أبرزاقتصاد ومال

أسعار النفط بين الضغوط السياسية والتحفيز الصيني

شهدت أسعار النفط يوم امس ارتفاعًا بأكثر من 1% ، مسجلة أعلى مستوياتها منذ بداية الشهر، ومدفوعة بعاملين رئيسيين: تصاعد التوترات الجيوسياسية في الشرق الأوسط، والإجراءات التحفيزية التي اتخذتها الصين لدعم اقتصادها. هذا الارتفاع يطرح العديد من التساؤلات حول مستقبل أسواق النفط في ظل الظروف الحالية.

اذ تلعب العوامل السياسية دورًا محوريًا في توجيه أسعار النفط، حيث أدى استمرار الضربات الأميركية على جماعة الحوثي اليمنية إلى زيادة المخاوف بشأن استقرار إمدادات النفط. وقد صعّد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب من نبرته تجاه إيران، محملًا إياها مسؤولية أي تصعيد إضافي. هذا التوتر في منطقة استراتيجية مثل البحر الأحمر، الذي يعد ممرًا رئيسيًا لنقل النفط، يساهم بشكل مباشر في رفع الأسعار نتيجة للمخاوف من تعطل الإمدادات.

وفي سياق متصل، يتزايد التوتر بعد انهيار الهدنة في غزة، وقد خلفت الغارات الإسرائيلية مئات القتلى، مما يثير تساؤلات حول مدى تأثير هذه الأزمة على استقرار الأسواق في المنطقة، لا سيما في ظل احتمالات تصعيد إقليمي أوسع.

على الجانب الآخر، تلعب الصين دورًا مهمًا في دعم الطلب العالمي على النفط. فقد كشفت بكين مؤخرًا عن خطة لتعزيز الاستهلاك المحلي، تتضمن إجراءات مثل زيادة الدخل وتقديم إعانات لرعاية الأطفال. كما أظهرت بيانات رسمية ارتفاع إنتاج النفط الخام في الصين بنسبة 2.1% في أول شهرين من العام، مما يشير إلى انتعاش النشاط الاقتصادي مدفوعًا بعوامل موسمية مثل عطلة السنة القمرية الجديدة.

لكن السؤال الأهم هنا: إلى أي مدى ستنجح هذه التحفيزات في تعويض المخاوف المتعلقة بالنمو الاقتصادي العالمي؟ لا سيما في ظل استمرار التوترات التجارية، حيث أشارت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية إلى أن التعريفات الجمركية التي فرضتها إدارة ترامب قد تؤثر سلبًا على الطلب العالمي على الطاقة، وهو ما قد يحدّ من التأثير الإيجابي للطلب الصيني المتزايد.

اذاً يجتمع في المشهد النفطي الحالي عاملان متناقضان: من جهة، تدفع المخاطر الجيوسياسية الأسعار إلى الأعلى، ومن جهة أخرى، تلوح في الأفق مخاوف من تراجع الطلب بفعل التحديات الاقتصادية والتوترات التجارية. كما أن المحادثات بشأن إنهاء الحرب في أوكرانيا قد تلعب دورًا محوريًا في تحديد اتجاه الأسعار، إذ إن أي تسوية قد تعني تخفيف العقوبات على روسيا وعودة إمداداتها النفطية، مما قد يضغط بإتجاه خفض الأسعار.

يبقى السؤال المطروح: هل ستظل أسعار النفط عند مستوياتها المرتفعة في ظل استمرار هذه العوامل، أم أن الأسواق ستشهد تصحيحًا في حال تراجع التوترات الجيوسياسية؟ وكيف ستتفاعل الاقتصادات الكبرى مع هذه التقلبات لضمان استقرار إمدادات الطاقة العالمية؟

هذه الأسئلة تفتح المجال لنقاش أوسع حول مستقبل أسواق النفط، وتأثير العوامل السياسية والاقتصادية في تحديد اتجاهاتها في الأشهر المقبلة.

*رأي سياسي*

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى