واشنطن تقدم مساعدات عسكرية جديدة لأوكرانيا.
بعد 18 شهراً من اندلاع الحرب الروسية ضد أوكرانيا، أبدى الكثير من المسؤولين الأميركيين قلقهم من الوتيرة البطيئة للهجوم المضاد الذي تشنه القوات الأوكرانية وعدم تحقق تقدم سريع والقلق من أن هذا الهجوم المضاد لن ينجح، رغم الدعم الكبير الذي تقدمه الولايات المتحدة إلى أوكرانيا. ودعا بعض الاستراتيجيين إلى تقديم موارد مالية وعسكرية أفضل لدعم أوكرانيا خلال فصول الشتاء حتى تتمكن كييف من تحقيق نصر في هذه الحرب وهزيمة القوات الروسية في أوكرانيا.
وقد أعلنت الولايات المتحدة، مساء أول من أمس (الثلاثاء)، عن حزمة جديدة من المساعدات العسكرية لدعم أوكرانيا بقيمة 250 مليون دولار تشمل صواريخ «AIM – 9M» للدفاع الجوي، وذخيرة إضافية لأنظمة الصواريخ المدفعية عالية الحركة، ومعدات إزالة الألغام، وصواريخ «هيدرا – 70»، وأكثر من 3 ملايين طلقة من ذخيرة الأسلحة الصغيرة، إضافة إلى مركبات العلاج الطبي المدرعة وسيارات الإسعاف، وقطع الغيار والصيانة وغيرها من المعدات الميدانية.
وقال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في بيان إن الحزمة الجديدة من المساعدات العسكرية تستهدف مساعدة أوكرانيا في دفاعها عن أراضيها وحماية شعبها، وهي تحتوي على قدرات عسكرية مهمة لمساعدة أوكرانيا في ساحة المعركة. وشدد وزير الخارجية الأميركي أن بلاده والحلفاء والشركاء «سيقفون متحدين مع أوكرانيا مهما استغرق الأمر».
وتعد هذه الحزمة من المساعدات العسكرية هي المرة الخامسة والأربعون التي تقدم فيها الولايات المتحدة أسلحة لأوكرانيا باستخدام سلطة السحب الرئاسية مما يعني أنها ستأتي مباشرة من مخزون البنتاغون وسيتم إرسالها بسرعة في غضون أسابيع إلى القوات الأوكرانية.
تكلفة باهظة
وقد قدمت الولايات المتحدة أكثر من 43 مليار دولار من المساعدات العسكرية الأميركية لأوكرانيا منذ بدء الغزو الروسي في فبراير (شباط) 2022. وطلب الرئيس جو بايدن في وقت سابق من هذا الشهر من الكونغرس الموافقة على مساعدة إضافية بقيمة 24 مليار دولار. وقالت سابرينا سينغ نائبة المتحدث الصحافي باسم البنتاغون: «نحن واثقون من أنه سيكون لدينا من المال ما يكفي لتلبية احتياجات أوكرانيا، ونأمل أن يوافق الكونغرس على الحزمة الإضافية لأوكرانيا».
وقد بدأت القوات الأوكرانية هجوماً مضاداً في الشرق والجنوب في أوائل يونيو (حزيران) الماضي، لكنها أحرزت تقدماً بطيئاً عبر حقول الألغام والخنادق الروسية التي أعاقت تقدمها جنوباً. وأشار المحلل العسكري مايكل كوفمان في مقال بمجلة «فورين بوليسي» إلى أن أوكرانيا تواجه العديد من التحديات قبل أن تتمكن من تحرير البلاد، وأبرز تلك التحديات هو افتقاد الدول الغربية إلى استراتيجية متماسكة في ما يتعلق بتسخير الموارد المالية والعسكرية لدعم أوكرانيا خلال الشتاء المقبل حتي تتمكن كييف من تحقيق نصر عادل ودائم، مرجحاً أن تستمر إلى الحرب إلى ما بعد عام 2024 وربما لسنوات حيث يستغرق الأمر الكثير من الوقت لتدريب الجنود وتنمية المعارات القيادية خاصة أن كلا من الأوكرانيين والروس لديهم الموارد والإرادة لخوض حرب ممتدة.
وقارن المحلل العسكري بين الحرب الروسية الأوكرانية والحرب العالمية الأولى والثانية والحرب الكورية وحرب العراق، وهي حروب اعتقد الخبراء أنها ستكون قصيرة المدة، وثبت خطأ هذا الاعتقاد ولهذا ينطبق الأمر نفسه على الحرب الروسية ضد أوكرانيا، وقال سيستغرق الأمر بعض الوقت لمواصلة تعزيز قدرات أوكرانيا البرية والجوية والبحرية والسيبرانية والصناعية والمعلوماتية حتى تتمكن كييف من التفوق على موسكو.
وأشار كوفمان إلى أن الروس ارتكبوا العديد من الأخطاء الاستراتيجية لكنهم تعلموا وتأقلموا وهم ليسوا أغبياء، ولذا ستحتاج أوكرانيا إلى عدة أشهر لهزيمتهم وطردهم من نحو 18 في المائة من أراضي أوكرانيا التي يحتلونها بشكل غير قانوني.
وطالب كوفمان بمساعدة كييف على تطوير تكتيكات جديدة لاختراق الدفاعات الروسية، مشيراً إلى أن الهجمات الأوكرانية قامت باختراق الخطوط الدفاعية الروسية في الجنوب، لكنها تعثرت بسبب النقص في خطط دمج المدرعات والمشاة والمدفعية في المستويات الأعلى، وخاصة آليات إزالة الألغام.
حرب استنزاف
وحول مسارات الحرب قال المحلل العسكري إنه من المبكر القول في أي اتجاه تسير الحرب في أوكرانيا، مشيراً إلى أن الأوكرانيين أحرزوا تقدماً في الجنوب وقاموا بتحرير بعض المدن المهمة ويقومون بشن هجوم في الشرق عند باخموت ضد القوات الروسية النظامية وليس قوات «فاغنر» (كما كان في السابق) وسوف يؤدي استنزاف هذه القوات إلى إضعاف الخيارات الهجومية المستقبلية لروسيا.
وأوضح كوفمان أن التقدم الذي تحرزه القوات الأوكرانية يقاس بالأرض التي استعادتها وتدمير القوات الروسية والتقدم في تعريض القوات الروسية في شبه جزيرة القرم للخطر وإقناع أوكرانيا للحكومات الغربية أنها تحقق نجاحاً، وقال: «اعتماداً على كل هذا يمكن القول إن كل هدف من هذه الأهداف هو قيد التنفيذ».
اعتراض جمهوري
ويستعد الجمهوريون في مجلسي الشيوخ والنواب لخوض معركة داخلية بشأن طلب الرئيس بايدن مبلغ 24 مليار دولار أخرى لمواصلة تمويل الحرب والمساعدات الإنسانية في أوكرانيا. ويتشكك غالبية الجمهوريين في تقديم المزيد من المساعدات لأوكرانيا، والالتزام المفتوح دون قيود بشأن الحرب الأوكرانية وتعهد الجمهوريون بمعارضة أي شيك على بياض لأوكرانيا في أي مشروع قانون مخصصات تكميلية، لكن مصادر الجمهوريين في مجلس الشيوخ تقول إنهم يتوقعون أن تدعم أغلبية الجمهوريين في مجلسي الشيوخ والنواب في نهاية المطاف حزمة أخرى لأوكرانيا – على الرغم من أنها ستواجه معارضة من المحافظين في كلا المجلسين.