صدى المجتمع

ما “السرطانات الصامتة” التي ليس لها أعراض؟

الكتل، وجود دم في البراز، فقدان مفاجئ في الوزن، معظم الناس يعرفون المؤشرات الأبرز لمرض السرطان، لكن هناك عديداً من أنواع السرطان الشائعة التي تصاحبها أعراض غير عادية أو غير معروفة بصورة كبيرة.

نظراً إلى أن ما يقارب واحد من كل اثنين منا معرض للإصابة بالسرطان في مرحلة ما من حياتنا، فمن المفيد أن نكون قادرين على اكتشاف ليس فقط أعراض السرطان المعروفة، ولكن أيضاً الأعراض الأقل وضوحاً.

في الأسبوع الماضي، كشف عن إصابة الملك تشارلز بنوع من السرطان، والذي تم التعرف عليه فقط بعد دخوله المستشفى لعلاج تضخم في البروستات. في الواقع، ليس مستغرباً أن يشخص الناس بإصابتهم بالسرطان فقط عند ذهابهم للمستشفى لمعالجة حالة بسيطة.

والسبب وراء ذلك، أن بعض أنواع السرطان تظهر عليها أعراض غامضة وغالباً ما يتم الخلط بينها وبين علامات التقدم في العمر أو ضغوط الحياة اليومية، مثل التعب المستمر، وهي أعراض لا يفكر الناس في الإبلاغ عنها، كما توضح الدكتورة ميكي فان هيملريجك، أستاذة علم أوبئة السرطان في جامعة كينغز كوليدج في لندن. وتستفيض قائلة “قد تكون الأعراض مرتبطة بعديد من الأمراض الأخرى، ولكن هناك احتمالاً ضئيلاً أن تكون سرطاناً”.

حالياً، عندما يشتبه طبيب الصحة العامة في إصابة مريض بمرض السرطان، فإنه يضعه على مسار عاجل لمدة أسبوعين لإجراء فحوصات، لكن عندما تكون الأعراض غامضة، يكون الأمر أكثر صعوبة، كما توضح فان هيملريجك. وتقول إن “هذا هو دور مراكز التشخيص السريع”. التي تعمل الدكتورة في أحدها داخل مستشفى “غايز أند سانت توماس”.

وتوضح فان هيملريجك “بالنسبة للأعراض غير المحددة مثل فقدان الوزن المفاجئ أو التعب الشديد المستمر، يمكنك إبلاغ طبيبك العام وطلب إحالتك إلى مركز التشخيص السريع”. والخبر السار هو أن هذه الأعراض من غير المرجح أن تكون سرطان – سبعة في المئة فقط من أولئك الذين تمت إحالتهم إلى عيادة الدكتورة فان هيملريجك تبين أنهم مصابون بالسرطان، ولكن بالنسبة للحالات التي يتضح أنها سرطان، فإن الكشف المبكر أمر أساس.

كيف يتطور السرطان؟

تتكاثر الخلايا في كل مكان من أجسامنا بصورة دائمة، ولكن خلال عملية التكاثر هذه، قد تحدث بعض الأخطاء، مما يؤدي إلى نمو غير منظم، كما يوضح الدكتور فيليب بورغ، استشاري الأشعة الجراحية الذي يعالج مرضى السرطان في مؤسسة كريستي التابعة لهيئة الخدمات الصحية الوطنية في بريطانيا.

ويقول بورغ “في معظم الأحيان، يستطيع جسمك اكتشاف هذه الأخطاء والقضاء على الخلايا الشاذة، ولكن عندما لا يحدث ذلك، حينها يمكن أن يحدث السرطان”، ولكن هذا لا يحدث بين عشية وضحاها – يمكن أن تحدث عملية نمو السرطان في الجسم على مدى 10 سنوات أو أكثر، قبل أن تظهر أي أعراض. وهذا يفسر إمكانية اكتشاف السرطان أثناء القيام بالفحوصات لشيء آخر. وبحسب بورغ “في المراحل الأولية، قد تظهر أعراض مبكرة أو غير محددة، لذا فالإبلاغ عنها مهم حتى نتمكن من اكتشافه في مراحله المبكرة”.

لماذا قد لا تظهر أعراض على بعض أنواع السرطان؟

يقول الدكتور جايسون تشاو استشاري الأورام في مستشفى بوبا كرومويل “غالباً ما يأتي المرضى بمشكلات مختلفة أو بنتائج غير طبيعية لاختبارات الدم، ثم يتم إجراء فحص ويظهر سرطان لا علاقة له على الإطلاق بالحالة الأولى التي يعانونها. عادة في هذه الظروف، قد يكون السرطان في مرحلة مبكرة”.

يصعب اكتشاف السرطان الموجود في الأعضاء الداخلية لأنه قد لا يؤدي إلى ظهور كتل. ويوضح تشاو قائلاً “إذا ظهر شيء ما على الجلد، أو في عضو قريب أو على سطح الجسم مثل الثديين أو الخصيتين، فمن الأسهل اكتشاف الكتل، لكن الأمر يصبح أصعب في الأعضاء الداخلية المخفية أكثر، مثل المبيضين أو الرئتين أو البنكرياس”.

خمسة أنواع شائعة من مرض السرطان ذات أعراض غامضة أو صامتة:

سرطانات الجهاز الهضمي

وتشمل هذه سرطان المريء والمعدة والكبد والقناة الصفراوية والبنكرياس والأمعاء (والأخير هو رابع أنواع السرطان شيوعاً في المملكة المتحدة). يقول الدكتور تشاو “معظم الناس يعرفون أن عليهم التحقق من وجود دم في برازهم، لكن سرطانات الجهاز الهضمي يمكن أن تكون غادرة للغاية وتحمل أعراضاً غامضة أخرى. هناك أعراض أخرى يحتاج الناس إلى معرفتها وإبلاغ أطبائهم بها”. بالنسبة لسرطان الأمعاء وحده، فإن 90 في المئة من الأشخاص سيبقون على قيد الحياة لمدة خمس سنوات أو أكثر إذا تم تشخيصه في المراحل المبكرة. وتنخفض هذه النسبة إلى شخص واحد من كل 10 في المراحل اللاحقة.

الأعراض التي يجب البحث عنها: فقدان الوزن غير المبرر، الغثيان أو القيء، ألم أو عدم الراحة المستمر في البطن، التغيرات في عادات الأمعاء، الارتجاع [في المعدة] المستمر، صعوبة أو ألم في البلع، إضافة إلى اليرقان. يقول الدكتور تشاو “من غير المرجح أن تكون أي من هذه الأعراض سرطاناً، ولكن إذا كان لديك أي منها وفي حال أنها تتفاقم ولا تتحسن، فتحدث إلى طبيبك”.

سرطان المبيض

وهو السرطان المعروف باسم “القاتل الصامت”. ويمكن أن تحاكي أعراض سرطان المبيض مشكلات أخرى مثل متلازمة القولون العصبي أو حتى انقطاع الطمث، لذلك غالباً ما يتم تشخيصه بصورة خاطئة. تشخص إصابة ما يقارب سبعة آلاف امرأة سنوياً بهذا المرض، وإذا ما اكتشف مبكراً، فإن 70 في المئة منهن سيبقين على قيد الحياة مقارنة بـ15 في المئة فقط عندما يتقدم المرض. وهو أكثر شيوعاً عند النساء بعد انقطاع الطمث.

الأعراض التي يجب البحث عنها: ألم في البطن، انتفاخ مستمر أو تورم في البطن، الشعور بالشبع بسرعة بعد الأكل، فقدان الشهية، الشعور بالتعب طوال الوقت، الإعياء، الحاجة الملحة إلى لتبول أو التبول بصورة متكررة، نزف مهبلي بعد انقطاع الطمث، فقدان الوزن عن غير عمد وألم في الظهر.

سرطان الرئة

على رغم أنه السرطان المسبب للوفاة الأكثر شيوعاً في المملكة المتحدة، فإنه عندما يتم اكتشاف سرطان الرئة مبكراً، فإن ستة من كل 10 أشخاص سيعيشون لمدة خمس سنوات أو أكثر. ويرتبط هذا النوع من السرطان ارتباطاً بصورة وثيقة بنمط الحياة مثل التدخين، ويمكن الوقاية من 79 في المئة من الحالات.

العلامات التي يجب البحث عنها: سعال جديد أو السعال المتكرر في معظم الأوقات، ضيق التنفس المستمر أو المتفاقم، السعال البلغم المترافق مع الدم، ألم في الصدر أو الكتف، التهابات الصدر المتكررة، أو تلك التي لا تتحسن، فقدان الشهية، الشعور بالتعب طوال الوقت، التعرق الليلي أو الحمى، فقدان الوزن.

سرطان الدماغ

يتم تشخيص إصابة نحو 5800 شخص بورم دماغي خبيث في المملكة المتحدة كل عام. يقول الدكتور تشاو “يمكن أن تكون أورام الدماغ خبيثة للغاية، وقد يتم تشخيصها بالصدفة، ولكن في مرحلة ما ستظهر الأعراض على الناس”. وفقاً لمركز “أبحاث السرطان في المملكة المتحدة”، فإن الأعراض المبكرة لورم المخ غالباً ما تكون ناتجة من حالات أخرى، ولكن من المهم رؤية الأطباء إذا كان لديك أي منها.

الأعراض التي يجب البحث عنها: الصداع، النوبات، ضعف الأطراف، أعراض تشبه السكتة الدماغية، التقيؤ أو الشعور بالرغبة في التقيؤ، الخمول أو فقدان الوعي، الرؤية المزدوجة أو غير الواضحة أو النفقية [الضيقة] أو رؤية صور عائمة، إضافة إلى تغيرات في الشخصية أو السلوك. ويعتمد العارض الأخير على مكان وجود الورم في الدماغ، وقد يشمل فقدان حاسة الشم أو سماع الأصوات في رأسك أو مواجهة مشكلات في القراءة والكتابة.

سرطان المثانة

تقول الدكتورة فان هيملريجك “يعد سرطان المثانة عاشر أكثر أنواع السرطان شيوعاً في العالم، ومع ذلك فإن الوعي حوله منخفض جداً. عادة ما تكون أعراضه غامضة، لذلك لا يتم الإبلاغ دائماً عن العلامات المبكرة لأن الأشخاص لا يعرفون ما الذي يبحثون عنه”. في المملكة المتحدة، يتم تشخيص إصابة واحدة من كل 130 أنثى وواحد من كل 55 رجلاً بسرطان المثانة، ويرتبط ما يصل إلى نصف الحالات بالتدخين. تقول الدكتورة فان هيملريجك “إن عديداً من أعراض سرطان المثانة، مثل زيادة التبول، غالباً ما يتم الخلط بينها وبين مجرد التقدم في السن”.

الأعراض التي يجب البحث عنها: دم في البول، التهابات المسالك البولية المتكررة، الألم عند الحاجة إلى التبول، كثرة التبول، سلس البول، ألم في الظهر، أسفل البطن أو العظام، الشعور بالتعب أو الإعياء، فقدان الوزن من دون سبب.

فحص الدم الذي يمكنه الكشف عن السرطان

لا تزال هذه الطريقة التشخيصية الثورية الجديدة في مراحلها الأولى، ولكن يمكنها أن تكشف يوماً ما عن وجود السرطان قبل ظهور أي أعراض من طريق فحص الدم. يعرف هذا الاختبار، الذي لا يزال حالياً في مرحلة التجارب، باسم الخزعة السائلة، وهو اختبار دم يحلل الحمض النووي للورم أو البروتينات أو العلامات الأخرى التي تطلقها الأورام في مجرى الدم. في حين أن الخزعات السائلة من المحتمل أن توفر طريقة غير جراحية لاكتشاف السرطان، إلا أن درجة موثوقيتها ودقتها يمكن أن تختلف. وإضافة إلى ذلك، نظراً إلى أن بعض أنواع السرطان لا تظهر عليها أعراض أبداً أو تنمو ببطء شديد، فقد تضع [الخزعات السائلة] ضغطاً غير ضروري على المرضى أو تؤدي إلى علاج شيء ربما لم يكن ليسبب مشكلة على الإطلاق.

يقول الدكتور بورغ، الذي يعمل على التجارب السريرية للاختبار، “نحن في حاجة إلى الموازنة بين فوائد الكشف المبكر والجوانب السلبية المحتملة للتسبب في قلق غير ضروري”. ومع ذلك، فهو تحسن واعد في مجال ما يسمى “الطب الدقيق” الجديد، وبمجرد إثبات أنه ينقذ الأرواح بالفعل، يمكن أن يغير كيفية تشخيص السرطان.

أعراض السرطان التي يجب إبلاغ الطبيب بها

نصف البالغين الذين يعانون أعراض مرض السرطان ينتظرون ستة أشهر أو أكثر قبل الاتصال بالطبيب، لكن إبلاغ الطبيب عن أي من الأعراض المذكورة أدناه أمر ضروري – غالباً ألا تكون سرطاناً، ولكن إذا كانت كذلك، فإن الاكتشاف المبكر يمكن أن يحدث فرقاً كبيراً في البقاء على قيد الحياة.

– أي كتلة غير مبررة في أي مكان بخاصة إذا كانت تتزايد في الحجم (راقب الخصيتين والثدي والبطن وتحت الإبط والرقبة والفخذ).

– فقدان الوزن غير المبرر.

– تغيرات في عادات الأمعاء، بما في ذلك الإسهال، أو الإمساك، أو البراز الرخو، أو الشاحب، أو الدهني دون سبب، أو الشعور بعدم إفراغ الأمعاء بالكامل.

– ألم في المعدة أو فتحة الشرج.

– نزف من المؤخرة، أو عند السعال أو التقيؤ.

– الانتفاخ المتكرر الذي يستمر لمدة ثلاثة أسابيع أو أكثر.

– دم في البراز أو البول.

– الشامة إذا تغيرت أو بدأت التسبب في الحكة أو التقشر أو النزف.

– قرحة مستمرة في الفم.

– التعب المستمر.

– آلام في البطن أو الظهر إذا لم تكن متأكداً من سببها. وهذا يشمل الألم الخفيف والدائم أو الألم الحاد الذي يأتي ويذهب.

– عسر الهضم، حرقة المعدة، أو الارتجاع الحمضي أكثر من المعتاد.

– حكة أو اصفرار في الجلد (قد يكون بياض العين مصفراً أيضاً).

– فقر الدم غير المبرر.

– نزف مهبلي بعد انقطاع الطمث أو بين الدورات الشهرية.

– تعرق ليلي أو حمى (ليس لها علاقة بانقطاع الطمث).

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى