كيف يُسهم فيتامين «ب 12» في إعادة تجديد الأنسجة؟
وجدت دراسة إسبانية أنّ فيتامين «ب 12» يلعب دوراً محورياً في إعادة برمجة الخلايا وتجديد الأنسجة. وأوضحت الدراسة التي نُشرت نتائجها، الخميس، في دورية «Nature Metabolism» أنّ «هذا الفيتامين هو أحد المغذيات الدقيقة المعروفة منذ فترة طويلة بدورها الأساسي في الحفاظ على وظيفة الأعصاب، ودعم إنتاج خلايا الدم الحمراء، وجميع العمليات الحيوية للصحة العامة». وبالإضافة إلى توافره بصورة مكملات غذائية، يوجد فيتامين «ب 12» بشكل طبيعي في المنتجات الحيوانية، مثل اللحوم والأسماك والدواجن والبيض ومنتجات الألبان.
خلال الدراسة، ركز الباحثون على عملية تجريبية تُعرف باسم «إعادة البرمجة الخليوية»، ويُعتقد أنها تحاكي المراحل الأولى لإصلاح الأنسجة. ووجدوا أنّ إعادة البرمجة الخليوية في الفئران تستهلك كميات كبيرة من فيتامين «ب 12». وبالنظر إلى وفرة هذا الفيتامين في النظام الغذائي الطبيعي للفئران، فوجئ الباحثون بملاحظة أنّ المكملات البسيطة منه عزّزت بشكل كبير كفاءة إعادة برمجة الخلايا، وأثبتوا صحة النتائج التي توصّلوا إليها في نماذج الفئران المصابة بالتهاب القولون التقرحي؛ ما يدل على أنّ الخلايا المعوية التي تبدأ في الإصلاح تخضع لعملية مشابهة لإعادة البرمجة الخليوية، وتستفيد أيضاً من مكملات هذا الفيتامين.
في هذا السياق، تقول الباحثة الرئيسية في الدراسة بمعهد البحوث في الطب الحيوي ببرشلونة الدكتورة مارتا كوفاتشيفا لـ«الشرق الأوسط»: «من المثير للاهتمام أن عديداً من الأنسجة الظهارية، مثل الأغشية التي تغطي الأسطح الداخلية للجسم، منها الفم والمعدة والأمعاء، تخضع لنوع من (إعادة البرمجة) الطبيعية أو اللدونة الخليوية عندما تتعرّض للإصابة أو التلف، وذلك من أجل إصلاح الأنسجة». وتضيف: «وجدنا أنّ مكملات فيتامين (ب 12) يمكن أن تعزّز تجديد الأنسجة واستعادتها في نموذج فأر مصاب بالتهاب القولون التقرحي الحاد».
عن أهمية نتائج الدراسة، توضح: «نعمل على تطوير معرفتنا بإعادة برمجة الخلايا، وهي عملية مهمّة وضرورية في إصلاح الإصابات، وأيضاً في النمو، والسرطان؛ وقد تكون لعملنا آثار مهمّة في مجالات متنوعة من البحوث».
وتشير إلى أنّ النتائج تفتح المجال أيضاً لفحص مستويات فيتامين «ب 12» لدى مرضى التهاب الأمعاء والقولون العصبي، وتوفر دليلاً على أساليب جديدة وغير جراحية وغير سامّة لإدارة المرض، مؤكدة أنّ «الفريق البحثي يتطلّع إلى إجراء دراسات أخرى تشمل نماذج إضافية من مرونة الخلايا في إصلاح الأنسجة، مثل البنكرياس والرئة والكبد، لفهم إذا كان ما ذكرناه هنا خاصاً بالقولون، أم أنه ظاهرة تحدث بشكل عام في الجسم، بالإضافة إلى التحقّق مما إذا كانت مستويات فيتامين (ب 12) في الدم ترتبط بنشاط المرض، والاستجابة للعلاج، وشفاء الأنسجة، وهذا سيمثّل خطوة أولى مهمّة لفهم إمكان دمج هذا الفيتامين باستراتيجيات إدارة المرض».