سورية: تخبط حكومي يعرقل جذب المستثمرين
يسعى النظام السوري إلى جذب المستثمرين السوريين والعرب إلى بعض القطاعات الحيوية بالنسبة لها، لكن إجراءاتها على الأرض تحول دون ذلك، وخاصة رفع أسعار الكهرباء الذي أدى إلى إغلاق الكثير من المصانع في البلاد خاصة في المدن السورية الرئيسة حلب ودمشق، فيما احتفلت حكومة بشار الأسد بافتتاح منشأة كبيرة خارج البلاد.
وكشف أحد الصناعيين خلال اجتماع لاتحاد غرف الصناعة السورية في 21 إبريل/ نيسان الماضي عن توقف أكثر من 25 معملا جديدا عن العمل ومن بينها إحدى منشآته، التي اضطر لإيقافها بشكل جزئي وتسريح 165 عاملا. وحذر وفق ما نشرت وسائل إعلام محلية من خطورة استمرار تعنت الحكومة وسياسة اللامبالاة التي تساهم في تهجير الفعاليات الاقتصادية وتزيد من الأزمات المعيشية والانهيار الاقتصادي والبطالة.
وارتفعت أسعار كيلو واط الساعة بالنسبة للفعاليات الصناعية والتجارية خلال الأعوام القليلة الماضية بمقدار قارب الخمسين ضعفاً عما كانت عليه عام 2020، حيث جاء آخر ارتفاع في منتصف شهر يناير/ كانون الثاني الماضي من 950 إلى 1900 ليرة سورية، بمثابة الشعرة التي قصمت ظهر البعير كما وصفها أحد الصناعيين.
وكانت مديرية الصناعة والتجارة في حلب قد وجهت عدة نداءات إلى رئاسة مجلس الوزراء تحذر من الضرر الذي لحق بالفعاليات الصناعية نتيجة رفع حوامل الطاقة وانعكاساتها على الاقتصاد الوطني وعلى العمال وأسعار المنتجات المحلية.
وفي الوقت الذي تزداد فيه مطالب أصحاب الفعاليات التجارية والصناعية بالتراجع عن رفع أسعار الكهرباء، بدأت العديد من الفعاليات بالتوقف عن العمل أو خفض وتيرة الإنتاج من أجل تخفيف فواتير الكهرباء التي تجاوزت في بعض المعامل 500 مليون ليرة سورية خلال مدة تقل عن ثلاثة أشهر، ما أدى إلى توقيف مئات العمال عن العمل بشكل تعسفي في عدد من المدن السورية، تحت ذريعة تراكم الخسائر.
وبرر أحد الصناعيين الذي رفض ذكر اسمه، توقف منشآته وتسريح عماله بضرورة وقف الخسارة المتراكمة شهرا تلو آخر قائلاً لـ”العربي الجديد”: “لا يمكن أن نحمّل ارتفاع فواتير الكهرباء على السلع المنتجة لأننا بالأساس ننافس بأسعارنا المواد المستوردة ونقع في عجز أمام المواد المهربة، ونحن بالنتيجة نعاند نظاما اقتصاديا مبنيا على الفساد الإداري، غير قادر على حماية ما تبقى من اقتصاده، ويسعى جاهداً من خلال تجار الأزمة السورية، إلى الاستحواذ على كل منابع الربح السريع والمشبوه، سواء بطرق الاستيراد أو بالاستيلاء على الفعاليات المنتجة، وبالتالي لم يعد أمام أصحاب الفعاليات الاقتصادية في البلد إلا طريقان، إما مشاركة أحد رموز النظام أو التخلي والهجرة إلى أي بلد يقدر العمل الصناعي والحرفي ويملك قوانين ناظمة ومحمية”.
وهذا ما تحدث عنه الصناعي السوري عبد اللطيف حميدة في بداية شهر إبريل/ نيسان الماضي قائلاً لوسائل إعلام سورية: “نحن اليوم على أبواب كارثة حقيقية تهدد القطاع الصناعي الخاص ومن شأنها أن تؤدي لتوقف أغلب المعامل إن لم يكن كلها، وذلك بسبب ارتفاع أسعار الطاقة الكهربائية”. وأضاف أن معاملنا تعمل بظروف صعبة وغير صحية وقد خرجت من المنافسة من مثيلاتها في الدول المجاورة، والكهرباء عصب الإنتاج والعامود الفقري ولا يمكن بهذه الأسعار أن ننافس أو نستمر، ويجب أن تجد الحكومة حلولا مناسبة قبل أن يحصل ما لا تحمد عقباه”.
وفي الوقت الذي تقول حكومة النظام إنها تعمل على جذب المستثمرين المحليين والعرب إلى بعض القطاعات الرئيسية، حضر عدد من وزراء حكومة النظام احتفالا أقيم في فندق الداماتورز في دمشق، أقيم بمناسبة افتتاح مشروع “سورية مول” في العاصمة العمانية مسقط، والذي يعود لأحد رجال الأعمال السوريين.
وخاطب المحلل الاقتصادي عامر شهدا عقب الاحتفال رئيس وزراء النظام بقوله: هل بدأتم بتشجيع رجال الأعمال السوريين للاستثمار خارج سورية؟ وتوجه إلى رجال الأعمال السوريين بالقول: إن أبواب دمشق وفنادقها مفتوحة للإعلان وإطلاق مشاريعكم الاستثمارية خارج سورية. فنحن بلد نصفق جيدا، لمن يستثمر أمواله خارج سورية.
وكان وزير النفط والثروة المعدنية في حكومة النظام فراس قدور دعا قبل أيام “المستثمرين الوطنيين والعرب والأجانب إلى الاستثمار في الثروات المعدنية المتنوعة في سورية”، تزامنا مع تجدد إعلام النظام عن دخول بئر غاز للإنتاج.
وقال الوزير خلال فعالية أقيمت في دمشق حول الفرص الاستثمارية لاستثمار خامات الثروة المعدنية في سورية، إنه ستكون للمستثمرين الأوائل حرية اختيار المواقع الاستثمارية التي يرغبون بها مع تقديم كل الدعم الحكومي لعمليات الاستثمار.
وقدر الوزير أن هناك 21 خامة جاهزة للاستثمار وأعدت دفاتر الشروط لاستثمار 13 مشروعاً. وعن تأثر هذه المشروعات بالعقوبات الدولية المفروضة على النظام، قال إن “الحصار موجود، ولكن سيتم تأمين الظروف المناسبة لتشجيع المستثمرين، وسيتم كسر الحصار وتصدير الفائض من الثروات المعدنية”.