ندوة عن اميل اده… اليكم التفاصيل
تستمر الندوات والتوقيعات في اليوم الثالث من المهرجان اللبناني للكتاب الذي تنظمه الحركة الثقافية في انطلياس، للسنة الاربعين والذي يحمل هذه السنة عنوان “ثقافة الحرية والمئوية الثالثة للحضور الانطوني في انطلياس”.
وفي هذا الإطار عقدت ندوة حول كتاب “اميل اده 1949-1884 رائد لبنان الكبير” للدكتور رياض مخول، شارك فيها الدكتور عبد الرؤوف سنو، الدكتور مروان أبي فاضل وادارها الدكتور أنطوان ضومط.
سنو
واعتبر سنو في كلمته أن “إميل إده المشبّع بالقومية اللبنانية وبمحبة لبنان وبالثقافة الفرنسية نشط في أثناء المتصرفية كمعارض للحكم العثماني يريد فصل جبل لبنان عن السلطنة، ولجأ إلى مصر خلال الحرب العالمية الأولى، وشارك من هناك في تأسيس الوحدة الشرقية في الجيش الفرنسي. وقد عاد إلى لبنان في العام 1919، وشارك في مؤتمر الصلح في فرساي للمطالبة باستقلاله وتوسيع حدوده. وقبل توليه رئاسة الجمهورية، شارك إده في عضوية المجلس التمثيلي ومجلس الشيوخ ومجلس النواب، وترأس الحكومة بين العامين 1929 و1930”.
وقال: “خلال توليه رئاسة الحكومة، قام بإصلاحات شاملة في الإدارة والقضاء والاقتصاد والمالية والأشغال العامة والتعليم والصحة، وقد أبرزها الدكتور نخول بالتفصيل في الفصل الثاني من كتابه، (ص 182-197)”.
أضاف: “إصطدم إده خلال العشرينيات وحتى منتصف الثلاثينات بمشاريع المسلمين الوحدوية. إن الخوف من الميول الوحدوية للمسلمين، ومن ديموغرافيتهم المتصاعدة، جعله يرى وجوب الارتداد إلى لبنان المسيحي في جبل لبنان، مع بعض الإضافات. موقفُه هذا حمل في طياته الخوف من الإسلام كثقافة، بعدما خلط المسلمون الوحدويون بين العروبة والإسلام، ولأن الديموقراطية التي كان إده ينشدها في لبنان الكبير يستحيل أن تعيش، وفق رأيه، في ظل حكم إسلامي (مقابلة مع ريمون إده، رغيد الصلح، ص 35، حاشية 17)”.
وتابع سنو: “وبعدما أصبح رئيسًا للجمهورية في العام 1936، انفتح إده على المسلمين، ولم يعد كما كان في العشرينيات. فقد جعلتُه تجاربُه يدرك أن لبنان يقوم على التعايش والشراكة، لذا، قام بتعيين الزعيم السنّي الطرابلسي خير الدين الأحدب رئيسًا للحكومة في العام 1937، وأصدر مرسومًا يصبح بموجبه مفتي بيروت السنّي محمد توفيق خالد مفتيًا للجمهورية اللبنانية، بعد ذلك صدر مرسومان بإنشاء محكمة جعفرية للشيعة، والاعتراف بالطائفة العلوية. وفيما كان إده مع فصل طرابلس عن لبنان الكبير، إلا أنه عمل في المجلس الإداري وخلال رئاسته للجمهورية على تحصينها وتوسيع مرفئها”.
وبعد أن عدد بعض النقاط “اللافتة” في الكتاب “والتي تؤكد إصرار اده على السيادة والوحدة والتعايش”، قال: إننا نفتقدُ اليوم هذا الكلام السيادي الوطني المخلص عند منظومة الفساد التي تحكم لبنان منذ العام 1990. لقد فقدت الدولة اللبنانية احترام الدول لها، حتى احترام مواطنيها، بعدما جرى القضاء على ديمقراطية لبنان الفريدة في المنطقة، وتحول إلى ساحة للخارج. كم نحن بحاجة إلى رؤساء جمهورية مخلصين كإده”.
ابي فاضل
من جهته، رأى أبي فاضل أن “المؤلف لم يتردّد بجرأته المعهودة، في طرح عنوان إشكالي لكتابه: “إميل إدّه رائد لبنان الكبير”، وهذا ما يطرح علامات استفهام حول ربط إدّه بلبنان الكبير، وقد نُسب إليه تأييدُه لدولة مسيحيّة، وتأييدُه ضمّ طرابلس وغيرها من المناطق ذات الغالبيّة الإسلاميّة إلى سوريا. لذلك، جَهَدَ المؤلّف للدفاع عن إشكاليته بكل وضوح: إنّ إميل إدّه كان بالفعل رائد لبنان الكبير، وقد دوّن على أولى صفحات الكتاب مقولة ردّدها إدّه نفسه ومفادها: “اللبنانيّون أمّةٌ واحدةٌ، ولبنانُ دولةٌ مستقلّةٌ ذاتُ سيادة“.
وقال: “أما عن الدوافع التي أملت عليه تأليف الكتاب فهي متعدّدة، نورد من أبرزها: الرغبة في تقديم قراءة جديدة للوثائق والمستندات تُظهر أبعاد سياسة إدّه اللبنانيّة، وَفق مبدأ اللبننة في إطار العروبة، وخلق حالة وعيٍ لدى اللبنانيّين تحملهم على التمسّك بوطنهم في خضمّ المتغيّرات الإقليميّة والدوليّة”.
ضومط
أما ضومط فشدد “على أنه ومن دون اي لبس تعتبر شخصية الرئيس اميل اده محورية في قيام دولة لبنان الكبير إن عبر اشتراكه الفعال بالوفود المطالبة باستقلال لبنان، او في ممارسة سياسته اللبنانية الداخلية، على الاخص رفضه انضمام لبنان الى سوريا او غيرها من البلدان العربية”.
وقال: “يعتبره بعض اللبنانيين أحد أبرز ركائز قيام لبنان وطنا مستقلا برعاية فرنسية منعا من انضمامه الى الوحدة العربية الكبرى او السورية. ونجم عن بعض تصرفاته وسلوكه السياسي نقمة اسلامية ووطنية احيانا حتى اتهمه بعضهم بالخيانة، وبالتالي فالإشكالية حول شخصيته شديدة التعقيد”.
أضاف: “تعتبر شخصية اميل اده إشكالية أو جدلية ما يقتضي دراستها ضمن الاطار الكلي للأحداث ودور رجالات الاستقلال في المعترك السياسي بين داعين الى استقلال لبناني ناجز ورافضين لهذا الطرح ومتمسكين بالوحدة العربية وعلى الاخص السورية. سعى اميل اده الى قيام دولة لبنانية مستقلة بدعم فرنسي، وبذل جهودا حثيثة في هذا السبيل، وهو وإن ارتضى على مضض بضم الاقضية الاربعة الى لبنان فلأن سكان بيروت شكلوا أغلبية مسيحية، وإرضاءً لرغبة البطريرك الياس الحويك، مقترحا إدارة داخلية مستقلة لبعض المدن كطرابلس بإمرة حاكم فرنسي منعا من انضمامها الى سوريا. وتأمينا لأغلبية مسيحية في الانتخابات اقترح الإجازة للمغتربين بالاقتراع”.
نخول
وفي النهاية تحدث تحول فأكد “أن الرئيس إميل إده أخذ مواقف لم يفهمها بعض الساسة، فأثارت انتقادات وسخطا، لأنهم حكموا على الفعل دونما إدراك السبب، وإذا بالتاريخ يشيح خفايا الأمور ويكشف حقائق تلك المواقف، فيظهر الحق وصواب الرأي وسداده”.
وقال: “إن إميل إده، في شرحه القضية اللبنانية وتسطيره المذكرات لتوسيع حدود لبنان، نجح في تصنيفها قضية قائمة بحد ذاتها على خلفية تاريخية، منفصلة عن القضية السورية والعربية: فبمنطق العارف والمحامي الممسك جيدا بملف قضيته المحقة، واجه المطامع الصهيونية من جهة وأماني المنادين بالانضمام إلى الوحدة السورية من جهة أخرى”.
