رأي

خطة الاقتراض السعودية 2024

كتب طلعت حافظ في صحيفة الرياض.

اعتمد وزير المالية الأستاذ محمد بن عبدالله الجدعان خطة الاقتراض السنوية للعام المالي 2024، بعد مصادقة مجلس إدارة المركز الوطني لإدارة الدين عليها، والتي قد تضمنت أبرز تطورات الدين العام ومبادرات أسواق الدين للعام 2023، وخطة التمويل للعام المالي الحالي 2024 ومبادئها التوجيهية، إضافة إلى تقويم عام 2024 لإصدارات الصكوك، ضمن برنامج صكوك المملكة المحلية بالريال السعودي.

تضمنت خطة الاقتراض السعودية أيضاً التوقعات التي تشــكل الاحتياجات التمويليـــة للعـــام المالي 2024 بمـــا يقـــارب 86 مليـــار ريـــال؛ شاملة سداد مستحقات أصل الدين للعام المالي، إضافة إلى تغطية العجز المتوقع في الميزانية العامة للدولة للعام الحالي المقدر بمبلغ 79 مليار ريال، وبهذا يتوقع أن يصل حجم الاقتراض بمحفظة الديـن إلى حوالي 1,115 مليـار ريـال بحلول نهايـة العـام الجاري 2024.

تجدر الإشارة إلى المملكة العربية السعودية، تدير احتياجاتها التمويلية من خلال المركز الوطني لإدارة الدين العام، الذي تأسس في بداياته كمكتب ثم تَحول إلى مركز، كأحد مبادرات برنامج التحول الوطني، متمتعاً بشخصية اعتبارية مستقلة مالياً وإدارياً، ويرتبط تنظيميًا بوزير المالية.

من بين أبرز مهام المركز، القيام بمهام إدارة الدين ليشمل ذلك تأمين احتياجات المملكة من التمويل بأفضل التكاليف الممكنة على المدد القصيرة والمتوسطة والبعيدة التي تتوافق مع السياسات المالية للمملكة، بما في ذلك تحقيق مفهوم استدامة التمويل بوصول المملكة الى مختلف الأسواق العالمية متى ما احتاجت لذلك بأسعار عادلة.

ومن بين مهام المركز كذلك، إدارة مخاطر الاستدانة، حيث يقوم المركز بالموازنة بين قرارات التمويل مع خمس اعتبارات للمخاطر وهي: السيولة، وإعادة التمويل، وأسعار الفائدة، وأسعار الصرف والتصنيف الائتماني.

الجدير بالذكر أن المركز قد شَهد توسعاً ملحوظاً في نطاق أعماله، حيث لم تَعد مهامه منحصرة ومقتصرة فقط على تمويل الاحتياجات التمويلية للمملكة، بل امتدت لتشمل متابعة اعمال التصنيف الائتماني ورفع القدرات البشرية وتقديم الاستشارات الإدارية والفنية للجهات الحكومية والشركات التي تمتلك فيها الدولة ما يزيد على (50 %) رأس مالها والمؤسسات العامة، في مجالات تسعير أو هيكلة التمويل، أو سياسات التحوط، أو علاقات المستثمرين، أو التصنيف الائتماني، أو غيرها من الخدمات ذات العلاقة.

وتشمل خطة الاقتراض السنوية هذا العام تلبية الاحتياجات التمويلية للمملكة؛ عن طريق عمليات التمويل المحلية والدولية، إلى جانب تغطية العجز المتوقع في ميزانية عام 2024، وكذلك سداد أصل الدين المستحق خلال العام الحالي وعلى المدى المتوسط، بما في ذلك اغتنام الفرص المتاحة حسب أوضاع السوق لتنفيذ عمليات تمويلية إضافية لسداد مستحقات أصل الدين للأعوام القادمة، بما يعزز النمو الاقتصادي، مثل تمويل المشاريع التنموية ومشاريع البنية التحتية.

يُذكر أن حجم محفظة الدين العام خلال عام 2023 ارتفـــع بحوالـــي 60 مليـــار ريـــال ليصل حجم الدين إلـــى 1,050 مليـــار ريـــال، مـــا يعـــادل 25.4 % مـــن الناتـــج المحلـــي الإجمالي مقارنـــة بــ 23.8 % بنهايـة عـــام 2022، ويتوقع أن تصل النسبة في عام 2024 إلى 26.2 %، والتي لا تزال رغم ذلك ضمن الحد المستهدف وهو 30 %.

من المهم جداً الإشارة إلى أن المملكة تقترض إما لتمويل عجز الميزانية، أو لتمويل مشاريع تنموية مجدية اقتصادياً واستثمارياً، تَعود بعوائد تفوق بكثير تكلفة الاقتراض، مما يطمئن على أن الاقتراض صحي وليس ضار، كما أنها تقترض بأسعار تفضيلية ومتميزة، نتيجة للسمعة الائتمانية الممتازة التي تتمتع بها، حيث رفعت وكالة فيتش التصنيف الائتماني للمملكة إلى A+ مع نظرة مستقبلية مستقرة، في حين أكدت وكالة موديز على التصنيف الائتماني A1 مع تعديل النظرة المستقبلية إلى إيجابية، مما ساهم في اقتراض المملكة بتكلفة وأسعار تمويل معقولة جداً رغم ارتفاع أسعار التمويل العالمية، حيث تَمكنت من الاقتراض بأسعار قاربت 3.6 % بنهاية العام الماضي، مع رفع مستوى متوسط عمر المحفظة إلى حوالي 9.5 سنوات بنهاية نفس العام.

أخلص القول؛ بأن المركز الوطني لإدارة الدين العام يقوم بأعمال جليلة ترتبط بجانب وضع السياسات والخطط والبرامج التمويلية التي من شأنها أن تعزز سياسة الدين العام للمملكة، وضمان استدامة وصول المملكة إلى مختلف أسواق الدين المحلية والعالمية بتسعير عادل، بما في ذلك الإسهام في تعزيز السياسة المالية للمملكة واعتماد مؤشرات ومعايير قياس أداء مستويات الدين العام، ومؤشرات التصنيف الائتماني للمملكة، وتطوير هذه المؤشرات والمعايير بشكل مستمر بالتعاون مع الجهات الحكومية ذات العلاقة، ليشمل ذلك تطوير الأدوات والمنهجيات والأساليب اللازمة لسداد الدين العام.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى