“سقوط مفاجئ”…الدولار يصدم السوق السوداء في مصر.

تسببت خسائر مفاجئة للدولار مقابل الجنيه المصري في صدمة عنيفة للسوق السوداء والمضاربين وشكا متعاملون على الصفحات التي تتابع أسعار الصرف على منصات التواصل الاجتماعي من نزول مفاجئ في أسعار صرف الدولار في السوق الموازية إلى مستوى 38 جنيهاً مقابل أكثر من 41 جنيهاً قبل أيام.
وكشفت مصادر مطلعة عن أن الخسائر التي تطارد الدولار تعود بشكل مباشر لمجموعة من الأخبار الإيجابية، أهمها الإعلان عن انضمام مصر إلى مجموعة “بريكس” ابتداء من بداية العام المقبل، إضافة إلى تجاهل القاهرة والبنك المركزي المصري لما يجري تداوله من إشاعات تتعلق بقرب تعويم الجنيه المصري مقابل الدولار.
وتزامن ذلك مع إعلان الحكومة توفير الدولار لعدد من المستوردين وأنباء تشير إلى تنويع مصادر التمويل بعيداً من الدولار استفادة من الانضمام إلى مجموعة “بريكس“، مما دفع إلى تراجع أسعار السوق السوداء قرب مستوى 39 جنيهاً للدولار.
إلى ذلك هبطت كلفة التمويل على الديون السيادية لمصر أجل خمسة أعوام إلى أدنى مستوى في أسبوعين عند 1436 نقطة، إذ تراجعت في المتوسط بأكثر من 1.5 في المئة يومياً على مدى الأيام الخمسة الماضية، انخفاضاً من أعلى مستوى مسجل منذ يوليو (تموز) الماضي والبالغ 1562 نقطة.
التقارب مع الصين والانضمام إلى “بريكس”
في مذكرة بحثية حديثة، قالت مونيكا مالك من بنك أبو ظبي التجاري إن عضوية مجموعة “بريكس” من الممكن أن تساعد مصر في نهاية المطاف لجذب مزيد من الاستثمارات. وأضافت، “انضمام مصر أمر إيجابي بالنسبة إليها… صحيح أنه من المتوقع أن يكون التأثير محدوداً على المدى القريب، لكنه ربما يساعد في تعزيز علاقاتها مع اقتصادات الأسواق الناشئة الرئيسة”.
بينما قال المحلل من شركة “إف أي إم بارتنرز” تشارلز روبرتسون إن “الحصول على تمويل منخفض الكلفة من بنك التنمية الجديد سيساعد مصر، فضلاً عن التقارب مع الصين التي تعد مصدراً محتملاً للاستثمار الأجنبي الضخم المباشر في الصناعة المصرية”.
وأضاف في تقرير حديث أن “مصر لديها حاجتان ملحتان هما الحصول على استثمار أجنبي مباشر وديون أقل كلفة وقد تسهم عضوية بريكس في تحقيقهما”.
ومع حال الاستقرار التي تشهدها سوق الصرف الرسمية في مصر، تستعد القاهرة للحصول على قرض جديد من صندوق النقد الدولي قبل نهاية العام الحالي بقيمة إجمالية تصل إلى 1.3 مليار دولار في إطار برنامج “الصلابة والاستدامة” الذي أطلقه الصندوق الدولي لدعم نحو 70 بلداً حول العالم تعاني ندرة في النقد الأجنبي، ومن المقرر أن تحصل مصر على 700 مليون دولار كشريحة ثانية وثالثة من القرض بعد الانتهاء من المراجعة الثانية في منتصف سبتمبر (أيلول) المقبل.
وتشهد مصر أزمة خانقة تتعلق بشح الدولار منذ الإعلان عن خروج أكثر من 20 مليار دولار من الأموال الساخنة خلال الربع الأول من العام الماضي.
ولجأت الحكومة المصرية بالتعاون مع البنك المركزي إلى إجراءات عدة، كما أطلقت مبادرات كثيرة لتحفيز حصيلتها من العملات الصعبة أسفرت عن استقرار احتياطات البلاد من النقد الأجنبي عند مستوى يتجاوز 34 مليار دولار في الوقت الحالي.
وكانت القاهرة توصلت إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي نهاية أكتوبر (تشرين الأول) 2022 للحصول على تمويل بقيمة 3 مليارات دولار يمتد إلى أربعة أعوام، وتسلمت الشريحة الأولى التي تصل قيمتها إلى نحو 350 مليون دولار على أن تحصل على القيمة نفسها بعد إنهاء المراجعة الأولى التي كانت مقررة في مارس (آذار) الماضي قبل تأجيلها إلى سبتمبر المقبل.