وختم ضومط: “إننا في خضم هذه الانقسامات، نشدد على وجوب إعادة الأمور إلى نصابها الصحيح، ونقول: الناس ليسوا بأتباع أو أعداء إنما هم مواطنون مسؤولون، لهم حقوق وعليهم واجبات، وهذا بنظرنا مقياس الوعي المطلوب حتى نتمكن من أن نعيش أجواء الديموقراطية الصحيحة بوجهيها السياسي والاجتماعي معا، والملتزمة القيم الإنسانية والقوانين، عوضا من أن تستمر ظاهرة صوتية مجوفة، تأخذ في لبناننا العزيز أشكالا وأسماء بعيدة كل البعد عن معناها الحقيقي”.
تكريم
إلى ذلك، جرى تكريم الأديب عيسى مخلوف الذي تحدثت عنه الدكتورة مارلين كنعان فأكدت أنه “يقيم في باريس غير أنه يقيم فعليا على تقاطع الثقافات والحضارات، في اللغة والكتب والأسئلة، وفي اللوحات والمنحوتات والصور الفوتوغرافية والمعارض وصالات السينما والموسيقى والمتاحف والمكتبات وأروقة الجامعات والحدائق، التي تعكس في نظره تصورا مثاليا لنظام الكون ولعالم يسوده التناغم والانسجام”.
وقالت: “كان لي ذات يوم حظ التنزه برفقته في بعض هذه الحدائق، كتلك النزهة بالقرب من باريس وسط المناظر الطبيعية الخلابة، التي لم يتوقف الرسام الانطباعي جان-باتيست كميل كورو عن رسمها أثناء تجواله في فرنسا. أو كمثل تلك النزهة في حديقة باغاتيل وأشجارها العملاقة ونباتاتها المتنوعة وجسورها الصغيرة وورودها الرائعة. أو تلك النزهة، على هامش أحد المؤتمرات، في حديقة اللوكسمبورغ، حيث المساحات الخضراء تتنافس بجمالها مع التماثيل والزهور والأشجار والملاعب ونافورة ميديسيس وانخطاف عيسى بجمال الطبيعة والمنحوتات في لحظات تأمل كثيفة. ولعل هذه الأماكن التي تعج بها العاصمة الفرنسية أصبحت هي وطن مخلوف والكتابة سكناه منذ مغادرته لبنان وابتعاده عن الأهل والأصدقاء، وعن جبل إهدن المتلون بألوان الشروق والغروب والمتوشح بالغيوم والضباب”.
الطويل
واعتبرت الدكتورة نجاة الصليبي الطويل أن “مخلوف قبض على جمال اللغة العربية وامتلكها، واطلق امكانياتها من خلال رؤاه، وإتقانه اللغة الفرنسية”. وقالت: “إقتحم حدود الأنواع والأجناس الأدبية، ومزج في عمل واحد، بين الرواية والشعر والسيرة والمقالات واليوميات… لغته الشفافة والراقية هي حصيلة تعمق في النصوص القديمة وهو المثقف الواسع المعرفة، يدور في فلك المبدعين من شعراء وكتاب وفنانين”.
أضافت: “كان لعمله عامة وفي الصحافة خاصة، دور أساسي في ممارسة الكتابة اليومية ونحت لغته التي لازمت مسار تقدمه وتطوره. عمل في باريس في أسبوعية “النهار العربي والدولي”، ثم بعد توقـفها، في مجلة “اليوم السابع”، وكان، في سنواتها الاولى، المسؤول عن القسم الثقافي فيها. عمل في “إذاعة الشرق” في الثقافة أولا ثم مديرا للأنباء؛ وكان مستشارا للشؤون الثقافية في منظمة الأمم المتحدة، في إطار الدورة الحادية والتسعين للجمعية العامة (2006-2007)”.
أبو زيد
أما أنطوان أبو زيد فقال: “ما عرفته عن الأديب، أختصره بثلاث سمات كبرى: السمة الأولى، كونه مثاليا طوباويا وواقعيا في آن، وصديقا بعيدا مكانا وقريبا روحيا، في منزع يكاد يكون مستحيلا، وتجعله المحبة ممكنا.
السمة الثانية أن غاية الثقافة لديه، واللغة، بل اللغات التي استطاب نسغها في المغتربين الفرنسي والأميركي اللاتيني، إنما هي بناء الجسور الموصلة الى معرفة الآخر، طمعا في مسالمته ونمائه وحريته والإقرار بفضله. ولا أحسب الشعر الذي ابتدعه وطار، سوى خطو للروح المجنحة في عبورها الى ذلك الآخر. وههنا الذات لن يهنأ لها بال إلا بالتخفف من أثقالها واكتشاف الذرى الجديرة بالبقاء.
السمة الثالثة، وهي أن عيسى مخلوف، قبل أن يكون شاعرا وأديبا، وباحثا، هو بناء، معمرجي جسور، بينه وبين ذاته القديمة والجديدة، وبين السماء والأرض ونجماتها، وبينه وبين إخوانه، وبينه وبين وطنه، وبين ألمه وآلام الناس، وبين المهاجرين المغتربين وأحلامهم وانكساراتهم، وبين أدبه المعاصر وتراث أمته التليد، وبين أمس شعره ويومه”.
مخلوف
وفي النهاية، تحدث المكرم عن رحلته من زغرتا إلى باريس وعمله في الصحافة والتأليف وقال” أصدرت أكثر من عشرين كتابا، في الشعر والنثر والبحث. عدد من هذه الكتب نقل إلى لغات عدة، خصوصا اللغة الفرنسية (مع جمال الدين بن شيخ وعبد اللطيف اللعبي ونبيل الأظن وفيليب فيغرو). كتابي الأول كان مجموعة شعرية بعنوان “نجمة أمام الموت أبطأت”، صدرت عن دار النهار للنشر في العام 1981 من الكتب التي صدرت في ما بعد “عزلة الذهب”، “عين السراب”، “رسالة إلى الأختين”، “مدينة في السماء” و”ما سوف يبقى” و”في البحث” و”الأحلام المشرقية”، و”تفاحة الفردوس/ تساؤلات حول الثقافة المعاصرة”. وفي الترجمة )من اللغتين الفرنسية والإسبانية) “قصص من أميركا اللاتينية”، “فان غوغ منتحر المجتمع” لأنطونان أرتو، “رغبة” لفيليب سولرس، بالإضافة إلى دراسات فكرية وأدبية ونصوص شعرية لعدد كبير من الشعراء الفرنسيين، ومنهم رونيه شار وإيف بونفوا. ومن مؤلفاتي الأخيرة “ضفاف أخرى”، وهو حوار طويل أجراه معي الشاعر العراقي علي محمود خضير. هذا الكتاب رحلة في الزمان والمكان، وكذلك في النتاجات الفكرية والإبداعية التي تركت أثرها العميق في نفسي”.
تواقيع الكتب
من جهة أخرى، وقعت الدكتورة صفية انطون سعادة كتابها بعنوان “الحزب والعائلة” في جناح “مؤسسة سعادة للثقافة”.
كما وقع وديع حمدان كتابه بعنوان “أوراق من دفتر العمر: سيرة مناضل يساري” في جناح “دار سائر المشرق”.
ووقع الدكتور مسعود ضاهر كتابه بعنوان “تاريخ لبنان الاجتماعي المعاصر” في جناح “دار النهار”.
كما وقع الدكتور رياض نخول كتابه بعنوان” اميل اده 1949-1884 رائد لبنان الكبير” في جناح “المنفردون – منصة الحركة.
ووقع الدكتور ميلاد السبعلي كتابه بعنوان “آراء في التربية والقيادة – التوجه شرقا- طروحات جديدة في الفكر القومي الاجتماعي” في جناح “دار سائر المشرق”.
كذلك، وقع الاب الدكتور جورج فارس كتابه بعنوان “اعطنا لنأكل” في جناح” المنفردون”- منصة الحركة.