كيف تُدار الدولة اللبنانية خلال أسوأ أزمة تعيشها البلاد؟
ناصر زيدان- الانباء الكويتية
في أخطر أزمة تعيشها الجمهورية اللبنانية منذ تأسيسها قبل مائة سنة، لا يوجد الحد الأدنى من الإدارة السياسية الرشيدة للدولة، وتقرير مجلس المديرين الصادر عن البنك الدولي في مطلع يونيو الماضي، قال إن المسؤولين اللبنانيين لم يقدموا على أي خطوة جدية باتجاه الإنقاذ، رغم مرور ما يقارب 3 سنوات على بداية الأزمة.
ورغم صدور قانون حق الوصول إلى المعلومات في العام 2017، مازال التعتيم يسيطر على طريقة إدارة غالبية مؤسسات الدولة، خصوصا الدستورية منها، ولا يستطيع المواطنون الوصول إلى الحقائق، الا من خلال بعض ما ينشر في الجريدة الرسمية، وهو غير كاف لمعرفة ما يجري في كواليس المقرات الرئاسية، ولا في الوزارات الحساسة، حيث لا يتوافر الحد الأدنى من الشفافية، والإجابة عن التساؤلات النيابية أو الشعبية، هي تشبه وجهة النظر، أكثر مما تعبر عن الوقائع الدامغة.
النائب عن القوات اللبنانية في قضاء البترون غياث يزبك، سلط الضوء على جانب مهم من الفوضى القائمة بمناسبة تعليقه على رد وزير الطاقة وليد فياض على السؤال الذي وجهه إليه عن فشل سد «المسيلحة» في تجميع مياه الأمطار الشتوية، رغم صرف ملايين الدولارات على إنشائه، وقال يزبك: إن رد وزير الطاقة جاء سطحيا وباستخفاف ولم يكن فيه أي معلومات جدية، وسأحول سؤالي إلى طلب تشكيل لجنة تحقيق برلمانية للإضاءة على مكامن الهدر في وزارة الطاقة وفي فشلها بإدارة قطاعي المياه والكهرباء.
يقول مصدر واسع الاطلاع: لا يوجد أي مبالغة في القول بأن الدولة تفتقد الحد الأدنى من الإدارة السياسية، وقد تحولت دوائر القصر الرئاسي منذ بداية العهد إلى مكان لتعطيل الانتظام العام، وجوارير لحفظ وتجميد القرارات الضرورية التي تتعلق بتسيير شؤون الدولة، ومنها التشكيلات القضائية ونتائج عدة مباريات وظيفية أجراها مجلس الخدمة المدنية، ولم تصدر مراسيم تعيين الناجحين في هذه المباراة بحجج واهية، أو لأن بعض المحسوبين على تيار العهد لم يحالفهم الحظ فيها، ومثال على ذلك المراقبون الجويون في مطار بيروت، ومأمورو الأحراش، رغم الحاجة الماسة لهم، فالأحراش تحترق، ومطار رفيق الحريري الدولي مهدد بالإقفال جراء النقص في طاقم المراقبين الجويين.
والأشد إيلاما في سياق الاختلال بالإدارة السياسية للدولة، هو المزاجية التي يتم التعاطي فيها مع الملفات الوطنية المصيرية، بينما البلاد تختنق، والمواطنون يعيشون في حالة من الفقر والعوز. وعلى سبيل المثال، يتم التعامل باستهتار في موضوع ارتفاع سعر الدولار الأميركي ومع إضراب الموظفين العموميين، وفي ملف تهريب السلع الغذائية والنفطية إلى سورية، بينما تعقد جلسات في بعبدا فيها بعض الترف تتعلق بمتابعة التحقيق المالي الجنائي الذي أقر بقانون، ويجب أن يسير بموجب هذا القانون، ولا يجوز أن يتدخل المعنيون فيه بالتحقيقات الجارية، لأن لديهم أجندة خاصة تستهدف حاكم مصرف لبنان على وجه التحديد.
وما يواجهه ملف تشكيل الحكومة الجديدة لا يقل شأنا في سياق الاستهتار، وبسبب بعض الملاحظات الشخصية الطفيفة، تعلق أعمال الدولة السيادية والبلاد تنهار، ولا يوجد أي شفافية او وضوح في أجوبة المحيطين برئيس الجمهورية حول هذا الملف.
ولا تسمح هذه السطور بالدخول في عرض القضايا المشابهة التي تم تعطيلها من دون أي مبرر وطني، ومنها تأخير استخراج الثروات النفطية من باطن المياه اللبنانية رغم صدور قانون التنقيب منذ العام 2010، وبصرف النظر عن الخلاف مع العدو الإسرائيلي حول البلوك 9، فهناك 8 بلوكات أخرى كان يمكن أن يتم الاستثمار فيها منذ زمن بعيد. وللعلم، فإن وزارة الطاقة التي يتولى إدارتها فريق الرئيس منذ 12 عاما، هي المسؤولة عن هذا الملف.