رأي

عاش سلمان.

كتب وليد الجاسم في صحيفة الراي.

هل التقدم في العمر يمنع القدرة على الحكم؟ الحكم الحصيف؟ الحكم التقدمي؟ الحكم التنموي؟ الحكم المتجدد؟ الحكم الطموح القادر على خلق المستحيل وتحويله إلى واقع يغادر الأوراق والكلمات الإنشائية التي تزعج آذاننا لتصبح واقعاً نحبه ونراه ونلمسه ونعيشه كل يوم؟
هل التقدم في العمر يمنع الحاكم من أن تكون له رؤية في 2030 ثم يعلن عن رؤية 2040… وهي رؤى لا تطلق جزافاً، بل كلام يتحول إلى أفعال وأحداث وأرقام وبناء يرتفع يوماً بعد يوم على أرض الواقع؟
استمتعت واستمعت إلى المقابلة التي أجراها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان مع محاور «فوكس نيوز» وامتدت 36 دقيقة مرت سريعاً جداً، ولا يمكنك أن تفوّت منها حتى دقيقة واحدة، فهي مقابلة لا حشو فيها ولا إطناب وجناس وطباق ومحسنات لغوية، بل هي مقابلة عملية واضحة، كل كلمة قيلت فيها لها معناها ولكل جملة أبعادها، ولكل بُعد متعته الخاصة في الكلام وفي ما ورائيات الكلام.
استمتعت بذكاء المحاور بريت باير الذي سأل عن كل شيء، مثلما استمتعت بذكاء المجيب ابن الـ 38 عاماً الذي عركته السنوات الماضية في الحكم، ناهيك عن تأهيله المبكر في الصغر، وجعلت منه حاكماً ذكياً قادراً على تلقي أصعب الأسئلة والخروج منها بأذكى الإجابات الواضحة.
يعرف كيف يخاطب الإعلام الغربي ويثير مخاوف الغرب ويحفّز طموحاته مستنداً في ذلك إلى مخزون معلوماتي كبير تدعمه الأرقام والإجابات الواضحة من دون لف أو دوران اعتدناه من كثير من الحكام العرب.
محمد بن سلمان قال الكثير في بداياته، واليوم – بعد ما مضى من سنوات – رأينا الكثير مما قاله قد تحقق، والكثير مما لم يقله قد تحقق أيضاً منعكساً رضا وإيجابية وسعادة وحالة من الطمأنينة تجاه المستقبل على إخوتنا الأكارم في المملكة العربية السعودية.
تحدّث الأمير عن الاقتصاد والسياسة والإقليم والمخاوف والطموحات… تحدّث عن الرياضة والجُزر ومجموعة العشرين وبريكس… تحدّث عن النووي وهيروشيما وإيران وإسرائيل وخاشقجي… خاض في كل الزوايا الصعبة بوضوح وتمكن، ولا داعي لسرد التفاصيل، فالمهتم سيجدها وليست هي بيت القصيد في مقالنا هذا.
قال بأخلاق رفيعة رداً على المذيع… «هذا ما فعلناه وليس ما فعلته»… رافضاً أن ينسب النجاح إلى نفسه.
وقال بفخر مستحق… «أعظم قصة نجاح في القرن الحادي والعشرين هي المملكة العربية السعودية».
نظرت في نهاية المقابلة إلى الأمير الشاب وهو واقف مع محاوره في الخارج… تفكرت برهة وأنا أستحضر معلوماتي عن الحكام الكبار في العمر والحكام الشباب… وتساءلت: هل التقدم في الحكم يمنع القدرة على الحكم؟…
ثم أجبت على نفسي بالقول… «عاش سلمان»… إنه البطل الحقيقي لهذا المشهد كله.
الملك سلمان، وهو اليوم في الـ 88 من عمره المديد إن شاء الله، هو من اختار محمد بن سلمان ليحقق به طموحاته… هو الذي ربّاه وجهّزه لهذه المرحلة… هو الذي ظلله بمظلة المشروعية الكبرى التي يحملها كحاكم، هو الذي عبّد له الطريق وأزاح عن طريقه العثرات وزوّده بالقوة والمعرفة والمشروعية لتمكينه من تحقيق النجاح… ثم قال له انطلق وعين الله ترعاك… انطلق وحقق أحلامي وأحلام وطنك… انطلق وحقق الهدف.
واليوم ما الذي نراه؟ نرى… محمد بن سلمان هو شباب جسد سلمان، وهو امتداد عقل سلمان ومحقق طموحات سلمان ورؤاه… محمد بن سلمان هو نجاح سلمان… وهنا تتجلّى عبقرية الحاكم الكبير إذا حكم… ولهذا نقولها مستحقة… «عاش سلمان».

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى