رأي

رشيد كرامي.. أين رجال الدولة أمثالك؟

كتب صلاح سلام في “اللواء”:

رشيد كرامي لا يُستذكر بيوم وفاته، لأن ذكراه تبقى حية في ذاكرة الوطن، ومسيرته الحافلة بالمواقف والإنجازات المشهودة باتت جزءًا لا يتجزأ من تاريخ الوطن.لم يكن أفندي طرابلس زعيماً لعاصمة الشمال وحسب، والشمال كله أدان له بالزعامة، بقدر ما كان رجل دولة من الطراز الرفيع، جمع في شخصيته الولاء والتضحية من أجل الوطن، والعمل الدؤوب من أجل الحفاظ على مكانة الدولة وهيبتها، إلى جانب التركيز على توفير مقومات الأمن والإستقرار والإزدهار للبنانيين، دون تفرقة أو تمييز.adترأس رشيد كرامي أطول الحكومات عمراً في عهد الرئيس المؤسس فؤاد شهاب، وشارك، من موقعه في السلطة التنفيذية، في وضع الأساس المتين لبناء الدولة الحديثة، دولة المؤسسات والعدالة والمساواة، من البنك المركزي ومجلس الخدمة المدنية وهيئة التفتيش المركزي، إلى ديوان المحاسبة وصندوق الضمان الإجتماعي، إلى بقية المؤسسات الرقابية والخدماتية التي قامت في العهد الشهابي، ورسمت خريطة دولة المؤسسات في الجمهورية الفتية.مواقفه الوطنية والقومية تشهد على لبنانيته المميزة، المقرونة بروابط العروبة المتينة، حيث كان حريصاً على مراعاة دقة التركيبة اللبنانية في التعاطي مع الملفات الخارجية، العربية منها والأجنبية، متجنباً الأزمات والمطبات التي أخرجت الوطن الصغير عن حياده في الخلافات الخارجية، وورطته في مشاكل داخلية، مع تأكيد الإلتزام بالإنتماء العربي، وبمسار القضية الفلسطينية، وفي الحفاظ على أطيب العلاقات مع الأشقاء العرب، على خلفية أن سوريا هي بوابة لبنان إلى العالم العربي.لم يستسلم لضغوط الترهيب والترغيب، في مرحلة كان الوطن فيها يغلي على فوهة بركان فجّر حروباً عبثية، وأطاح بمقومات السلم الأهلي. وبقي على إيمانه بأن أزمات لبنان ومشاكله الطائفية لا تحل إلا بالحوار، وليس بالمدفع واللجوء إلى العنف في الشارع، وعندما تواصل مع قيادات الصف الأول في الجانب المسيحي، وكانوا رجالات دولة مميزين، إمتدت يد الغدر لإغتياله مع المشروع الوطني لإنهاء الحرب وإعادة بناء الدولة، الذي كان يحمله في رحلته الأخيرة من الفيحاء إلى بيروت.رشيد كرامي ..يا شهيد لبنان الكبير، ما زلت حياً في ذاكرة الوطن الذي يفتقد هذه الأيام إلى رجال دولة من أمثالك في الحكمة والشجاعة، والإخلاص لهذا الشعب المقهور .

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى