مراد: نحن لا نساق إلى الذبح كالخراف.. قاومنا وسنقاوم

قال رئيس حزب “الاتحاد السرياني” إبراهيم مراد: “اعتدتم علي أن أكون متطرفا وعالي السقف لكني أعدكم أن أكون هادئا اليوم. أشار رفيقنا بالنضال والقضية والشهادة ريشار قيومجيان الى أن مؤخرا شرع السريان في التحدث عن “سيفو”. لقد بدأ الجيل الذي سبقنا في 1981 إنطلاقا من محافظة ماردين، نظم عمل عصابات ضد الجيش التركي مهاجما مخافرهم، مؤسسا المقاومة، وفي 1982 اشتد الاضطهاد وخرج شبابنا الى أوروبا وهناك نظموا “حزب حرية بيت نهرين” وكان الانطلاقة للشرارة الأولى لمقاومتنا الحديثة”.
كلام مراد جاء خلال مهرجانا الذكرى العاشرة بعد المئة للإبادة الجماعية الارمنية والسريانية – “سيفو” الذي نظمه الاتحاد السرياني العالمي، بعنوان “من الصلب حتى القيامة… درب الجلجلة مشيناها قوافل” في حضور عدد من الشخصيات السياسية.
أضاف: “ما يجهله الكثيرون هو أن الإبادة سنة 1915 لم تكن الأولى، إذ سبقها إبادتان كبيرتان بحقنا وبعد 1915 وقعت إبادات عديدة، وتسألون لماذا لم تكن الإبادة السريانية الأشورية الكلدانية معروفة ؟، أولا كان لدى إخوتنا الأرمن 3 أحزاب جرى تأسيسها ما قبل الابادة بنحو ثمانين سنة، ولا سيما حزب “الهنشاك”؛ نحن لم تكن لدينا أحزاب. كان لدينا بطاركة ورهبان ورجال دين متنسكين في المغاور والأديرة ينشرون كلمة الله والدين المسيحي للبشرية جمعاء”.
وأردف مراد: “لقد ذبحونا وهجرونا في 1915 ولم يتوقفوا. وفي وقت توقفت الهجمات على أخوتنا الأرمن لفترة، تمكنوا فيها من ترتيب أوضاعهم فنشطوا دوليا وقاموا بما ينبغي أن يقوموا به، كنا نقتل نحن السريان الأشوريون الكلدان، بعد الابادة الكبرى ببضع سنوات، في رأس العين في سوريا عام 1927، حيث أن قتلتنا في تركيا، هم أنفسهم قتلونا في سوريا؛ وفي 1933 ارتكبوا مجزرة شنيعة بحق شعبنا الأشوري دون أن يرف لأحد جفن في سميل العراق”.
وذكر مراد “بالمطارنة ورجال الدين الذين جرى قطع أعناقهم”، مسميا “المطران الجبار “ادي شير”، والقائد البطريرك القديس مار بنيامين ايشاي شمعون، الذي سجل البطولات فنحن لم نمت مكتوفي الأيدي، بل قاومنا وناضلنا ورسخنا فعل إيمان بالمقاومة لكل شعوب العالم”، لافتا إلى “الخيانة الدولية التي تعرض لها الشعب السرياني الاشوري من الإنكليز والروس والتي أدت الى قتل البطريرك وتشتيت المقاومة وتهجير من بقي”.
وتابع: “قتلونا وذبحونا لكننا قاومنا ولم نذهب للذبح كالخراف”، مستشهدا “بمقاومة “قلعة ودير عين ورد” التي وقفت في وجه العثمانيين على مدى ليل ونهار ثلاثة أشهر، دون أن تسقط”، وومشيرا الى أن “مقاومة عين ورد وردت في وثائق الهنشاك والرمغفار: حيث لجأ إلى عين ورد الأهالي والمقاومون الأرمن وبقوا يحاربون فيها إلى جانب السريان ويصدون الهجمات الكردية والتركية العثمانية”.
وذكر مراد كذلك “بمقاومة “آزخ” التي استمرت مدة ستة أشهر، مشبها إياها ببشري ودير الأحمر وزحله، كذلك ذكر “بنابيل فجذور أهلنا في زحله منها”، موجها “التحية لكل القرى والمدن التي قاومت وسطرت ملاحم بطولية، مانعة العار من أن يلحق بنا، أو أن يقال إن السريان الأشوريين الذين كانت لهم أعظم الإمبراطوريات سيقوا للذبح كالخراف”.
