أبرزشؤون لبنانية

هل حماسة جنبلاط أحدثت قطيعة مع جعجع؟

الذين دعوا الى الحوار للاتفاق على انتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية كانوا على حق، ولديهم خلفية وطنية، وهمهم انقاذ البلاد. والذين يرفضون الحوار حول هذا الموضوع لديهم مبرراتهم السيادية، ولا يمكن اتهامهم بعرقلة العملية الانتخابية لأنهم يتمسكون بالأصول التي يلحظها الدستور، ففسيفساء الساحة اللبنانية تنوعت وتضاربت الى حد ضاعت معها الوقائع، ولم تعد رؤية الحقائق متاحة بعين مجردة واحدة، وكأنما «للحقيقة ألف وجه. ومن البلاغة أن تخاطب كل قوم حسبما يفهمون» وفقا لقول أحد كبار الأئمة.

كادت حماسة رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط  للحوار أن تحدث قطيعة مع أقرب حلفائه رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع بحسب “الأنباء” الكويتية، لأن وسائل الإعلام ذهبت الى اعتبار تصريح جنبلاط موجها ضد جعجع حصرا، بينما في الواقع لم يكن الأمر على هذه الحال، وكلامه عن العبثية استهدف الذين يتعاطون بخفة مع الاستحقاق الرئاسي، بينما البلاد تتخبط بمشكلات وازنة. والتواصل بين القوى الرئيسية ضرورة ولا يجوز إغفالها، مهما كان التباعد السياسي واسعا بين هذه القوى، لأن التعاطي مع المحددات الدستورية الواجبة – كانتخاب الرئيس – تختلف عن المواقف إبان الحملات الانتخابات، أو في الساحات، أو أمام الحراك الحزبي، ويجب التعاطي مع هذه الاستحقاقات الوطنية بمسؤولية عالية، لأنها تتعلق بحياة الدولة الضامنة لمصالح كل اللبنانيين.

جعجع حمل رئيس مجلس النواب نبيه بري المسؤولية عن تعطيل النصاب في الجلسات التي تلي الاقتراع في الدورة الأولى، والهدف من التعطيل، تجنب انتخاب رئيس بالنصف زائدا واحدا من عدد النواب كما ينص الدستور، وبذلك قد يصل رئيس لا يكون من صفوف محور الممانعة.

يصح اتهام جعجع لبري بالتعطيل في السياسية كون الأخير حليف حزب الله، ويتمتع بنفوذ واسع لدى حلفائه، ولكن من الناحية الدستورية لا يمكن لرئيس مجلس النواب أن يفرض على النواب البقاء في قاعة المجلس، والدستور ينص على عدم جواز مساءلة النائب عن رأيه السياسي، لكن تقاليد العمل البرلماني ونصوص الأنظمة الداخلية لمجالس النواب، لا تسمح للنائب بالغياب من دون عذر، ويخضع للمساءلة إذا امتنع عن الحضور لثلاث مرات متتالية، وهذا الأمر غير موجود في لبنان، لا نصا ولا عرفا.

الرهان على انقسام القوى السيادية على خلفية مواقف جنبلاط الأخيرة، رهان خاسر، ذلك أن مستوى التنسيق بين أطراف هذا الفريق متقدم، وليس بوارد أي كتلة فيه التخلي عن هذا التعاون، أو الدخول في صراع على العناوين الرئيسية.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى