سورية المستقبل
كتب عماد خميس عقاب, في “الأنباء”:
بعد مرور خمسة عقود من حكم حزب البعث ونحو 13 عاما على بداية الثورة السورية، فإن سقوط النظام السوري لا يعني بالضرورة تحقيق الحرية الكاملة في سورية، فبدون توافق حقيقي بين جميع التيارات السورية، ستبقى البلاد عرضة للتدخلات الخارجية والصراعات الداخلية، وأهمية بناء حركة توافقية شاملة تضمن الأمن وتجنب النزاعات، وتؤسس لوطن يتسع للجميع.
هذه الصراعات الدائرة في سورية قد جعلت البلاد تتعرض لتدخلات خارجية تستهدف النفوذ والمصالح الإقليمية والدولية، مما أدى إلى تأزيم الوضع واستمرار العنف والدمار في البلاد. وبالتالي، فإن سورية اليوم تحتاج إلى حركة توافقية شاملة تضمن وحدة وسلامة البلاد، وتحمي سيادتها وحريتها الوطنية.
إن تحقيق الحرية الكاملة في سورية يتطلب وجود توافق حقيقي بين جميع الأطراف، سواء كانت سياسية أو دينية أو عرقية، فالتوافق الحقيقي يجب أن يشمل جميع الفئات الاجتماعية والمذهبية والثقافية، ويضمن الاحترام والمساواة والعدالة للجميع.
ومن المهم أن نذكر أن الحرب في سورية لم تكن حربا أهلية بحتة بل كانت صراعا دوليا وإقليميا، حيث انضمت دول وجماعات متنوعة للقتال على الأراضي السورية، مما أدى إلى تشتيت الجهود وعدم تحقيق الحل السياسي المنشود.
إن سورية المستقبل تحتاج إلى حركة توافقية تضمن عودة الأمن والاستقرار إلى البلاد، وتوفير الخدمات الأساسية للمواطنين، وإعادة النازحين واللاجئين إلى ديارهم، وبناء مستقبل أفضل للأجيال القادمة. وبالتالي، يجب أن يكون الحوار والتفاوض الوسيلة الأساسية في تحقيق هذا الهدف.
بالإضافة إلى ذلك، يجب على جميع الأطراف المشاركة في الحوار أن تتخلى عن المصالح الخاصة وتضع مصلحة الوطن والشعب السوري في المقدمة، كما يجب التأكيد على أهمية تحقيق العدالة ومحاسبة المسؤولين عن الجرائم التي ارتكبت خلال الأعوام السابقة، وضمان عدم تكرارها في المستقبل.
ويبرز دور المجتمع المدني والمؤسسات الحقوقية في ترسيخ ثقافة التسامح والمصالحة وصون الحقوق الأساسية للجميع. فالتوافق لا يمكن أن يتحقق إلا من خلال تعزيز الحوار والتفاهم والتعاون بين جميع الأطراف.
يجب أن يكون للثوار دور رائد في دعم عملية التوافق وتذليل العقبات أمام تحقيقه، وينبغي أيضا اصدار دستور يضمن توزيع السلطة والمسؤولية بين جميع الأطراف، وضمان حقوق الأقليات والمجتمعات الدينية والثقافية.
في النهاية، ندعو جميع الأطراف السورية إلى التعاون والتضحية من أجل الوصول إلى حل سياسي شامل يضمن تحقيق الحرية والكرامة والعدالة لشعب سورية، ونؤكد أن بناء سورية المستقبل لا يمكن أن يكون إلا بتحقيق التوافق الحقيقي بين جميع الأطراف، وبالحفاظ على وحدة البلاد واستقلاليتها، وبناء وطن جديد يتسع للجميع ويحمل الأمل للمستقبل.
حفظ الله الشعب السوري الشجاع، سورية العرب عادت إلى موقعها بين العرب.