وتابع: “الرئيس الشهيد بشير الجميل، والذي كنا نحضر اجتماعات معه في إقليم الرميل الكتائبي في الأشرفية، كان يقول لنا “قولوا الحقيقة مهما كانت صعبة ولو على قطع رأسكم لأنه إما أن يعيش الإنسان بكرامة مرفوع الرأس وإما لا داعي لعيشة ذل وقهر”.
وقال: “كل دول الشرق تفرض عقيدة واحدة وقومية واحدة ودين واحد لرئيس الجمهورية في الدستور، إلا لبنان الذي لجأ إليه أجدادنا، والذي بلغتنا السريانية اسمه “لبنون” أي قلب الله، كان الوحيد قلعة الحرية في هذا الشرق لأن فيه أناس تربوا على عقيدة احترام الآخر واحتضان المظلوم مهما كانت ديانته وقوميته وإعطائه جوا من الحرية في هذا الشرق، الذي بدأ يتحول إلى الافضل ونأمل أن يكون اتعظ من هذه المجازر”.
أضاف: “هذا البلد الذي هو قلب الله هو بالتاريخ وأسطورة غلغامش منذ آلاف السنين والتي تقول إنه عندما شعبي في جبل لبنان تعرض لهجمات واضطهادات أرسلت جيشي إلى جبل لبنان وإلى غابة الأرز ليدافع عن شعبي، يعني أن لبنان تاريخيا مرتبط بحضارتنا وتاريخنا وعقيدتنا منذ الأزل إلى أبد الآبدين، وهذا ال “لبنان” الذي تعرض لمؤامرات تشبه المؤامرات والإبادة، التي تعرض لها شعبنا في تركيا والعراق وسوريا وفي كل مكان، لم نقبل أن يتحول إلى لون واحد ووطن بديل لمجموعات إرهابية تريد رمي المسيحيين في البحر، وتجعل منه وطنا للفلسطينيين الذين باعوا أرضهم وممتلكاتهم وأتوا واعتدوا علينا وعلى دول أخرى”.
وأردف: “نحن كشعب سرياني أشوري كلداني قاومنا وكنا من أول المدافعين عن هذا البلد لأنه قلعة الحرية في الشرق، وخسرنا 1200 شهيد إلى جانب أحزاب المقاومة اللبنانية المسيحية من كتائب و”أحرار” و”قوات” و”حراس أرز” و”تنظيم” وما زلنا مستعدين لذلك. في تركيا حيث ارتكبت المجازر بحقنا، يرفضون اعتراف الحكم بالتعددية الديمقراطية وإعطاء كل الأثنيات حقوقها عبر حكم ذاتي أو نظام فدرالي. وفي سوريا والعراق الأمر نفسه، فماذا ننتظر نحن في لبنان، هذا البلد الذي وقفنا فيه في وجه الفلسطيني والسوري والإيراني وحزب الله، وقلنا لهم إننا لن نسمح بتحويله إلى جحيم أسود، فكنا بكل فخر كحزب “اتحاد سرياني” إلى جانب الأحزاب السيادية المناضلة الحليفة، وكان سقفنا الاعلى عندما طالبنا بأن لا جيش في لبنان إلا الجيش اللبناني، وعندما دعونا الدولة اللبنانية الى المطالبة بتطبيق القرار 1959 تحت الفصل السابع، سخر البعض منا وقال “إننا نحلم لأن القرار 1559 نسي وليس في بال أحد، ولكن الأيام أثبتت أن ال1559 يطبق وأنه لن يبقى في لبنان جيش إلا الجيش اللبناني”.
وقال: “في كل مرة نقول إنه كي نبقى أحرارا في هذا البلد ونعيش تعدديتنا ونحافظ على هويتنا وثقافتنا، علينا أن نقتنع أنه إذا بقينا متمسكين بهذا النظام المركزي الفاشل، الذي تسبب بالخراب في لبنان وبالحروب والفساد والقتل والدمار والتهجير، فإن المآسي ستستمر. لقد انتهينا من حزب الله الذي نعلم أنه ليس المشكلة الأساس، ولكن هناك مشكلة، فبعد الانتهاء من حزب الله لا نعلم ماذا يخبأ لنا وأي مجموعات ستظهر لتغني موالها على حسابنا نحن كمسيحيين في هوياتنا الإثنية والقومية كافة”.
وتابع: “لهذه الأسباب أقول إن هذا النظام المركزي الذي دافعنا عنه ودفعنا في سبيله 1200 شهيد إلى جانب حلفائنا، لأنه نظام فاشل ونظام عنصري، لا يزال يقصينا عن التمثيل تحت تسمية “الأقليات” ويهمشنا، ولايزال يأخذ منا ويرفض أن يعطينا. فنحن ارتضينا ذلك لأننا لطالما رفعنا شعار “مصير البلد فوق كل اعتبار” ، ولطالما ضحينا على حساب مصالحنا ووجودنا وحقوق شعبنا؛ إلا أن شعبنا وشبابنا يهاجرون لأنهم لا يجدون فرص التقدم والتطور، حيث أن أكبر ضابط في الجيش يصل إلى رتبة عميد ثم يحال إلى التقاعد. لا وزراء ونواب لنا ولا مدراء عامين، لأن النظام السوري البعثي الأسدي قرر معاقبتنا”.
وشدد على أن “أصواتنا تعطى دائما للأحزاب السيادية، والاحزاب الأرمنية المناضلة التي تدافع عن سيادة لبنان وعن وجود الحرية فيه، حزبي “الهنشاك والرمغفار”، مؤكدا “أننا لم نبال يوما بالمناصب لأن من يفتدي الأرض والوطن بالدماء لا يكترث للمناصب، غير أننا لن نقبل بالظلم الذي لا يزال يلحق بنا، ليس طمعا بمقعد نيابي أو وزاري أو بلدي أو اختياري، ولكن من أجل حقوقنا وكرامتنا وهي من كرامة ربنا وكرامة الصليب، وكرامة جميع الشهداء، شهداء الإبادة الأرمنية والسريانية وشهدائنا ضمن المقاومة اللبنانية المسيحية، ولن نتراجع”.
وأردف: “نشكر رئيس حزب “الكتائب اللبنانية” الشيخ سامي الجميل الذي كان أول المطالبين، ضمن مشروع قانون قدمه إلى مجلس النواب، من أجل جعل ذكرى الإبادة الأرمنية والسريانية الأشورية الكلدانية و”كفنو” المارونية، يوما وطنيا، ولا حاجة لنا أو مطلب بأن يكون يوم عطلة، كذلك فإن حزب الكتائب هو الوحيد مع رئيسه، الذي بادر إلى دعوتنا في 2013 عندما رفعنا الصوت مطالبين بحقنا بأن يكون لنا نائبان، حيث كان يقتصر تمثيلنا ضمن مقعد الأقليات؛ فحضرت مع الشيخ سامي الذي أوجه له التحية، في “البيت المركزي” مشروع قانون يقدم إلى مجلس النواب، وتضمن المطالبة بإضافة 6 مقاعد نيابية: ثلاثة منها للمسيحيين، وثلاثة للمسلمين، سني، وشيعي ودرزي، فننال بذلك حقنا في التمثيل”، مستدركا: “ولكن في ذلك الوقت رفض المشروع الأرثوذكسي ولم يطبق وتبخر القانون ومشروعه”.
وأكد: “نحن لن نتخلى عن لبنان، لن نغادره، لن نيأس، وسنبقى ثابتين في مقاومتنا إلى جانب حلفائنا، ولا سيما في “القوات” و”الكتائب” ولطالما اعتبرنا أنهم يمثلوننا. لن نتوقف عند مناصب إدارية أو وزارية أو نيابية أو عسكرية، ولكن نحضكم على عدم السماح باستشراء الظلم اللاحق بشبابنا وأجيالنا إلى ما لا نهاية”.
وختم: “لن نسامح، لن نصالح، مهما طال الزمن، وليس فقط بعد 110 سنين، ولو حتى بعد مليون سنة، سنستمر في تنشئة أولادنا والأجيال الطالعة على أن الظلم والإبادات ارتكبت بحقنا. لن نسامح، لن نصالح قبل الاعتراف والتعويض. المسيح قام. المجد والخلود لشهدائنا الأبرار”.
المصدر: وكالة الأنباء المركزية