فيتو أمريكي ولا نهاية لحرب غزة

كتب فارس الحباشنة في صحيفة الدستور.
يبدو أن حرب غزة أُقفلت على أي أفق سياسي يفضي إلى وقف الإبادة والمجزرة الجماعية والتجويع لأهل القطاع المنكوب والمحاصر.
وحيث إن إسرائيل لم تحسم أيًّا من أهداف الحرب، سواء اجتثاث حماس أو استعادة الرهائن دون ثمن سياسي. وما بعد العدوان على الدوحة، يبدو أن نيران الطائرات الإسرائيلية جمدت مسارات التفاوض حول الهدنة ووقف الحرب ولو مؤقتًا. الإقليم على حافة الانفجار. والفيتو الأمريكي لإجهاض المشروع السادس لوقف إطلاق النار في مجلس الأمن، تأكيد سياسي وعملي على أن أمريكا ماضية وراء دعم مشروع حروب إسرائيل الكبرى في الإقليم، وفتح الجبهات على مصراعيها.
انغلاق سياسي، وفي الإقليم لا تتحرك سوى كتل النيران الإسرائيلية، وصناعة ردّ إسرائيل في الشرق الأوسط لا يُقهر ولا يُهزم، ولا يُواجه.
ولم تعد إسرائيل تقصف على جبهة غزة ولبنان، بل أينما تشاء فإن طيرانها يصول ويجول ويقصف، من دمشق إلى الدوحة وطهران.
حسابات إسرائيل الاستراتيجية تحضر لحرب كبرى وحرب إقليمية واسعة، وهجوم كبير على إيران لتقويض نظام الحكم.
في الإقليم، ثمة ضرورة إلى توازنات مستجدة بعد العدوان الإسرائيلي على الدوحة.
المعاهدة المشتركة السعودية/الباكستانية تحمل أهمية استراتيجية، ولا تقل عن الانفتاح السعودي/الإيراني. والتشاور حول ملفات إقليمية ساخنة: اليمن ولبنان والعراق.
الإقليم مفتوح على محاور وتحالفات مستجدة لمواجهة التهديدات والعدوان الإسرائيلي على الإقليم. تركيا في وضع استراتيجي صعب ومحرج، ولا يمكن أن ترد على التهديدات الإسرائيلية في سورية.
وأيضًا مسؤوليتها حماية حلفائها في الإقليم من سورية إلى قطر. الحرب الكبرى قد تُؤجَّل لفترة ما، ولكن أشباحها لا تغادر الإقليم الملتهب. حقيقة يصعب تجاهلها، واستبعادها بمجرد الأماني والخيالات المضروبة. من حرب غزة استخدمت أمريكا الفيتو «حق النقض» في مجلس الأمن سبع مرات لإجهاض قرار دولي لوقف إطلاق النار.
الفيتو الأمريكي يزيد من منسوب الانسداد السياسي في الإقليم، ويناقض دعوات الرئيس الأمريكي إلى وقف إطلاق النار، ورعاية مفاوضات الدوحة والقاهرة، كما أنه يضع العصا في دواليب أي تسوية سياسية وخفض للتصعيد في الشرق الأوسط، ورسالة أمريكية استباقية إزاء تبنّي مجموعة واسعة من دول العالم الاعترافَ بالدولة الفلسطينية وحل الدولتين.
إكساب الفلسطينيين عضوية كاملة في الأمم المتحدة واعتراف دولي سوف يواجه بالتقويض الأمريكي، وردع أمريكي لأي مسار سياسي لحل الدولتين. أمريكا طرف في حرب غزة، ومن الوهم إسقاط أمريكا من حسابات الحرب الإسرائيلية في غزة والإقليم. ولولا أمريكا ما كان في وسع إسرائيل توسيع جبهات الحرب، ولا امتداد العدوان على غزة لعامين. وواشنطن تكفل توفير دعم وغطاء سياسي وعسكري ولوجستي مطلق لإسرائيل.