شؤون لبنانية

عريمط: “الاستحقاق ديني بامتياز وليست هناك نية لتغييب أي طرف سياسي أو محاصرته أو إلغائه”

سُلّطت الأضواء بكثافة خلال الأسابيع الماضية على حدث انتخابات المفتين المحليين للمناطق بناء على قرار مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان. وتحقّق الاستحقاق الانتخابي بعد سنوات طويلة بما ساهم في ملء مراكز الإفتاء، كخطوة ترى فيها دار الفتوى مساعِدة على تنشيط الدعوة الإسلامية وتنمية العقارات الوقفية والاهتمام بشؤون أئمة المساجد. وتحوّلت المحطة الانتخابية إلى “مصابيح تحضيرية” أحاطت أحاديث الهيئة الناخبة وكأنها أشبه بـ”إنارة مناطقية” عند الذهاب إلى الصلاة ليلاً. وجرت الانتخابات تحديداً في طرابلس، عكار، زحلة، راشيا، بعلبك الهرمل وحاصبيا مرجعيون.

وتشير المعطيات بحسب “النهار” إلى استكمال الاستعدادات لإضاءة “قناديل” الاستحقاق الانتخابي في ثلاثة مراكز إضافية العام المقبل بما يشمل جبل لبنان وصيدا وصور. وتستمر التحضيرات نفسها التي جرت لملء مراكز الشواغر في المحافظات والأقضية من حيث تهيئة الهيئة الناخبة، استناداً إلى القانون الذي أقرّه المجلس الشرعي الاسلامي الأعلى تحت عنوان نظام الجهاز الديني في لبنان المنبثق من المرسوم الاشتراعي رقم 18 الصادر عن المجلس النيابي عام 1956 وتعديلاته المتعددة. وعُلم أن المفتي دريان ارتأى إجراء الانتخابات على مرحلتين بناءً على أسباب تنظيمية إدارية، مع الاشارة إلى أنه لم يحدّد المواعيد الانتخابية المرتقبة في المراكز الثلاثة بانتظار التوقيت المناسب. واتسمت المرحلة الأولى بحسب المواكبين بأجواء هادئة عكست تقبّلاً للنتائج المنبثقة عن الانتخابات، مع مبادرة المعارضين المتنافسين غير الفائزين في طرابلس وعكار خصوصاً إلى زيارة الرابحين لتقديم التهنئة.

أي أهمية ارتبطت بالاستحقاق الانتخابي لجهة النتائج المنبثقة عنه؟ توجّهت “النهار” بهذا السؤال إلى رئيس المركز الاسلامي للدراسات القاضي الشيخ خلدون عريمط، الذي يقول إن “الخطوة التي خطاها سماحة مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان في تطبيق القانون لإجراء انتخابات المفتي المحلي، هي خطوة مهمة جداً على صعيد المؤسسات الدينية في لبنان لأنّ مثل هذه الانتخابات لم تحصل منذ ما يقارب 40 عاماً. ولم تتيسر الانتخابات في عهد المفتي الشهيد الشيخ حسن خالد بسبب الظروف الامنية والسياسية والحروب الاهلية التي جرت منذ عام 1975، ولم يكن باستطاعة المفتي خالد إجراء مثل هذه الانتخابات وإنما اضطر إلى التكليف. ولذلك، كانت آخر انتخابات عملية قد جرت في عهد المفتي الراحل الشيخ محمد علايا باستثناء انتخابات طرابلس التي أوصلت سماحة الشيخ مالك الشعار. اليوم، أكد الاستحقاق الانتخابي على الهيئة الناخبة كنخبة المجتمع الاسلامي في المناطق التي جرت فيها الانتخابات لجهة ضرورة أن تتحمل مسؤوليتها باختيار الأنسب والأصلح والأقدر للاهتمام بشؤون المنطقة التي سينتخب عنها المفتي والاهتمام بالجهاز الديني والعاملين في المساجد والدوائر والأراضي الوقفية والعمل على تنميتها”.

وينفي الشيخ عريمط، هو المقرّب الوثيق من مفتي الجمهورية، “ما أشيع في بعض الاعلام عن بعد سياسي للاستحقاق الذي كان دينياً بامتياز. ولم يحصل أي تدخل سياسي لأي طرف على الساحة اللبنانية، في وقت كان مفتي الجمهورية على مسافة واحدة من جميع الأفرقاء وتمنى على كل القوى السياسية ألا تعطي للانتخابات بعداً سياسياً؛ وإنما بقيت في إطارها الديني والوقفي التنموي الهادف إلى تنمية المؤسسات الدينية والاجتماعية والتربوية التابعة لدار الفتوى المنبثقة من الأنظمة والقوانين المرعية الاجراء كجزء لا يتجزأ من مشروع قيام الدولة ومؤسساتها. وليس لدى هذه المؤسسات الدينية أي مشروع خارج إطار الدولة اللبنانية بحدودها الجغرافية المعترف بها من كافة الدول والمنظمات الدولية. الاستحقاق ديني اجتماعي وتنموي بامتياز وليست هناك نية أو أي توجه لتغييب أي طرف سياسي أو محاصرته أو إلغائه. ومؤسسات الدار هي لكلّ المسلمين واللبنانيين وحاضنة لكلّ القيادات الاسلامية واللبنانية والعاملة على بناء الدولة الوطنية القادرة والعادلة”.

وينوّه الشيخ عريمط بدور المفتي دريان الذي “كان دائماً يقول إنه يريد تطبيق القانون، حيث دفعته الظروف الأمنية المستتبة إلى حدّ ما الآن، إلى ملء الشواغر في ستة مراكز للافتاء على مستوى الجمهورية. وإذ بقي على مسافة واحدة من كافة المرشحين، كان يردّد دائماً أن على كلّ منطقة تحمّل مسؤولية خيارها لملء الشغور. وعندما يُملأ الشغور في كافة مراكز الإفتاء، سينشّط ذلك العمل المؤسسات ويؤكد الدور الاسلامي والوطني المعتدل لدار الفتوى خاصة أن الفائزين الستة هم بالتوجه الاسلامي الوسطي المعتدل نفسه الذي يجسّده مفتي الجمهورية وأعضاء المجلس الشرعي الاسلامي الأعلى والمؤسسة الدينية الأم دار الفتوى في بيروت”. وهل ساهمت النتائج في الوصول إلى لم الشمل؟ يجيب الشيخ عريمط بأنه “لا شكّ أن النتائج التي أسفرت عنها الانتخابات كانت على المستوى المطلوب خصوصاً أن الهيئة الناخبة تمثل نخبة المجتمع الاسلامي في كلّ منطقة جرت فيها الانتخابات، وهي مكوّنة من نواب المنطقة والقضاة والمندوبين والشرعيين وأئمة وخطباء المساجد وأعضاء المجلس الاداري للأوقاف ومدرسي الفتوى ورؤساء البلديات والوزراء إن وجدوا”. ويختم: “الانتخابات ونتائجها تصبّ في مصلحة قيام الدولة ومؤسساتها الوطنية الجامعة لكل أبنائها. الاستحقاق ناجح بكل المقاييس الاسلامية والوطنية نتيجة وعي الهيئة الناخبة وحرصها وسهر الجيش وقوى الأمن الداخلي على الاستحقاق الذي لم تعكّره أي عقبة مع ترحيب بالخطوة والنتائج في غياب التدخلات وترك الخيار للهيئة الناخبة لتتحمل مسؤوليتها أمام الله وأمام الناس”.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى