رأي

لبنان يعتبر الـ”يونيفيل في الجيبة” و”حزب الله” يعتبرها “رهينة”!

كتب سركيس نعوم في “النهار”:

في الواحد والثلاثين من شهر آب الجاري تنتهي مهمة قوات حفظ السلام الدولية المنتشرة في جنوب #لبنان. من الطبيعي أن يجتمع مجلس الأمن قبل هذا التاريخ للبحث في التجديد مرة أخرى لها، وأن يناقش أعضاؤه مرةً أخرى أيضاً ماذا حقّقت من المهمات التي حدّدها لها المجلس المذكور قبل حرب تموز 2006 وبعدها، ولا سيما في ما يتعلّق بقراره الرقم 1701 الذي نصّ على مساعدة القوة الدولية الجيش اللبناني لتوفير الأمن في المنطقة الواقعة جنوب نهر الليطاني بعد إخلائها من الوجود البشري المسلّح ومن السلاح في الوقت نفسه، والتأكيد على أن السلاح الوحيد المسموح به في هذه المنطقة هو سلاح الجيش اللبناني. لكن مجلس الأمن يعرف تمام المعرفة واستناداً الى تجارب الماضي قبل تموز 2006 وبعده أن قوة حفظ السلام الدولية في جنوب لبنان أخفقت في تنفيذ مهماتها بعدما نجح “#حزب الله” في تقليصها بوسائل عدّة أبرزها تحركات “شعبه” على الأرض في تلك المنطقة كلما لاحظ قادته بدأ محاولة جديدة لتنفيذ الحد الأدنى من مهماتها المنصوص عليها في القرار 1701. من شأن استمرار هذا الواقع استمرار تدهور الوضع على طول الحدود اللبنانية – الإسرائيلية، وتوفير ظروف إندلاع حرب جديدة بين “الحزب” وتالياً لبنان وإسرائيل. طبعاً يعرف المعنيون كلهم بالوضع المشروح أعلاه ولا سيما أعضاء مجلس الأمن تفاصيله والتحديات اليومية التي تواجهها قوة حفظ السلام الدولية المعروفة اختصاراً بالـ”يونيفيل”. وقد ظهرت بوضوح في تقارير سنوية ثلاثة أخيرة تناولت تنفيذ القرار 1701 والصعوبات التي أعاقته ولا تزال. الأحدث بينها صدر في الحادي عشر من آذار عام 2022 وغطّى الفترة الواقعة بين 26 تشرين الأول 2021 و18 شباط 2022. وقد شرح المحيط الأهلي غير المضياف وغير المرحّب بالـ”يونيفيل” وأسباب إخفاقها في تنفيذ مهمتها. باختصار اقتصرت التقارير الأخيرة للقوة الدولية مشكلاتها والعقبات التي حالت دون تنفيذها مهمتها وآخرها وأبرزها تنفيذ القرار 1701 بالآتي:

– استمرار عجز الـ”يونيفيل” عن دخول مناطق عملياتها الرسمية المحدّدة قبل 16 سنة في قرار مجلس الأمن 1701.

– استمرار عجز الـ”يونيفيل” عن الحصول على أدلة واضحة وثابتة على نقل أسلحة لـ”حزب الله” في منطقة عملياتها.

– لا تزال دولة لبنان على موقفها عدم تنفيذ إلتزاماتها تجاه الـ”يونيفيل” رغم التزامها مرات عدة القيام بذلك.

– يساهم الجيش اللبناني في “تحديد” حرية حركة الـ”يونيفيل” وعملها.

لعل أبرز رمز لهذا المأزق أو دليل هو الهجوم الذي استهدف “دورية” دولية في 4 آب 2018 أي قبل أيام من بدء قائدها الإيطالي الجنرال دلكول عمله رسمياً. ولا يزال خلفه الإسباني وبعد 4 سنوات ينتظر عبثاً القبض على منفّذي الهجوم ومحاكمتهم.

ماذا يجب أن يُفعل؟ يجيب الباحث الحالي والمساعد السابق لوزير الخارجية الأميركية للشرق الأوسط ديفيد شينكر في تقرير تحليلي شارك فيه جنرال إسرائيلي أن إنشغال العالم بحرب أوكرانيا وأميركا بملامح الكود القادم، ولبنان بإنهياره الاقتصادي، لا يشجّع إدارة بايدن على الضغط لإدخال مجلس الأمن التغييرات اللازمة على مهمات الـ”يونيفيل” في جنوب لبنان وطريقة عملها. لكنه يقول أن في استطاعة واشنطن ومعها أعضاء مجلس الأمن ولا سيما أصحاب العضوية الدائمة فيه أن يقوموا بالآتي:

1 – تحميل حكومة لبنان وجيشه مسؤولية عرقلة تنفيذ مهمة الـ”يونيفيل” في الجنوب. إذ ليس كافياً أن يعتذر جمهوريته عن الهجمات التي تصيبها. وإذا كان تصرفها الفعلي يهدف الى إعاقة عمل القوة الدولية بحرية في منطقة عملياتها فإن على مجلس الأمن أن يناقش ذلك في جلسة رسمية ويحاسبها عليه.

2 – يناقش مجلس الأمن مرة واحدة في السنة التقارير التي ترد إليه أو الى الأمانة العامة للأمم المتحدة عن عمل الـ”يونيفيل” ومقوّماته. وهذا غير كاف. إذ لا بد أن يُتناول هذا الموضوع أكثر من مرة في السنة بل في كل مرة تتعرّض القوة الدولية الى تحدٍّ واعتداء جديدين.

3 – تقليص حجم القوة الدولية في جنوب لبنان إذا استمر عجزها عن منع “حزب الله” من إطلاق صواريخ على إسرائيل ومن إخراج المسلحين وأسلحتهم من منطقة عملياتها. ذلك أن عددها الكبير يعرّضها أكثر لاعتداءات “حزب الله”، وقد يجعلها دروعاً بشرية في حال نشوب حرب بين “الحزب” وإسرائيل.

يُنهي شينكر وشريكه الجنرال الإسرائيلي الكلام في التقرير التحليلي بالقول: منذ شُكِّلت الـ”يونيفيل” الموقّتة وأُرسلت الى لبنان قبل 45 سنة تعتبرها الحكومة اللبنانية “في الجيبة” كما يُقال، ويعتبرها “حزب الله” “رهينة”، ويستمر التصعيد على الحدود اللبنانية الإسرائيلية بين حين وآخر. رغم ذلك يُقاوم مجلس الأمن تغيير مهمة القوة الدولية بل تطويرها بداعي القلق من زعزعة “استقرار” هشّ وضعيف (ستاتيكو). بذلك تستمر الـ”يونيفيل” بعجز متفاقم يجعلها غير قادرة ليس فقط على تنفيذ القرارات الدولية بل أيضاً على منع نشوب حرب. هذا الواقع يجب أن يدفع واشنطن الى إدخال إصلاحات على مهمة القوة الدولية تعطيلاً للسيناريو الأكثر سوءاً.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى