رأي

هل لدى أميركا ما يقنع حماس وإسرائيل بتقديم التنازلات

كتب عبد الباري فياض في صحيفة العرب.

على الرغم من التعنت الحمساوي – الإسرائيلي إلا أن الوسطاء الأميركان والعرب كمصر وقطر لا يزالون يبذلون جهودا كبيرة لإقناع إسرائيل وحماس بتقديم تنازلات والجلوس إلى مائدة المفاوضات.

وصلت المفاوضات بين حركة حماس والجانب الإسرائيلي إلى طريق مسدود منذ بدء الحرب على غزة التي أعقبت أحداث السابع من أكتوبر، فكلا الطرفين يتمسك بشروطه كاملة من أجل وقف إطلاق الحرب غير مكترث بالمدنيين الضحايا، الذين يموتون كل يوم برصاص الاحتلال أو من الجوع والفقر والأمراض داخل مخيمات الإيواء.

وعلى الرغم من التعنت الحمساوي – الإسرائيلي إلا أن الوسطاء الأميركان والعرب كمصر وقطر لا يزالون يبذلون جهودا كبيرة لإقناع إسرائيل وحماس بتقديم تنازلات والجلوس إلى مائدة المفاوضات، كمحاولة لسد الفجوة بين الطرفين والتوصل إلى اتفاق وقف النار في غزة وإتمام صفقة تبادل الأسرى.

وتسعى واشنطن لحل الخلاف بينهما بمسودة اتفاق للهدنة ذات بنود ومواد، كما عرض الرئيس الأميركي جو بايدن، في أواخر أيار – مايو، ما قال إنه مقترح إسرائيلي على ثلاث مراحل يفضي إلى وضع حد للنزاع والإفراج عن الرهائن وإعادة إعمار قطاع غزة من دون أي وجود لحماس في السلطة، لكن هذا المقترح الذي تبناه مجلس الأمن الدولي، لم يفض إلى نتيجة حتى الآن، فمن الواضح أن الطرفين لن يقدما أي تنازلات من أجل حقن دماء المدنيين في قطاع غزة أو في تل أبيب، ووضع حد نهائي للحرب أو الإبادة الجماعية التي يمارسها الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني.

ربما الضغوط المختلفة التي تمارسها الولايات المتحدة على إسرائيل ستتخذ مسارا جديدا خلال الفترة القادمة، فقد تكشر إدارة بايدن عن أنيابها صراحة لحكومة نتنياهو المتطرفة التي ترفض جميع الحلول وتصر على سياسة العناد السياسي أمام حماس، لتظل أزمة المحتجزين الإسرائيليين في سجون الحركة الفلسطينية عالقة كما هي دون أي حلول شافية لذويهم.

وفي سبيل إنهاء الحرب، اقترحت الولايات المتحدة صياغة جديدة للبند الثامن ضمن مقترحات بايدن لوقف إطلاق النار وتبادل إطلاق سراح الأسرى والمحتجزين، وأعد المسؤولون الأميركيون صياغة جديدة لهذه المادة من أجل سد الفجوة بين إسرائيل وحماس، مع العمل جنبا إلى جنب مع مصر وقطر لإقناع حماس بقبول الاقتراح الجديد.

باستقراء المشهد الحالي بشأن الهدنة أو وقف إطلاق النار أو مستقبل غزة، يظل الوضع مبهما في ظل هذا التعنت الحمساوي – الإسرائيلي

وفي نفس الوقت، ظهر اقتراح إسرائيلي وافق عليه مجلس الحرب الإسرائيلي وطرحه الرئيس الأميركي بايدن بخطاب ألقاه، وهو يفضي إلى تنفيذ المرحلة الأولى للصفقة من أجل تحديد الشروط الدقيقة للمرحلة الثانية منها، والتي تشمل الوصول إلى “تهدئة مستدامة” في غزة، لكن لم تشغل الصفقة تفكير حماس، فهي تركز فقط على عدد وهوية السجناء الفلسطينيين الذين سيتم إطلاق سراحهم من السجون الإسرائيلية مقابل كل جندي إسرائيلي حي أو محتجز في غزة، وفي المقابل، تريد إسرائيل أن تكون لديها القدرة على إثارة موضوع نزع السلاح من غزة فتعمل الولايات المتحدة بجد لإيجاد صيغة تسمح بالتوصل إلى اتفاق، ولكن ينتظر موافقة الطرفين.

ووفقا للرئيس الأميركي، سيعود الفلسطينيون في هذه المرحلة إلى منازلهم في كافة أنحاء القطاع وستزداد المساعدات الإنسانية إلى 600 شاحنة يوميا، كما تشمل إطلاق محادثات بين إسرائيل وحماس للوصول إلى المرحلة التالية، التي من المفترض أن تتضمن إطلاق سراح جميع الرهائن وانسحاب إسرائيل الشامل من القطاع.

إلا أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تراجع في وقت سابق من هذا الأسبوع عن الاقتراح، مؤكدا مواصلة إسرائيل القتال في غزة لتحرير الرهائن، لكن تحت ضغط من الولايات المتحدة وعائلات الرهائن، صحح نتنياهو في ما بعد تعليقاته وأعاد تأكيد التزامه بالاقتراح.

ولكن يبدو أن المفاوضات تدور في حلقة مفرغة، حيث دعت حماس العرب والمسلمين إلى جمعة غضب وشد الرحال إلى المسجد الأقصى المبارك، وطالبت الشعوب العربية والإسلامية بالاحتشاد أمام السفارات والإسرائيلية للمطالبة بوقف العدوان على قطاع غزة، دون أن تتنازل عن بعض بنود الهدنة المقترحة من الولايات المتحدة الأميركية، فالحركة وقياداتها لا تريد إلا مصالح شخصية وسياسية تؤهلهم للعودة إلى حكم قطاع غزة من جديد دون البكاء على دماء الشهداء.

وباستقراء المشهد الحالي بشأن الهدنة أو وقف إطلاق النار أو مستقبل غزة، يظل الوضع مبهما في ظل هذا التعنت الحمساوي – الإسرائيلي.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى