رأي

مهزلة الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد

كتب الوزير السابق فادي عبود في صحيفة “الجمهورية”:

تم تعيين اعضاء الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد ويبلغ عدد اعضائها ستة على قاعدة التوزيع الطائفي، وبحسب القانون، الهيئة مسؤولة عن تطبيق قوانين مكافحة الفساد التي تم اقرارها سابقا مثل قانون الحق في الوصول الى المعلومات، قانون الاثراء غير المشروع، قانون حماية كاشفي الفساد، وقانون دعم الشفافية في قطاع البترول، وقانون التصريح عن الذمة المالية والمصالح 2020، وقانون استرداد الأموال المتأتية عن الفساد، قانون الشراء العام… كذلك أعطيت صلاحيات للتحقيق في شبهات الفساد ومنح الاستشارات…

وتم تصوير ما سبق على أنه انجاز وحل جذري في عملية مكافحة الفساد في لبنان، لذلك نود تسجيل الملاحظات الآتية لكي لا يتم ايهام المواطن بأنّ السلطة تكافح الفساد في لبنان:

  • اولاً: لدينا تجارب كثيرة عبر سنوات عدة في موضوع هيئات المراقبة، والنتيجة اننا وصلنا الى ما نحن فيه من تعتير، ألم نتعلم بعد من كل ذلك؟ أنُصِر على تكرار المسار نفسه الذي سيوصل الى النتيجة نفسها؟
  • ثانياً: لو عُيّن مئات المفتشين في الهيئة وافترضنا ان عندهم القدرات والخلقيات المطلوبة، حتى لو تحقق ذلك وهو مستحيل، لن يكفي للسيطرة على الفساد المستشري، هذا يتطلب عملاً رقابياً على مستوى الوطن وخارجه.

نحتاج الى الشفافية المطلقة وهو قانون واحد فعّال، ويجعل من كل اعمال السلطة علنية تلقائياً، ويحوّل الملايين في الداخل والخارج الى مراقبين لاعمال السلطة، ويُصبح من الصعب الاستمرار في الفساد تحت اعين الناس ورقابتهم. كما يسمح للمؤسسات الدولية ان تتأكد من انّ الفساد لن يستمر في لبنان ويمكنها من الرقابة من دون وضع شروط وتوصيات.
فلماذا التجاهل المستمر والفاضح لهذا القانون المُعّد والذي تم تقديمه الى المجلس النيابي لإقراره؟
لماذا لا يناقشونه ويقولون لنا ما خطأ القانون، واذا كان لا يوجد فيه خطأ فليقوموا بإقراره؟
ونسأل الجهات الدولية التي تود مساعدتنا، هل هي مقتنعة بأنّ ما تم اقراره سيؤدي الى محاربة الفساد؟ أليست مدركة ان هذه الطرق تم اعتمادها في السابق وأوصلتنا الى الانهيار؟ وهل تعتبر ان مثل هذه القوانين ستؤدي الى الشفافية، ام انها لا تريد الشفافية في الواقع؟ واذا كانوا لا يريدون الشفافية فليقولوا لنا لماذا؟ وهل مطالباتهم بالاصلاح هي شكلية لا أكثر؟ ويريدون استمرار الامور على ما هي عليه، فيمنحونا مساعدات تختفي بسبب الهدر والنهب، ونغرق أكثر فاكثر، فهل هدفهم إغراقنا اكثر وعدم انتشالنا؟ آمل ان يكون موقفهم غير ذلك، واذا كانوا فعلاً يريدون مساعدة هذا البلد عليهم المطالبة والاصرار على إقرار وتنفيذ قانون الشفافية المذكور قبل اي مساعدة.
ونسأل الثوار والمعارضين والشعب، لماذا هم صامتون حول ما يحصل ومحاولة السلطة بيع وهم محاربة الفساد، في حين انهم يريدون التغطية على كل الممارسات، اين معركتكم لتحقيق الشفافية المطلقة؟ الا تعتبرون ان الوقت حان لنتخلص من قوانين رجعية مهندسة لاستمرار الفساد ونحقق مطلباً وحيداً يجعل من المواطن الرقيب والحسيب على اعمال السلطة وهو الشفافية المطلقة؟ ألستم مقتنعين بضرورة تطبيق الشفافية المطلقة؟ وما هي حلولكم البديلة؟
فلنجعل معركتنا الانتخابية الجديدة مرتكزة على مطلب الشفافية المطلقة، وان لا ننتخب من لا يتعهد بتحقيق هذا المطلب.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى