية من خلال جمعيّة قطر الخيريّة. أمّا عبر صندوق قطر للتنمية.وغالبيّة هذه المساعدات، جرى تقديمها بشكل مباشر للدولة اللّبنانيّة أو الفئات المستفيدة منها، محاولة بذلك تعزيز أواصر العلاقات الثنائيّة مع الدولة اللبنانيّة، من دون ربطها بحسابات الأطراف الأخرى.
اما ثقافيا فقد رعى امير دولة قطر ودعم مسيرة نهوض المكتبة الوطنية في بيروت من خلال تمويل حكومة الدوحة إعادة تأهيلها بحيث باتت صرحا حضاريا.
اذا لبنان كان وسيبقى بقلب قطر التي لن ولم تتركه يتخبط في مشاكلة لوحده، بل ستبقى الى جانبه كما انها ستبقى بقلب لبنان وبقلب كل مواطن لبناني محب للدوحة وأهلها.
مقال رائع