لينا الحصري زيلع.
خاص رأي سياسي..
لا يزال خبر طرد المدّعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون، محور جدل في الأوساط السياسية والقضائية والشعبية، بحيث اعتبره البعض بانه بمثابة ضربة سياسية لـ”التيار الوطني الحر”، رغم التأكيدات القضائية بان لا خلفيات سياسية للقرار.
ولكن بانتظار ما سيسفر عنه الاستئناف المقدم من القاضية عون عبر وكيلتها القانونية، والذي جاء اعتراضاً على القرار الصادر بحقها، فقد اثار الموضوع ردود فعل متناقضة بين الأطراف السياسية، حيث اعتبر البعض ان العدالة اخذت مجراها من خلال كف يد “قاضية العهد” كما كانت توصف، وذلك بناءً على تصرفاتها ومخالفتها للقوانين، إرضاءً لرئيس التيار جبران باسيل، بينما رأى البعض الاخر، ان القرار بحق القاضية عون صدر لأنها تجرأت حيث تخاذل الاخرون، وفتحت بعض الملفات التي كانت تعتبر من “المحظورات”، لاسيما تلك التي تتعلق بملاحقة كبار الفاسدين حسب ما تراه هذه الفئة، بينما ذهب فريق اخر لاعتبار ان “التيار الوطني الحر” رفع الغطاء عن قاضيته “المدللة” مقابل صفقات سياسية.
مصادر قانونية رأت عبر “راي سياسي” بان المجلس التأديبي للقضاة استند في قراره إلى مخالفات ارتكبتها عون في إطار ممارستها مهمتها القضائية، والتمرّد على قرارات رؤسائها والمرجعيات القضائية، وعدم الامتثال للتنبيهات التي وُجّهت إليها. ولفتت الى ان القاضية عون رفضت مرات عدّة أن تتبلغ من الرئيس الأول لمحاكم الاستئناف في جبل لبنان، دعاوى الردّ المقدمة ضدها، كذلك رفضت أن تتبلغ دعاوى المخاصمة المرسلة إليها من الهيئة العامة لمحكمة التمييز، التي تتشكّل من رؤساء محاكم التمييز في لبنان.
وبحسب المصادر فانه بمجرد تقديم الاستئناف، يتوقف تنفيذ قرار الطرد إلى حين البتّ فيه من الهيئة العليا للتأديب، ما يعني عودة القاضية عون إلى مزاولة عملها إلى حين صدور القرار النهائي.
الوزير طارق الخطيب
وحول هذا الموضوع يؤكد عضو “التيار الوطني الحر” الوزير السابق المحامي طارق الخطيب لموقعنا ،بأن التيار لا يتدخل بموضوع القضاء، كما انه لا يرفع الغطاء عن احد او يغطي احد، وهو يترك العدالة والقوانين تأخذ مجراها، مستغربا القرار الصادر بحق القاضية عون، لافتا الى ان هناك مرجع قضائي اعلى من المرجع الذي اصدر قرار الطرد ، وهو الهيئة العليا للتأديب التي ستنظر بالاستئناف، “لذلك علينا انتظار كلمتها الأخيرة فأما تتبنى قرار الطرد او فسخه”.
وعن توقيت اصدار القرار، استبعد ان يكون ذلك في اطار الانتقام من العهد، او فريقه السياسي، علماً ان القاضية عون معروف انها محسوبة على الرئيس ميشال عون، ولكن الجميع يشهد بان مدعي عام جبل لبنان، تُصدر احكامها وفقا لقناعاتها وضميرها ، وهي لا تقبل المراجعات من اي يكن، مشيداً بنزاهتها في عملها.
وإذ جدد الخطيب التأكيد بان “التيار الوطني الحر” لن ولم يسمح لنفسه ان يتدخل في العمل القضائي، لفت الى ان القرار الصادر بحق القاضية عون ،لا يحتوي على ملاحظات بحقها تتعلق بملفات فساد او انحراف ضمير او تواطؤ.
اما عن الية النظر بالاستئناف المقدم من قبل القاضية عون، يقول الوزير السابق:” هناك مهلة 15 يوم من تاريخ ابلاغها قرار الطرد، لتقديم الاستئناف لشرح وجهة نظرها، والمهلة باتت سارية ، ومن ثم ستصدر الهيئة العليا قرارها النهائي استنادا لقناعاتها، وما يتضمنه الملف”.
وأشار الى انه “علينا جميعا النظر الى كيفية بناء البلد من دون “كيديات” و”شماته”، وما حصل مع القاضية عون ربما قد يحصل مع اي شخص اخر، محسوب على اي فريق سياسي، لذلك كنا نتمنى على الذين هللوا عند صدور القرار ، الترفع عن الكيدية.
وعن دور وزير العدل المحسوب أيضا على الفريق العوني، يشير عضو “التيار الوطني الحر” بان” لا سلطة لوزير العدل الذي لا يتعاطى بعمل القضاء على الهيئات التأديبية ، وبالتالي لا يمكن لاحد ان يتعاطى معها، حتى رئيس مجلس القضاء الأعلى، بحيث لا يستطيع احد ان “يمون” على أي قاضي باي ملف تم اصدار حكم بشأنه”.
وإذ أشار الخطيب الى سوابق طرد عدة حصلت بحق قضاة، اكد ان “استقلالية القضاء هي امر اساسي، يجب ان تكون مغروسة لدى القضاة، وليست فقط مسطرة في النصوص ، فالقاضي اما ان يكون مستقلا او تابعا”. واعرب عن الحاجة الى تطوير قانون تنظيم القضاء وتحديثه وتعديله، فالقانون الحالي ساري على كل قضاة لبنان، ولكن هناك قضاة يخضعون للقرارات السياسيين، بينما هناك فئة لا تخضع لضغوط من اي مرجع أتت.
وردا على سؤال اعتبر ان البلد كله ليس بخير، لذلك فالأكيد ان السلطة القضائية أيضا ليست بخير، وهو امر مقلق، باعتبار ان السلطة القضائية هي الضمانة لسلامة العمل المؤسساتي في البلد بكامله، وليس فقط ضمن عمل القضاء.