غزة وقطع النفط !
كتب خالد السليمان في صحيفة عكاظ.
في الأزمات الشديدة، تظهر الحاجة لدور العقلاء لإيجاد الحلول، ويبرز أيضاً الغوغاء الذين تغلبهم العاطفة ويحكمهم الجهل، هذه طبيعة بشرية في المجتمعات لا يمكن تلافيها، لكن يمكن رصدها على سبيل التوعية وزيادة رصيد العقلانية في المجتمعات!
في أزمة غزة الحالية، يعيش إخواننا الفلسطينيون تحت وطأة القتل والتشريد دون رحمة، مما يجعل النفس السوية تحت ضغوط شديدة تجاه معاناة إنسانية بالغة القسوة وأمام عجز عن التصرف يجعل دور المواطنين محصوراً بالدعاء، والسياسيين محصوراً بإطلاق دعوات وقف الاعتداءات والتصعيد والتوقف عن القتل والتشريد والضغط لإيجاد مخارج للأزمة تنهي المعاناة، بينما يلعب الإعلام دور العدسة التي تسلط الضوء على الأحداث، بعضه يمارس دوره بمهنية عالية وبعضه يمارسه من منطلق عواطف منحازة، وهو ما وقعت فيه بعض وسائل إعلام الغرب، التي حاولت تسويق العدوان الإسرائيلي وتبريره وتجاهل جرائم الحرب المرتكبة بحق سكان غزة العزل!
أما العاطفيون، خاصة جمهور دكاكين الشعارات العربية، فقد أطلقوا كالعادة سهام النقد في كل صوب للدول العربية وخاصة الخليجية لعدم نجدتها لسكان غزة، وكأن إرسال الجيوش العربية إلى غزة يمكن أن يتم بجرة قلم، هم ضحايا جهلهم بموازين القوى العالمية وعواطف كراهيتهم لبعض الدول الخليجية، مما يجعلها كيس الملاكمة الذي يصوبون نحوه لكماتهم للتنفيس عن غضبهم!
اللافت، أن سيل العتب المغموس بالشتائم يوجه للدول العربية والخليجية، بينما يستثني حكومات دول ومليشيات وأحزاب الممانعة التي تملك الحدود المشتركة والصواريخ العابرة، التي يبدو أنها لا توجه سوى للعرب في العراق وسورية واليمن ولبنان!
أما دعوات قطع النفط التي وجهها بعض جمهور وسائل التواصل الاجتماعي خاصة من بعض شعوب الدول التي تملك علاقات سياسية واقتصادية بإسرائيل فكان أولى بها أن تدعو لإلغاء اتفاقيات الغاز وعبور الأجواء وإغلاق قناة السويس قبل أن تدعو دول الخليج لقطع النفط، وجميعها دعوات غير عقلانية ولم تلتفت لها الحكومات لإدراكها عواقبها الاقتصادية والسياسية!
اللافت، أن نواباً حاليين وسابقين في ساحة الإرادة الكويتية رددوا مطالبات قطع النفط هم أنفسهم من يطالبون حكومة بلادهم باتخاذ قرارات شعبوية كإسقاط الديون ورفع الرواتب وزيادة الامتيازات ورفض تحصيل الضرائب، وكأن المال يهبط من السماء وليس من بيع النفط!
بينما لوح أحدهم بمساءلة وزير الخارجية في حال قبل أوراق اعتماد السفيرة الأمريكية، في نفس الوقت الذي تشتعل فيه أزمة الحدود وميناء خور عبدالله مع الجار الشمالي، وكأنه لم يستوعب أحداث التاريخ وأين تقع مصلحة بلاده!
باختصار.. في الأزمات الكبرى تحتاج المجتمعات لعقلائها لإيجاد الحلول، وليس غوغاء الشعارات الفارغة والخطب الجوفاء!