رأي

لا تغيير في الأزمة والمعارك السياسية إلى تصاعد

كتب عباس صباغ في “النهار”: منذ اليوم الأول لانتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية لم يخفِ الرئيس نبيه برّي امتعاضه الشديد من خيار حليفه “حزب الله” بالتخلي عن النائب السابق سليمان فرنجية لمصلحة عون، وإن كان عمل على عدم تعطيل نصاب جلسة الانتخاب، إلا أن “زكزكاته” بدت واضحة من خلال استعادة تجربة الأوراق التي شهدتها جلسة انتخاب الرئيس الراحل سليمان فرنجية عام 1970 وتعمّد رئيس البرلمان الراحل صبري حمادة إعادة الانتخاب بسبب عدم تطابق عدد الأوراق مع عدد النواب وصولاً الى اعتراضه على احتساب النصف زائداً واحداً على اعتبار أن فرنجية كان يجب أن يحصل على 51 صوتاً لا على 50 لإعلانه رئيساً للجمهورية.
وبرّي، المشهود له بحنكته، استعاد تلك التجربة مع وجوه نيابية لا تمتّ بصلة الى تلك الوجوه التي عرفها لبنان في السبعينيات وعدم صحّة المقارنة بينها، وواصل برّي انتقامه من عون من خلال عدم إعلانه إيّاه رئيساً كما جرت العادة وعدم مدّ السجادة الحمراء على درج المجلس، وكذلك عدم مرافقته الى سيّارة الرئاسة على خلاف ما فعل مع كل الرؤساء الذين عاصر انتخابهم، وآخرهم كان العماد ميشال سليمان عام 2008.
وخلال السنوات الخمس المنصرمة من عمر العهد حاول “حزب الله” إصلاح ذات البين بين حليفيه، ولكن الأمور انفجرت بشكل فاضح عام 2018 بعد الإشكال الكبير بين رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل وبري وانتقال المواجهة الى الشارع.
وليس خافياً أن برّي واصل “جهاده” ضدّ العهد، وكان التصويت في المجلس الدستوري آخر محطات المواجهة بين بعبدا وعين التينة.
أما خطاب عون الاخير فإنه بحسب أوساط “حزب الله” كان ضمن المتوقع، وأن الرئيس غاضب من تعطيل الحكومة وموقف الحزب وبرّي لم ولن يتغيّر، وتضيف “لو زلزلت الأرض زلزالها، لا حكومة مع استمرار القاضي طارق البيطار في موقعه”.
عند هذا الحد أقفل الحزب باب الجدال بشأن الحكومة، وكان لافتاً أن الرئيس نجيب ميقاتي لن يدعو لجلسة حكومية ولن يغامر في مصير حكومته ما لم يتوفّر حلّ لقضيّة البيطار، وترى تلك الأوساط أن ميقاتي لا يضيره شيء ما دام يسيّر أمور الحكومة بالحدّ المطلوب من خلال اجتماعات اللجان الوزارية وما شاكل.
بالنسبة لعلاقة حارة حريك بميرنا الشالوحي تجزم تلك الأوساط بأن التحالف مع التيّار البرتقالي باقٍ وأن الانتخابات هي المحك، وأن الحزب لن يتخلى عن تحالفه مع باسيل ما دام الأخير راغباً في ذلك.
إلا أن الامور ليست على ما يرام، ولا سيما أن الضغوط العربية تزداد على لبنان والسعودية ماضية في مواجهة “هيمنة حزب الله” على الحكومة اللبنانية، وقد تلجأ الى خيارات غير مسبوقة ضدّ الحزب والحكومة، علماً بأن ميقاتي لم يستطع أن يحصل على وعد من وليّ العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان لاستقباله في الرياض على الرغم من ثنائه المتكرّر على مواقف الرياض وإبدائه خلال الاتصال الثلاثي حرصه على عدم مسّ أيّ فريق بالعلاقات مع المملكة السعودية.
كل ذلك سيبقى على حاله، والسجال الداخلي الى تصاعد مع دخول البلاد مرحلة الانتخابات وحاجة كل طرف لاستعمال كل الأدوات وحتى الأسلحة لزيادة أو للحفاظ على عدد نوابه في مجلس 2022 إذا جرت الانتخابات في أيار المقبل.
في المحصّلة، لا حكومة في ظلّ استمرار البيطار، ولا طلاق بين “حزب الله” و”التيار الوطني”، وكل الأنظار الى كلام باسيل الاثنين المقبل ومن ثم كلام السيد حسن نصر الله الثلثاء المقبل، وإن كانت مواقف السيد نصر الله ستكون مرنة ولن يدخل في سجال مع عون، وهو أصلاً من دعاة الحوار بين الجدران وليس في الإعلام. أما بالنسبة للاستراتيجية الدفاعية فإن الحزب على استعداد لمناقشتها وإن كان على يقين بأن الحوار لن يغيّر قيد أنملة في المعادلات الحالية.
وختاماً، كل الاحتمالات في البلاد واردة، والرهان على أيّار وما سيحمله من متغيّرات.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى