هدنة أم نهاية حرب؟

كتب يونس السيد, في الخليج:
على الرغم من الترحيب الواسع الذي حظيت به خطة ترامب لإنهاء الحرب على قطاع غزة، إلا أن هناك تساؤلات كثيرة حول مدى نجاح هذه الخطة، وما إذا كان بإمكانها أن تتجاوز مجرد وقف إطلاق النار، إلى المسار السياسي بما يفضي إلى إعطاء الفلسطينيين بعضاً من حقوقهم المشروعة، ويحقق الأمن والسلام والاستقرار للمنطقة.
من حيث المبدأ، تحمل الخطة في ثناياها الكثير من البنود الشائكة القابلة للتفسير والتأويل بما يسمح لإسرائيل بالتهرب من التزاماتها والعودة لاستئناف القتال، وهو أيضاً ما ظهر في اتفاق المرحلة الأولى من الخطة، وما رافقه من حديث عن بنود سرية تسمح عملياً لإسرائيل بالعودة للحرب في حال أخلّت «حماس» أو لم تستطع تأمين التزاماتها من نوع تسليم جثث الرهائن في المهلة الزمنية المحددة، وما شابه.
لكن جوهر الموضوع يتعلق بإسرائيل نفسها، وما إذا كانت حكومة اليمين المتطرف ستقبل بإنهاء الحرب، والتخلي عن أحلامها في الاحتلال والتهجير والاستيطان، وهو ما لا يبدو متاحاً، بل على العكس فقد طالب وزراء اليمين المتطرف علناً وبوضوح باستئناف الحرب مباشرة بعد استعادة الرهائن من قطاع غزة. وهناك الكثير من الإسرائيليين يعتقدون أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب هو من أجبر نتنياهو على قبول خطته، وبالتالي فإن نتنياهو وحلفاءه في اليمين المتطرف يبحثون عن أي ثغرة تمكّنهم من إفشال الخطة. وينطلق هؤلاء من أنه إذا توقفت الحرب على هذا النحو، أو كما هو عليه الحال، فإن ذلك يتناقض تماماً مع الأهداف والشعارات التي أطلقوها على مدار عامين لجمهور اليمين واليمين المتطرف، ويرسم صورة بعيدة كل البعد عما كان يروّج له هؤلاء من تحقيق «النصر المطلق» واستعادة الرهائن بالقوة والقضاء على «حماس» والفصائل الفلسطينية.
ولقد حاول نتنياهو رسم مثل هذه الصورة لكنه لم ينجح لأن ما آلت إليه الأمور لا يشبه ما كان يروج له منذ عامين، ففي المحصلة، اضطر نتنياهو لإبرام اتفاق مع «حماس» والفصائل الفلسطينية، والرهائن لم يعودوا إلا باتفاق، والفلسطينيون بقوا على أرضهم. وهناك من بدأ يتحدث من الإسرائيليين عن فتح باب المساءلة والمحاسبة، فإذا كان الأمر كذلك، ما الذي حققه الجيش الإسرائيلي طوال عامين، باستثناء «جرائم الحرب» ضد الفلسطينيين، ومن يتحمل مسؤولية هذا العدد الهائل من القتلى والجرحى الإسرائيليين، علاوة على مسؤولية الإخفاق في صد هجوم 7 أكتوبر، التي لا يزال نتنياهو يرفض الاعتراف بها. كل هذه العوامل وغيرها تدفع نتنياهو وحلفاءه إلى عرقلة خطة ترامب وإيجاد الذرائع لاستئناف الحرب.
لكن السؤال الجوهري أيضاً، هل يستطيع نتنياهو واليمين المتطرف مواجهة هذا الزخم العالمي وتسونامي الاعترافات بالدولة الفلسطينية الذي يدفع نحو اختراق الجدار الإسرائيلي، وفتح مسار السلام، وتحقيق «حل الدولتين»، ناهيك عن تمسك ترامب، كما يبدو، بإنجاح خطته، واستغلال اللحظة المؤاتية لإنجاز «حل تاريخي» للصراع الفلسطيني الإسرائيلي؟