حسين زلغوط
خاص_ رأي سياسي
تشهد الساحة اللبنانية زحمة زيارات لوفود ومسؤولين دوليين ، بغية لقاء مختلف القيادات الفاعلة على المستوى الرسمي والسياسي ، وسط حالة من الترقُّب لمدى قدرة اصحاب هذه الزيارات من مقاربة الاستحقاق الرئاسي الشائك .
واذا كانت هذه الحركة الدولية تعكس اهتماماً بمتابعة الملف اللبناني، وتأتي في سياق الجهود المبذولة من قبل الدول المهتمة بمساعدة لبنان، فانه لم يلح في الافق اي مؤشر يوحي بامكانية نجاح المساعي القائمة في إخراج لبنان من أزمته التي يبدو انها ما زالت مستعصية.
ففي حين تنتظر بيروت الزيارة الثالثة للموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان في النصف الثاني من ايلول ما لم يطرأ ما يؤجلها بعض الوقت ، فقد وصل إلى بيروت امس المبعوث الأميركي لشؤون أمن الطاقة آموس هوكشتاين واجرى سلسلة لقاءات مع المسؤولين، كان طابعها نفطي والحدود، غير انه عرّج في احاديثه في عين التينة والسراي على الملف الرئاسي من باب الاستفسار واستمزاج الرأي ومصارحة كل من التقاهم بضرورة الاسراع في انتخاب رئيس لأنه بذلك ينتظم عمل المؤسسات وتوضع كل الملفات على مشرحة الحل، من دون ان يطرح أية فكرة يمكن وضعها في خانة المساعدة الاميركية في انجاز الاستحقاق الرئاسي.
وتزامنت زيارة هوكشتاين، مع الإعلان عن وصول وزير خارجية ايران حسين امير عبد اللهيان اليوم بعد زيارة قام بها الى دمشق، للقاء عدد من المسؤولين اللبنانيين..
كما انه قد يلتقي مروحة واسعة من القوى السياسية في لقاء يعقد في السفارة في بيروت على جري العادة خلال زيارة اي مسؤول ايراني الى لبنان، كما انه يتوقع ان يحضر المسؤول الايراني المهرجان الذي يقام عصر اليوم في الذكرى ال45 لتغييب الامام موسى الصدر ورفيقيه ، وتأتي اهمية هذه الزيارة لرأس الدبلوماسية الايرانية انها تحصل في اعقاب اللقاءات التي عقدها في السعودية في زيارته الاخيرة اليها والتي ركزت على العلاقات الثنائية التي تعود تدريجيا الى طبيعتها ، وتدرجت النقاشات بالطبع الى الوضع اللبناني وما يمكن فعله لمساعدة لبنان للخروج من المأزق الدستوري الرئاسي، حيث من المتوقع ان يعكس الدبلوماسي الايراني موقف بلاده الثابت في ترك اللبنانيين يحلون مشاكلهم بأنفسهم، وأن طهران في غير الوارد الدخول مباشرة على خط الاتصالات الجارية لمعالجة الازمة الرئاسية ، وهي كررت اكثر من مرة انها لن تملي على “حزب الله” اخذ اي قرار الا اذا كان هو مقتنعا به، ويبدو من خلال بعض المعلومات التي تتسرب حول جولة عبد اللهيان الى كل من سوريا والسعودية ولبنان ان محادثات هذا الرجل تتناول اوضاع المنطقة بشكل عام وتتركز بشكل اساسي على وضع اليمن.
وفي رأي اوساط سياسية ان الحركة الدبلوماسية التقليدية والكلاسيكية التي تبدي حرصا على استقرار لبنان هي قائمة باستمرار، غير ان مثل هذه الزيارات لن تسمن ولن تغني من جوع على مستوى انتخاب رئيس ، كون ان الاهتمام الدولي الجدي لانجاز الاستحقاق الرئاسي لم يُلحظ بعد، وان ما يجري هو مجرد زيارات استطلاعية بانتظار ان يحين الوقت لبذل الجهود التي توصل الى ايجاد الارضية الملائمة التي تمكن مجلس النواب من الالتئام وانتخاب رئيس جديد للبنان.
وتؤكد الاوساط ان الاستحقاق الرئاسي قد يُرحل الى العام المقبل، ما لم يحمل الموفد الفرنسي مبادرة الى بيروت تكون ملزمة لجميع الاطراف نتيجة توافق اقليمي دولي لانتخاب الرئيس ، مشددة انه على الرغم من تبدل مشهد المنطقة بعد تبريد الساحات في اكثر من مكان ، الا ان الامور لم تصل بعد الى مرحلة التقاطع الخارجي على ضرورة حل الازمة الرئاسية في لبنان ، وعلى ما يبدو ان هناك من النقاط الخلافية التي ما تزال تقف عقبة امام الاجماع الاقليمي والدولي على انجاز الانتخابات الرئاسية، الى جانب الانسداد الموجود في الافق اللبناني الذي يمنع على اولياء الأمر من اللقاء والتحاور وصولا الى عودة الثقة بين القوى السياسية بما يسهل التفاهم على رئيس يكون على مسافة من كل الاطراف على قاعدة لا غالب ولا مغلوب.