لماذا يصمت العالم؟
كتب أسامة يماني في صحيفة عكاظ.
سؤال يدور في ذهن الكثير لماذا يصمت العالم؟ ولماذا ردود الفعل العالمية تجاه السياسات والإجراءات الصهيونية والقتل الممنهج والفصل العنصري والإبادة الجماعية مجرد انتقادات وإدانات تأتي من جهات متعددة، بما في ذلك منظمات حقوق الإنسان والأمم المتحدة وبعض الدول. في حين تحرك واشنطن أساطيلها وقواتها بهدف حماية الكيان المحتل مدعومة من الغرب الجماعي. غير آبهة بالضحايا والدمار والجرائم التي ترتكبها إسرائيل. ولا شك أن العلاقات الدولية والسياسية تلعب دورًا كبيرًا في تفسير ردود الفعل العالمية. حيث تمتلك إسرائيل تحالفات قوية مع العديد من الدول، بما في ذلك الولايات المتحدة والدول الأوروبية، التي تدعمها في العديد من المحافل الدولية. ثم إن المصالح الاقتصادية التي تربط الكيان الصهيوني بشبكة من المصالح مع كثير من الدول، قد تؤثر في درجة انتقادها للسياسات الإسرائيلية.
ولا ننسى التغطية الإعلامية غير المحايدة وتأثيرها في تصورات الرأي العام وتلعب دورًا كبيرًا في تشكيل تصورات الرأي العام العالمي تجاه القضايا الدولية. في بعض الأحيان، قد لا تحظَ قضايا معينة بالتغطية التي تبرز حجم المشكلة أو تعقيداتها. فضلاً عن المسائل الأمنية والإستراتيجية التي تربط الكيان ببعض الدول بوصفها شريكًا في قضايا الأمن ومكافحة الإرهاب، مما يمكن أن يؤثر على ردود فعلها تجاه السياسات الإسرائيلية. فضلاً عن التوازنات السياسية الداخلية في بعض الدول، التي تمارس فيها ضغوطًا سياسية داخلية أو مجموعات مصالح تؤثر على موقف البلاد من قضايا الشرق الأوسط.
لهذا كله تسعى المملكة العربية السعودية بواسطة حراك سياسي كبير إلى إيجاد تحالفات قوية مع العديد من الدول العربية والإسلامية، وعبر العلاقات الدولية والسياسية وبسعي حثيث حرصت المملكة على طرح حلول ناجعة لدعم ومعالجة القضية الفلسطينية ودعت السعودية إلى عقد القمة العربية والإسلامية غير العادية بهدف تأكيد الموقف العربي والإسلامي الموحد والثابت تجاه إدانة الممارسات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية وفي الجمهورية اللبنانية، وتوطيد الشراكات الدولية بإطلاق آلية التنسيق المشتركة بين جامعة الدول العربية، ومنظمة التعاون الإسلامي، والاتحاد الأفريقي. ومطالبة المجتمع الدَّوْليّ بالتحرك بفاعلية لإلزام إسرائيل باحترام القانون الدَّوْليّ، واستنكار ازدواجية المعايير في تطبيق القانون الدَّوْليّ والقانون الدَّوْليّ الإنساني وميثاق الأمم المتحدة، والتحذير من أن هذه الازدواجية تقوض بشكل خطير صدقية الدول التي تحصن إسرائيل وتضعها فوق المساءلة، وصدقية العمل متعدد الأطراف، وتُعري انتقائية تطبيق منظومة القيم الإنسانية.
من الملاحظ أن القمة العربية الإسلامية غير العادية جاءت قراراتها على صعيد العلاقات الدولية والسياسية قوية وشاملة. ولم تغفل القمة الجانب الاقتصادي الذي يعد أهم سلاح ضغط سبق للسعودية أن مارسته في حرب أكتوبر 1973م حيث استخدمت سلاح النفط. فقد جاء في القرار الختامي للمؤتمر «مقاطعة منتجات المستوطنات الإسرائيلية في الأرض الفلسطينية المحتلة، والشركات العاملة فيها والواردة في قاعدة البيانات التي أصدرها مجلس حقوق الإنسان في 30/ 6/ 2023م، وتشكيل قوائم عار تضم أسماء تلك الشركات باعتبارها تغذي الاحتلال وتسعى إلى ديمومته. دعوة جميع دول العالم ومن بينها الدول الأعضاء لمنع المستعمرين المتواجدين على الأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، من الدخول إليها لأي غرض كان، ووضع آليات وتدابير خاصة لفحص الأوراق الثبوتية للتحقق من أماكن إقامتهم بالتعاون مع دولة فلسطين، باعتبارهم يشاركون في الأعمال العدائية الإرهابية ضد أبناء الشعب الفلسطيني وممتلكاته وأراضيه.
القضية الفلسطينية في حاجة ماسة لمثل هذه الإجراءات الاقتصادية وتوسيعها وتطويرها وتفعيلها وتطبيقها من كافة الدول العربية والإسلامية لتشمل الكيان الصهيوني والشركات العالمية الداعمة له أو التي تستثمر في الكيان المحتل والبدء بوضع آليات لهذه المقاطعة الاقتصادية باعتبار الكيان الصهيوني يمارس جريمة الإبادة الجماعية، والفصل العنصري والاحتلال الاستيطاني.