أوكرانيا بين زيلينسكي وزالونجي
فيما تقترب الحرب الأوكرانية من دخول عامها الثالث، تبتعد كييف عن تحقيق نصر عسكري ولو رمزي، كما تتزايد التقارير التي تتحدث عن صراعات داخل السلطة خصوصاً بين الرئيس فلودومير زيلينسكي وقائد جيشه فاليري زالونجي حول طريقة إدارة الحرب وأسباب فشل الهجوم الأوكراني المضاد خلال الربيع والصيف الماضيين.
زالونجي كان قد تحدث حلال الصيف الماضي لوسائل إعلام بريطانية عن وصول الحرب «إلى طريق مسدود»، وأن جيشه محاصر «في حرب تموضع ثابتة»، واعترف بأن الهجوم الأوكراني المضاد فشل، و«أن كل الحسابات كانت خاطئة»، ما أثار حفيظة الرئيس الأوكراني الذي رفض هذا الموقف وقال إنه «يعي مقدار التعب والجهد الحاصل جراء الصراع في ساحات القتال»، وأرجع الفشل إلى عدم حصول بلاده على طائرات «إف 16» كما وعدت الدول الغربية.
حاولت الدول الغربية جهدها خلال الأشهر القليلة الماضية لرأب الصدع بين زيلينسكي وزالونجي، لأن البلاد في حالة حرب، ما يستدعي وحدة الموقف حرصاً على عدم تفكك الجبهة الداخلية وآثارها السلبية على الجبهة العسكرية.
ووفقاً لصحيفة «التايمز» فقد حاول الرئيس الأوكراني التخلص من قائد الجيش ومطالبته بالاستقالة، وذلك خلال اجتماع جرى بينهما يوم الاثنين الماضي، إلا أن زالونجي رفض، فهدد زيلينسكي بتوقيع مرسوم إقالته.
وتضيف «التايمز» أن قائد القوات البرية الفريق أول الكسندر سيسكي، ورئيس المخابرات العسكرية كيريل بودانوف رفضا تولي منصب قائد الجيش، ما اضطر زيلينسكي إلى التراجع تحت ضغط من الولايات المتحدة وبريطانيا ومسؤولين عسكريين رفيعي المستوى من البلدين.
وتقول الصحيفة نقلاً عن مصادر موثوقة إن زالونجي قام بعد اجتماعه العاصف مع زيلينسكي بالعودة إلى مكتبه وأخبر مرؤوسيه بأنه سيترك منصبه، وقال لأحد الضباط «أنا سأقوم بجمع أمتعتي».
وفي حين اعتبرت وزارة الدفاع الأوكرانية هذه الأنباء «غير صحيحة»، فقد رفضت وزارة الدفاع الأمريكية التعليق، طالبة طرح السؤال على كييف.
إلا أن وكالة «بلومبيرغ» كانت قد ذكرت في وقت سابق نقلاً عن مصادر لم تسمها أن واشنطن تشعر بالقلق من تفاقم التوتر بين الرئيس الأوكراني زيلينسكي وقائد الجيش زالونجي.
ذلك أن واشنطن ترى أن التوتر بين الرجلين يعيق صياغة استراتيجية أوكرانية عسكرية للعام 2024، ما يعرقل عمل الجيش الأوكراني، ويقلص من إمكانيات تحقيق أي إنجاز عسكري معقول.
وهناك من يرى أن زالونجي الذي يحظى بشعبية أكبر من زيلينسكي داخل أوكرانيا باتت لديه طموحات رئاسية تثير مخاوف الرئيس الذي يخشى من «انقلاب قصر» قد يطيح به بدعم من قيادات عسكرية ترى أن زيلينسكي لم يعد مؤهلاً لقيادة المرحلة الحالية، وتحميله مسؤولية الفشل في إدارة دفة الحرب.
لذلك، فالتخلص من زالونجي يصبح بالنسبة إلى زيلينسكي عملية حتمية، لكنه ليس واثقاً بقدرته على إقناع أحد كبار الضباط بتولي منصب زالونجي الذي سيحال إلى مجلس الأمن القومي والدفاع، وهو منصب شرفي بالنسبة لعسكري محترف لا يليق به.
كان تعليق موسكو من خلال المتحدثة باسم وزارة الخارجية ماريا زاخاروفا حول إقالة زالونجي أن «حكومة كييف تنازع وتعاني سكرات الموت». أضافت «هذا تفسخ كامل، وتحلل نهائي للدولة.. لكل إدارة السيطرة ونظام الإدارة بأكمله». وانتهت إلى القول «إنهم يدمرون بعضهم بعضاً بصورة ذاتية، وفي هذا الأمر سوف يصلون إلى نهايتهم».
من الطبيعي أن تكون موسكو أكثر المهللين لأي شرخ يصيب القيادة الأوكرانية لأنها تحقق بذلك أهدافها مجاناً.
المصدر: صحيفة الخليج