مبادرة جديدة لتعزيز حصيلة الدولار
وفي إطار تعزيز مصادر النقد الأجنبي، اتخذ رئيس مجلس الوزراء المصري مصطفى مدبولي قراراً ينص على أنه يتعين على الأجانب المتقدمين إلى الإدارة العامة للجوازات والهجرة والجنسية للحصول على حق الإقامة للسياحة أو غير السياحة، تقديم إيصال يفيد بتحويلهم ما يعادل رسوم “الإقامة وغرامات التخلف وكلف إصدار بطاقة الإقامة” من الدولار أو ما يعادله من العملات الحرة إلى الجنيه المصري من أحد البنوك أو شركات الصرافة المعتمدة.
ووفقاً للقرار أيضاً، يجب على الأجانب المقيمين في البلاد بصورة غير شرعية توفيق أوضاعهم وتقنين إقامتهم شريطة وجود مستضيف مصري الجنسية، وذلك خلال ثلاثة أشهر من تاريخ العمل بهذا القرار، مقابل سداد مصاريف إدارية بما يعادل ألف دولار أميركي تودع في الحساب المخصص لذلك وفقاً للقواعد والإجراءات والضوابط التي تحددها وزارة الداخلية.
في السياق ذاته وفي إطار المبادرات التي أطلقتها الحكومة المصرية، قدر مسؤول في وزارة المالية، إجمالي كمية الذهب التي دخلت إلى البلاد بصحبة الوافدين من الخارج بعد تطبيق قرار الإعفاء من الضريبة الجمركية والرسوم بأكثر من 1.5 طن خلال فترة أقل من أربعة أشهر منذ الـ11 من مايو الماضي وحتى نهاية أغسطس (آب) الجاري.
وألغى مجلس الوزراء الجمارك والرسوم الأخرى عدا ضريبة القيمة المضافة على الذهب المقبل بصحبة المصريين في الخارج بهدف ضبط الأسواق وإعادة الاستقرار والتوازن للأسعار وتقليل الفجوة مع الأسعار العالمية، بعدما كانت شهدت ارتفاعات قياسية واتسعت الفجوة مع الأوقية العالمية لأكثر من 35 في المئة، ويعفي القرار من الضريبة الجمركية ورسوم الدمغ والتثمين واردات الذهب بأشكال نصف مشغولة والذهب المعد للتداول النقدي والحلي والمجوهرات وأجزاءها من معادن ثمينة، وإن كانت مكسوة أو ملبسة بقشرة من معادن ثمينة.
استقرار أسعار الصرف في البنوك المصرية
في السوق الرسمية، ومنذ الخفض الأخير في يناير (كانون الثاني) من العام الحالي، تشهد أسعار صرف الدولار حالاً من الهدوء والاستقرار، ففي أكبر بنكين محليين من حيث الأصول والتعاملات وهما بنكا “الأهلي المصري” و”مصر”، سجل سعر صرف الدولار مستوى 30.75 جنيه للشراء و30.85 جنيه للبيع.
وفي البنوك الخاصة سجل سعر صرف الورقة الأميركية الخضراء مستوى 30.88 جنيه للشراء و30.95 جنيه للبيع لدى “البنك الأهلي الكويتي”، وسجلت متوسطات أسعار الدولار مقابل الجنيه في “البنك المركزي المصري” نحو 30.84 جنيه للشراء و30.93 جنيه للبيع.
على صعيد العملات الرئيسة، سجلت أسعار العملة الأوروبية ارتفاعاً ملحوظاً ما بين 20 إلى 21 قرشاً شراءً وبيعاً في البنوك المصرية، ولدى بنوك الأهلي المصري وبنك مصر سجل سعر صرف اليورو مستوى 33.58 جنيه للشراء و33.74 جنيه للبيع، وفي البنك الأهلي الكويتي سجل مستوى 33.71 جنيه للشراء و33.85 جنيه للبيع، ولدى البنك المركزي المصري استقر سعر صرف اليورو عند مستوى 33.57 جنيه للشراء و33.69 جنيه للبيع.
كما سجل الجنيه الاسترليني ارتفاعاً ملحوظاً ما بين 28 إلى 22 قرشاً شراء وبيعاً في البنوك المصرية. وسجل لدى بنوك الأهلي المصري وبنك مصر مستوى 39.08 جنيه للشراء و39.28 جنيه للبيع، وفي البنك الأهلي الكويتي سجل 39.25 جنيه للشراء و39.31 جنيه للبيع، ولدى البنك المركزي المصري استقر سعر صرف الجنيه الإسترليني عند 39.04 جنيه للشراء و39.17 جنيه للبيع.
وعلى صعيد العملات العربية، سجل سعر صرف الريال السعودي مستوى 8.19 جنيه للشراء و8.22 جنيه للبيع لدى بنوك الأهلي المصري وبنك مصر، وسجل سعر صرف الدرهم الإماراتي مستوى 8.38 جنيه للشراء و8.39 جنيه للبيع. أما سعر صرف الدينار الكويتي، فسجل مستوى 99.25 جنيه للشراء و11.18 جنيه للبيع.