صناعة الفرح في الكويت

كتب د. عادل فهد المشعل في صحيفة الراي.
انطلقت فعاليات احتفال دولة الكويت بالأعياد الوطنية مع تباشير الربيع لشهر فبراير الذي لطالما ارتبط في أعماق مشاعر الإنسان الكويتي بتجديد حب الوطن والانغماس في هذه الأرض الطيبة، وفي أسرة الصباح الكريمة التي عملت على حفظ الكويت واستمرار مشاريع التشييد والارتقاء في المجالات كافة.
نعم، يحتفل كل مواطن كويتي بتلك المناسبة العزيزة على قلوبنا جميعاً ومعنا إخوتنا وضيوفنا من الذين يشاركوننا الحياة على تلك الأرض الكريمة، وهم ينتمون إلى دول عربية وإسلامية، وأخرى دول صديقة ولهم تباين ثقافي لكنهم اندمجوا مع الكويت وايقاعاتها المختلفة.
وفي الكويت ننشد الأمن والأمان والاستقرار والازدهار، وقد تحقق ذلك عبر عقود من الزمن، وما زال يتحقق بعض الإنجازات مع معالجة حالات القصور في بعض المشاريع التي تم تنفيذها، والإصرار على تنفيذ مشاريع جديدة وفق المواصفات العالمية.
وقد فرح الشعب الكويتي عندما أعلن النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع وزير الداخلية الشيخ فهد اليوسف، انه وبأمر حضرة صاحب السمو أمير البلاد المفدى الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح، حفظه الله ورعاه، سيتم بناء «المباركية التراثية» في منطقتي الجهراء والأحمدي، الأمر الذي ترك انطباعاً إيجابياً لدى رجل الشارع الذي يتطلع إلى كل ما هو جديد ومفيد للمجتمع.
وكم لمسنا الرغبة الشديدة للشعب الكويتي للبحث عن الفرح البريء حين تم تنظيم دورة كأس الخليج العربي السادسة والعشرين في الكويت، فكانت تظاهرة رياضية اجتماعية إعلامية رائعة بحضور مجموعة كبيرة من الشعوب الخليجية والعربية، إضافة إلى الرياضيين والإعلاميين.
نعم، إن الشعب الكويتي متعطش لمظاهر الفرح بأنواعه كافة، وإلى الإنجازات المختلفة والإنسان الكويتي قادر على تحقيق ذلك بالالتفاف حول قيادته الحكيمة وسط التغيرات الإقليمية التي تحيط بنا، فنحن لا نعيش لوحدنا في هذا العالم المرتبط بمواثيق سياسية واقتصادية مختلفة.
نعم، إن الانسان الكويتي المعاصر بات يتطلع إلى تحقيق أي انجاز أو تميز في أي مجال، خصوصاً أن تحقيق ذلك ليس صعباً وليس مستحيلاً طالما نمتلك في الكويت القدرة على تحقيق تلك الإنجازات على المستوى المادي والإداري.
نعم، بات هناك من يبحث عن صناعة الفرح في الكويت رغم أنه حاضر في صور مختلفة، بيد أن هناك مواضع مؤلمة بسبب أمور عدة بدءاً ببعض المشاريع المتأخرة، مروراً بقصور في بعض عناصر البنية التحتية وانتهاء بجودة التعليم الذي يعتبر أساس التنمية في أي مجتمع.
وكون التعليم مهماً جداً، أتمنى أن يتم إنفاق المزيد من الأموال والعمل على تطويره ليس عبر المناهج فقط بل في عملية اختيار المعلمين، إضافة إلى محاربة الفساد الإداري والمالي في وزارة التربية والتعليم العالي، وقد لمسنا خطوات إصلاحية مهمة منها قرارات معالي وزير التربية، إضافة إلى تحويل ملفات الفساد إلى القضاء، حيث قرأنا خبر إصدار حكم قضائي ضد من قاموا بتسريب اختبارات الثانوية، حيث إنه تمت إدانة ستة أشخاص تم إصدار حكم بالسجن بحقهم لمدد متفاوتة تصل إلى عشر سنوات، إضافة الى غرامة مالية قدرها اثنان وأربعون ألف دينار كويتي.
بطبيعتي أحب التفاؤل والمتفائلين ولا أميل إلى التشاؤم والمتشائمين خصوصاً عندما نناقش، فنحن وإن كنا ننشد الأفضل دائماً لكن لا يعني ذلك أننا في وضع متأخر، فعلى سبيل المثال فإن المنظومة الصحية ليست في وضع كارثي، فقد رأيت دولاً ثرية جداً لديها خدمات صحية أقل من الكويت رغم أن القدرة على تشخيص الحالة المرضية هو أهم نقطة في العلاج الناجع، وكذلك الأمر بالنسبة للمؤسسة التعليمية وإن كنت أرى تراجعاً في مخرجات التعليم مقارنة بالأجيال السابقة مع تفوق كبير في مجال إجادة اللغات الأجنبية للأجيال الحالية بينما إجادة اللغة العربية كانت أفضل مع الأجيال السابقة نظراً لكفاءة المدرس والمناهج.
وإذا رأينا البنية التحتية في الكويت فهي وإن كانت بحاجة إلى إصلاح وصيانة وتطوير لكنها ليست سيئة جداً، خصوصاً عندما يقوم البعض بتجاهل التطور الملموس لصيانة الطرق مع تمنياتنا لوزارة الأشغال بالبحث عن حلول للقضاء على ظاهرة الاختناقات المرورية خلال السنوات المقبلة، كون عدد المركبات سوف يزداد في المستقبل، كما أننا لاحظنا وجود انتفاضة نوعية في عملية صيانة الطرق ونتمنى أن تكون هناك متابعة مستمرة لتلك الصيانة للحفاظ على كفاءة الطرق.
والسعادة الذاتية بحاجة إلى إنسان يميل إلى المرح والسعادة مهما كانت الظروف، وأذكر أن مدرساً قال لنا قبل أكثر من نصف قرن من الزمن إن السعادة تكمن في داخلك فلا تبحث عنها في الخارج، خصوصاً أن منغصات الحياة كثيرة ومتنوعة سواءً كنت تعيش في الكويت أو في أي بلد آخر، كما أن هناك حكمة مفادها أن المستقبل لم يعدك في أن يحقق لك السعادة.
وهناك من يمتلك قدرة ذاتية تفوق الخيال، إذ انه يصنع السعادة من أمور بسيطة جداً، اذ انني أعرف أن هناك من يشعر بالسعادة فقط لأنه يجلس مع أفراد أسرته، وهناك من يشعر بالسعادة فقط إن كان محاطاً بأصدقاء يحبهم وهناك من يشعر بالسعادة بمجرد أن يشرب الشاي أو القهوة.
وأذكر أنه في الديوانية ناقشنا هذا الموضوع حيث إن المال يساعد على منحك بذور السعادة لكنه لا يصنع السعادة بدليل أن بعض الأثرياء لا يشعر بالسعادة بينما هناك فقراء يشعرون بالسعادة.
وقال صديقنا الذي درس في الغرب واطلع على ثقافتها إن ديل كارنيغي، الذي لا أعرفه ولم أقرأ له أي شيء مترجم من قبل، حيث إنه مؤلف أميركي ومطور الدروس في مجال تطوير الذات، إذ قال «ان السعادة لا تعتمد على من أنت أو ماذا تملك، بل السعادة تعتمد على ما تظنه أنت».
إن القناعة والرضا بالقضاء والقدر هي فلسفة إسلامية نتكئ عليها من أجل التصالح مع تلك الدنيا بآمالها وآلامها مع محاولة الإخلاص بالعمل وحسن التعامل مع الجميع إلى أن تنتهي رحلتنا.
نعم، علينا أن نصنع الفرح في الكويت بطرق عدة تبعاً لاهتمامات الناس في المجتمع من مواطنين وضيوف يشاركونا الحياة في الكويت، كما أتمنى أن يكون هناك اهتمام كبير في قطاع الشباب فهم بحاجة ماسة إلى صقل مواهبهم وقضاء وقت فراغهم في أمر مفيد، ومنه العمل التطوعي حيث كان الإقبال كبيراً عندما تم طلب متطوعين في دورة الخليج الأخيرة التي أُقيمت في الكويت.
همسة:
يمكن لكل إنسان زراعة السعادة في قلبه وعقله.