رأي

قرار مجلس الأمن بشأن دارفور: تأثير الحظر ووقف النزاع

كتب د. عبدالمنعم همت, في “العرب”:

على الرغم من التصويت بالإجماع لصالح تمديد الحظر فإن هذه الخطوة وحدها لا تكفي لإنهاء النزاع بشكل فعّال لذا يجب على المجتمع الدولي تبني إستراتيجيات شاملة تتجاوز حظر الأسلحة.

مجلس الأمن الدولي مدد حظر دخول الأسلحة إلى إقليم دارفور في جلسته التي عُقدت يوم الأربعاء الماضي، مما قد يسهم في تخفيف وطأة الحرب نسبيًا في الإقليم. إلا أن هذه الخطوة، رغم أهميتها، تظل غير كافية لتحقيق السلام. وكان من الأجدر توسيع نطاق الحظر ليشمل جميع أنحاء السودان، مما كان يمكن أن يضغط بشكل أكبر على الأطراف المتنازعة لوقف النزاع وإحراز تقدم نحو السلام المستدام. توسيع نطاق الحظر قد يساعد في تقليل تدفق الأسلحة، مما يعزز من فرص إنهاء النزاع على مستوى أوسع ويمنع تصعيده في المناطق الأخرى.

القرار قوبل بامتعاض من قبل حكومة بورتسودان، حيث وصف ممثل السودان في مجلس الأمن، الحارث إدريس، القرار بأنه يسبب خللاً في توازن القوى في دارفور. هذه الانتقادات تعكس القلق من أن الحظر قد يؤدي إلى تعزيز قوة طرف على حساب آخر، مما قد يؤدي إلى تأجيج النزاع بدلاً من تهدئته.

يمكن أن تسهم المحاكمات الدولية في تحقيق العدالة، مما يردع الجرائم ويعزز الثقة في عمليات السلام. فالعدالة الدولية تلعب دورًا مهمًا في ردع الجرائم، مما قد يساهم في إنهاء النزاع بشكل أكثر فاعلية واستدامة

كان القرار مؤثرًا بشكل خاص على دعاة الحرب الذين كانوا يتوقعون دعمًا من روسيا والصين ضده، وذلك بعد أن امتنعتا عن التصويت في مارس 2023. هذا الخذلان يعكس التباين في المواقف حول كيفية التعامل مع النزاع في السودان، ويبرز الحاجة إلى توافق دولي أوسع حول الحلول المقترحة.

على الرغم من التصويت بالإجماع لصالح تمديد الحظر، فإن هذه الخطوة وحدها لا تكفي لإنهاء النزاع. لذا، يجب على المجتمع الدولي تبني إستراتيجيات تتجاوز حظر الأسلحة. ومن الضروري تعزيز الجهود الإنسانية بشكل مكثف، عبر تقديم مساعدات طبية وغذائية للمتضررين من النزاع. ويمكن أن تساهم هذه المساعدات في تخفيف المعاناة الإنسانية، ولكن يجب أن تكون مصحوبة بإجراءات صارمة لمراقبة الحدود ومنع تهريب الأسلحة، مما قد يتطلب تعزيز التعاون بين الدول المجاورة والمنظمات الدولية.

كما أن الاهتمام بموازنة القوى بين الأطراف المتنازعة يعد أمرًا حيويًا لتحقيق الاستقرار. يتطلب ذلك تعزيز جهود الوساطة الدولية والمحلية لفتح قنوات التفاوض بين الأطراف المختلفة، وتقديم الدعم الفني واللوجستي لجهود السلام. ويمكن أن تشمل هذه الجهود التوسط في حوارات بين الأطراف المتنازعة، وتقديم المشورة الفنية حول كيفية بناء الثقة بين الفرقاء، وتسهيل الاجتماعات والمفاوضات. فدعم جهود السلام لا يقتصر على تقديم المساعدات، بل يتطلب أيضًا تطوير إستراتيجيات طويلة الأمد لبناء السلام المستدام.

من الضروري أيضًا فرض عقوبات صارمة على حكومة بورتسودان والأفراد والكيانات المتورطة في الجرائم والانتهاكات. ويجب أن تشمل هذه العقوبات تجميد الأصول، وفرض قيود على السفر. كما يتعين على المجتمع الدولي مطالبة حكومة بورتسودان بمحاكمة المتورطين في الجرائم والانتهاكات، ومنح المحكمة الجنائية الدولية صلاحية التحقيق والمحاكمة. وبالإضافة إلى ذلك، يجب الضغط على الدول التي تستضيف كوادر الحركة الإسلامية المتورطة في النزاع لتسليم المطلوبين للمحكمة الجنائية الدولية.

من الضروري فرض عقوبات صارمة على حكومة بورتسودان والأفراد والكيانات المتورطة في الجرائم والانتهاكات. ويجب أن تشمل هذه العقوبات تجميد الأصول، وفرض قيود على السفر

يمكن أن تسهم المحاكمات الدولية في تحقيق العدالة وتعزيز المساءلة، مما يردع الجرائم ويعزز الثقة في عمليات السلام. فالعدالة الدولية تلعب دورًا مهمًا في ردع الجرائم وتعزيز الالتزام بحقوق الإنسان، مما قد يساهم في إنهاء النزاع بشكل أكثر فاعلية واستدامة. وبدلاً من اللجوء إلى حصار شامل قد يؤثر سلبًا على المدنيين، ينبغي التركيز على حلول دبلوماسية وحوارية، مع الضغط على حكومة بورتسودان للامتثال لمبادئ السلام والعدالة.

يجب أيضًا تطوير إستراتيجيات أكثر فاعلية لوقف التهريب، من خلال تحسين آليات الرقابة الدولية وتفعيلها لضمان تنفيذ الحظر بفاعلية. فالشفافية في تقديم المساعدات الإنسانية والأمنية تلعب دورًا أساسيًا في ضمان وصول الدعم إلى مستحقيه. والرقابة الشفافة تعزز الثقة في العمليات الإنسانية وتزيد من فاعليتها، مما يسهم في تعزيز فاعلية الاستجابة الدولية للنزاع.

علاوة على ذلك، يتعين على المجتمع الدولي تشجيع وتعزيز الحوار بين الأطراف المتنازعة عبر منصات دولية وإقليمية. ومن خلال هذه المنصات يمكن تفادي التصعيد العسكري والعمل على إيجاد حلول سياسية شاملة. فتوفير منتديات للحوار يمكن أن يسهم في بناء تفاهمات جديدة ويتيح للأطراف فرصة لمناقشة القضايا العالقة، وإيجاد حلول سلمية للمشكلات المعقدة.

أخيرًا، يجب على الدول المجاورة للسودان أن تلعب دورًا نشطًا في دعم الاستقرار. ويتضمن ذلك تبادل المعلومات الاستخباراتية، وتنسيق الجهود الإنسانية، وتنفيذ مشاريع التنمية المشتركة، ودعم مبادرات السلام الإقليمية. فالتعاون الإقليمي يمكن أن يكون له تأثير كبير في تعزيز الاستقرار ومنع تصعيد النزاع. والتعاون بين الدول المجاورة والمنظمات الدولية يمكن أن يسهم في تحقيق استقرار دائم في المنطقة وتعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى