زيارة القادة الأوروبيين واشنطن أتت بثمارها

كتب نيل ماكفاركوهار, في نيويورك تايمز:
يبدو أن التدافع المفاجئ لزعماء أوروبا إلى زيارة واشنطن لدعم موقف أوكرانيا في أي اتفاق سلام مستقبلي مع روسيا قد أثمر – على الأقل على المدى القصير – مع تركيز المحادثات على الضمانات الأمنية لأوكرانيا.
أثار استقبال الرئيس الأميركي دونالد ترمب الحار في ألاسكا الرئيس للروسي فلاديمير بوتين، الذي كان في عزلة دبلوماسية لأكثر من ثلاث سنوات بعد غزوه الكامل لأوكرانيا، مخاوف من أن ترمب بصدد صياغة اتفاق سلام يستند إلى المطالب الروسية.
لكن ما حدث بدلاً من ذلك هو أن الوجود التاريخي للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي وسبعة من كبار الزعماء الأوروبيين في البيت الأبيض يبدو وكأنه تسبب في إحباط هذه النتيجة، ناهيكم بتكرار الاجتماع الكارثي في فبراير (شباط) الماضي عندما انتقد ترمب زيلينسكي بشدة في المكتب البيضاوي.
ابتداءً من زيلينسكي، يبدو أن كل الزعماء الحاضرين أدركوا أن تملق ترمب كان السبيل الأضمن لتجنب عرقلة المحادثات. لذا؛ فقد شددوا في ملاحظاتهم الافتتاحية على حقيقة أن ترمب قد اقترح أن تلعب الولايات المتحدة دوراً لم يُحدد بعد في الضمانات الأمنية.
تركزت المناقشات يوم الاثنين الماضي على هذه القضية وبعضٍ من القضايا الأخرى، وفقاً لتصريحات أدلى بها زعماء مختلفون بعد مناقشات استمرت لأكثر من ساعتين.
وصرح زيلينسكي للصحافيين في مؤتمر صحافي بالبيت الأبيض قائلاً: «من المهم بالنسبة للولايات المتحدة أن تبعث إشارات بأنها ستساعد». وأضاف: «هذه خطوة كبيرة إلى الأمام. فالإرادة السياسية موجودة». وأشار إلى أن الأمر سوف يستغرق 10 أيام أخرى على الأقل لتحديد التفاصيل، رافضاً الخوض في المزيد من التفاصيل، ولكن الاتفاق حتى الآن يتضمن التزاماً من أوكرانيا بشراء نحو 90 مليار دولار من المعدات العسكرية الأميركية من خلال حلفائها الأوروبيين، بما في ذلك أنظمة الطيران وأنظمة مضادة للصواريخ. وقال إن أوكرانيا قدمت قائمة بالأسلحة، رغم أنه لم يتضح بعد ما ستكون عليه النتيجة النهائية. وزاد: «لم نتأكد أن كل شيء سيُمنح، لكنها مجرد بداية».
إضافة إلى ذلك، سوف تشتري الولايات المتحدة طائرات مسيَّرة أوكرانية عندما تبدأ البلاد في تصديرها. وقال زيلينسكي: «إن هذا سيكون مهماً جداً بالنسبة إلينا». وأضاف: «إنه سيساعد على تمويل إنتاجنا الخاص».
خلال مقابلة على شبكة «فوكس نيوز»، أقرَّ مارك روته، الأمين العام لحلف شمال الأطلسي، بأن التزام إدارة ترمب بتوفير ضمانات أمنية للأوكرانيين لا يزال غامضاً. وقال روته: «إن ما سيعنيه ذلك بالضبط – أي تدخل الولايات المتحدة – والذي سوف تتم مناقشته في الأيام المقبلة»، على الرغم من أنه وصف مشاركة الولايات المتحدة بأنها «أختراق».
وصرح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بأن القادة الأوروبيين يريدون التأكيد على أن أوكرانيا في حاجة إلى جيش قوي. وأضاف: «إننا سنحتاج إلى مساعدة أوكرانيا بقوات برية؛ للتأكد من عدم وجود تدخل من روسيا في المستقبل».
كما أعرب الأوروبيون عن قلقهم بشأن تأكيد ترمب على إمكانية التفاوض على معاهدة سلام من دون وقف إطلاق النار. وأشار ماكرون إلى أنهم لا يزالون قلقين بشأن هذه الفكرة. وقال: «إن الرئيس ترمب مقتنع بأنه يستطيع التوصل إلى اتفاق سلام من دون وقف لإطلاق النار؛ ولذلك سنرى ما سيحدث، وسنرى كيف ستتطور الأمور». وأضاف: «ولكننا جميعاً أبلغناه بأننا لا نستطيع مناقشة اتفاق سلام يستغرق أياماً عدة، أو أسابيع عدة، مع استمرار إلقاء القنابل على أوكرانيا». وأكد ماكرون أن عقوبات جديدة – مباشرة وثانوية – لا تزال مطروحة على الطاولة إذا لم يلتزم بوتين بالاتفاق.
وقال ماكرون إن ترمب وافق على أن وقف القتل هو أولوية. وأضاف أن «مسألة الضمانات الأمنية غلبت على معظم المناقشات؛ لذلك لم يتم التطرق إلى مسألة تبادل الأراضي يوم الاثنين». وكان الأوروبيون متخوفين من أن تسلم واشنطن للكرملين أجزاء من أوكرانيا التي لم يتمكن من الفوز بها في ساحة المعركة.
وقال الرئيس الأوكراني إنه رفقة الرئيس ترمب قد أجريا بالفعل مناقشة بشأن هذه المسألة أمام خريطة كبيرة لساحة المعركة كانت مُعلقة على حامل في المكتب البيضاوي. ورغم أن زيلينسكي قال إنه لا يوافق تماماً على ما تُظهره الخريطة، فإنه لم يُسهب في التفاصيل.
من جانبه، قال ترمب إن الخطوة التالية يجب أن تكون إجراء محادثات مباشرة بين بوتين وزيلينسكي، وربما يكون الزعيمان فقط أولاً ثم بمشاركته. وقال زيلينسكى إنه مستعد لإجراء مثل هذه المحادثات في أي صورة.
في موسكو، لم يذكر يوري أوشاكوف – أحد مساعدي بوتين في مجال الشؤون السياسية – أي مشاركة من هذا القبيل من قِبل الزعيم الروسي في ملخص أدلى به حول مكالمة هاتفية أجراها ترمب مع بوتين في منتصف اجتماعات يوم الاثنين.
وكان من بين القادة الأوروبيين الآخرين الذين حضروا الاجتماع رئيس وزراء بريطانيا كير ستارمر، والمستشار الألماني فريدريك ميرتس، ورئيسة وزراء إيطاليا جيورجيا ميلوني، ورئيس فنلندا ألكسندر ستوب، ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، الذراع التنفيذية للاتحاد الأوروبي.
خلال تصريحاته الموجزة في ألاسكا يوم الجمعة الماضي، قال بوتين إنه يأمل في ألا يتدخل الأوروبيون في أي اتفاقات توصل إليها مع ترمب، وهو ما لم يحدده. ولكن بدا الأوروبيون مقتنعين بأنهم حققوا ما جاءوا من أجله.
وقال زيلينسكي: «لم تُتخذ قرارات غير مقبولة. أعتقد أن كل واحد منا قد أدى واجبه على الوجه الأمثل».