كفالة غير المتزوجات للأيتام.
كتبت بشرى فيصل السباعي في صحيفة عكاظ.
حسب إحصائيات الهيئة العامة للإحصاء بالسعودية؛ نسبة العنوسة بين السعوديات هي: 10.07%، وعدد السعوديات المصنفات عوانس «لم يسبق لهن الزواج»: «227.860». وهذا غير عدد المطلقات بسبب العقم والمطلقات عموماً والأرامل اللاتي تجاوزن سن الزواج وليس لديهن أولاد، وهذا يعني أن هذه النسبة الكبيرة من النساء يعانين الحرمان المؤلم من أهم الاحتياجات النفسية والاجتماعية للنساء وهي أن يحظين بالأمومة ويكون لهن ولد وسند، وهذا يؤدي لإصابتهن بالأمراض النفسية والاجتماعية التي تخفض جودة حياتهن بشكل جذري، وتبعاً لذلك كامل دائرتهن العائلية لدرجة كثيراً ما تدفعهن للاكتئاب والانزواء وتجعلهن غير فاعلات ويفقد المجتمع إنتاجيتهن ومشاركتهن الإيجابية، وكفالة الأيتام من فئة النساء غير المتزوجات كان يمكنه أن يكون الحل الشافي لإشباع هذه الحاجة الفطرية الماسة للنساء غير المتزوجات لكن للأسف أنه من ضمن اشتراطات التقديم على برنامج الأسر الكافلة: «يجب أن تكون الأسرة الكافلة مكونة من زوجين»، ويجب ألا يزيد سن مقدم الطلب على 50 سنة. وهذان الشرطان يستثنيان أكبر شريحتين تحتاجان لكفالة الأيتام، وهي شريحة النساء اللاتي لا فرصة لديهن للإنجاب لعدم الزواج، أو بسبب السن، بينما خبرات الواقع أثبتت أن بعض أنجح الأعلام بالتاريخ وبالمجتمع بلغوا أعلى المراتب وكانوا نتاج تربية الأم لوحدها بسبب ظرف طلاقها أو موت الأب أو ربتهم الجدة أو ربتهم العمة أو الخالة بعد زواج الوالدين، وحتى في قضايا الحضانة كثيراً ما يحكم بالحضانة لامرأة ستربي الأبناء لوحدها، لأن القاضي ارتأى أنها الخيار الأفضل للأبناء، ومع ارتفاع نسبة العنوسة والطلاق في المجتمع ووجود حاجة نفسية لدى النساء للأبناء، وطول معدل الأعمار مع تمتع المسنين بصحة مرتفعة بسبب ارتفاع مستوى المعيشة والخدمات الطبية وعمل النساء وقدرتهن المادية على الإنفاق يبدو مناسباً بل وضرورياً إعادة النظر في هذين الشرطين وإن بقيت الأفضلية لكفالة الأزواج للأيتام، لكن أن يحظى اليتيم بخبرة حنان الأم فقط في حالة كفالة المرأة غير المتزوجة له أفضل من أن يعيش محروماً منه بالكامل، كما أنه بالتأكيد سيحظى برعاية أبوية بديلة بدرجة ما من الأقارب الذكور للأم الكافلة مثل الجد والأخوال، وسيعرف بذلك شعور الانتماء لعائلة وأقارب وهو بالتأكيد أفضل من الحرمان الكامل من الأجواء العائلية، وهذا الشعور العائلي الذي يمثل أهم حاجة فطرية للإنسان وعدم إشباعها يؤثر على كامل بنيته العقلية والنفسية والاجتماعية وصفاته وشخصيته وسلوكياته وسيساعد في إدماجه بالمجتمع ومنحه خبرة بالحياة العائلية ستفيده عند الزواج وتكوين عائلة في المستقبل، كما أن الأم الكافلة ستحظى بابن يؤنس وحدتها ويزيل وحشتها ويسندها ويرعاها في شيخوختها، وبسبب شدة حاجة النساء غير المتزوجات المادية والمعنوية والنفسية والعاطفية لأنس وسند ستكون نسبة إقبالهن على كفالة الأيتام أكبر من نسبة إقبال الأزواج على كفالة الأيتام لأن الأزواج غالباً يفضلون اللجوء إلى معالجات العقم للحصول على أبناء من صلبهم ولا يلجؤون إلى كفالة الأيتام إلا نادراً وبعد فترة طويلة من الزواج وفشل محاولات الإنجاب عبر المعالجات الطبية وانقطاع أملهم بشكل كامل، بل إن كثيراً من الأزواج حتى مع انقطاع أملهم من الإنجاب لا يلجؤون الى كفالة الايتام بسبب الوصمة الاجتماعية التقليدية السلبية عن خلفية الأيتام، وغالباً يفضل الزوج تطليق زوجته بسبب عدم الإنجاب وتعاني بذلك الزوجة من صدمة ومعاناة مضاعفة بسبب طلاقها من جهة ومن جهة أخرى عجزها عن أن تشبع حاجتها الماسة للأمومة، وكان يمكن أن يكون عزاء ومواساة وسنداً للمطلقة بسبب العقم أن تستطيع كفالة الأيتام وتصبح أماً.